لا أحد يربيه الشك في كون رهانات إصلاح المنظومة التربوية- التي تروم الى تحقيق الجودة التعليمية- قد اصطدمت تحضيراته و تطبيقاته كثيرا على أرض الواقع، أمام غول تكديس الحجرات الدراسية، الذي أرخى بظلاله المخيفة و ثقله المقيت على ثلاثة عناصر محورية، تقف موقف الحجر الأساس في تشكيل و صياغة العملية التدريسية الناجحة. ويتعلق الأمر ب: 1- المدرس: إذا كانت الإدارة التربوية غير معنية بعملية تكديس الحجرات الدراسية – وذلك انسجاما مع روح إستراتيجية تعميم التمدرس من جهة و تنفيذا للمذكرات الوزارية و الجهوية و الإقليمية من جهة أخرى- فإن الفاعلين التربويين تصدعوا كثيرا ( نفسيا و عمليا) من هول هذه الفيضانات البشرية التي اجتاحت الحقل البيداغوجي ، و أصبحت معه المحاصيل التربوية مهددة بالغرق و الموت" خصوصية مدرسة النجاح، مشروع بيداغوجيا الإدماج و تحقيق الجودة التعليمية. إذ كيف يمكن تطبيق بيداغوجيا الإدماج و بالتالي تحقيق كفايات( شفوية و كتابية) في حجرات تئن بالاكتظاظ و التزاحم و التدافع؟ و الحال، أن من جملة الإشكالات التي دفعت بالشغيلة التعليمية نحو الانخراط في كل الإضرابات التي تدعو إليها المنظمات النقابية ، سواء منها المشاركة في الحوار الاجتماعي أي ذات التمثيلية في الغرفة الثانية ، أو المستقلة هناك: - استمرارية انتشار ظاهرة الاكتظاظ. - إثقال كاهل المدرسين بمذكرات وزارية جديدة، أي بمهام و مسؤوليات إضافية ( مذكرة تنظيم الامتحانات رقم: 105 على سبيل المثال). إذ يكفي أن الفاعلين بالسلك الابتدائي يقومون ب: 1- دور التدريس و الحراسة في الامتحانات و التصحيح ، ثم إدخال النقط و إعداد النتائج لأصحابها. 2- دور الحراسة أثناء فترات الاستراحة ، الشيء الذي يغيب نهائيا في الأسلاك المتبقية. 3- مراجعة الملفات المدرسية و التأكد من عددها،الذي يجب أن يناسب عدد المتعلمين المتواجدين بالقسم، باستثناء الوافدين الجدد على المؤسسة. ثم التحقق من الصور الناقصة و دفتر التتبع و دفتر التنقيط و الدفتر الصحي. 4- تعبئة جميع المراسلات الرامية إلى إحصاء المتعلمين حسب تواريخ الازدياد ثم المكررون فالمنقطعون ثم المواصلون للسير الدراسي. 5- السهر على تدوين الغياب و تقديم الحصيلة الشهرية للإدارة. 2- المتعلم: لا نبالغ إذا قلنا: أن نفسية المتعلم أزهقت- عفوا أرهقت- لكثرة الاكتظاظ الذي تعرفه حجرته الدراسية، و حتى أضحت شهيته مفقودة في تحصيل المعلومات و التعلمات ، مادام غير مرتاح و لا مستقر الوجدان و البال. وغني عن التذكير، أن من أهم شروط تكيف المتعلم مع حجرته الدراسية و المدرس و أصدقاء القسم و المادة المدرسة هناك: حصول الانسجام و الرغبة الداخلية في التحصيل و الاستقرار النفسي و الوجداني. إذ بقدر ما تتحقق هذه الشروط ، ينخرط المتعلم في أوراش العمل و الدراسة عن حب و جد. و بقدر ما تغيب هذه المستلزمات ، تظهر ملامح النفور عليه و مؤشرات الملل و القنط و التوتر النفسي. وبناء على ماسبق أقول: إن اتساع الفضاء المدرسي، و قلة المتعلمين إلى حدود (30 تلميذ) في الحجرة الدراسية ،و خلق نظام التخصصات بمؤسساتنا التعليمية الابتدائية: لمدخل أساسي لمعالجة الاختلالات الحاصلة في نظامنا التعليمي ، و لمستلزمات محورية لتحقيق النهوض بالمدرسة الوطنية. 3- الحجرة الدراسية: حتى تحقق العملية التدريسية نجاحها و مقاصدها الكبرى، لا بد من توفير حجرة دراسية تتوفر فيها شروط الفعل التربوي و مستلزمات الفعل التعلمي بدءا بالنظافة و الإنارة والتهوية الصحية و التجهيزات الكاملة: مقاعد مريحة ووسائل ديداكتيكية و جدران ملونة و مشاجب لملابس التلاميذ التي تصبح ضرورية في فصل الشتاء. إذ لا خير في حجرات دراسية تنعدم فيها التهوية و النظافة و الإنارة و لو كان عدد المتعلمين بها قليل. إن الحجرة الدراسية- شئنا أم أبينا- تظل الركيزة الأساسية لاستمالة المتعلم نحوا لالتفاف على المعرفة بشراهة، تماما كما تثير مائدة الطعام شهيته و فضوله في معرفة من وراء صناعة هذه الوجبة اللذيذة. * ترى إلى أي حد يمكن الحديث عن الحكامة و الجودة التعليمية و حجراتنا لدراسية لازالت تعج بالاكتظاظ ؟ *ألم يتفهم الجميع أن معضلة الاكتظاظ كانت السبب الرئيسي وراء إفشال بيداغوجيا الإدماج؟ ألم يكن عامل الاكتظاظ واحدا من بين الاختلالات التي رصدها المجلس الأعلى للتعليم؟* إذن متى ستتخلص المدرسة المغربية من ظاهرة الاكتظاظ؟* ذ: الحسين وبا