أكد الخبير التربوي محمد مكاوي أن المدرسة المغربية تعيش أزمات متتالية على مستويات عدة، يكاد يكون من الصعب على أي متخصص حصر تجلياتها، أو التكهن بعواقبها، حيث مرت عليها أزمنة طويلة من النفخ ضخمها، لدرجة جعل القائمين عليها يعيشون الوهم ويدافعون عنه". وتابع مكاوي، في اتصال مع هسبريس، أن دفاع هؤلاء القائمين على المدرسة المغربية لم يكن أبدا عن الحق في المدرسة، أو الحق في التعلم، بقدر ما هو دفاع عن مصالح شخصية ظاهرها مصلحة عامة"، مشيرا إلى أنه في تجديد الهياكل "تتجدد أدوات النفخ وأساليبه، وتتنوع بتنوع المصالح حتى تبدو للرائي البعيد في هيكل الجودة المنشودة". السمسرة في الفعل التربوي وأوضح مكاوي بعض أشكال النفخ في السياسات التعليمية، وأبواقها، حيث أكد أن هذا النفخ "فعل مقصود لذاته من لدن سماسرة الفعل التربوي، وهم سماسرة متعلمون لا ندرى علاقاتهم بما يسوقونه، ومن كلفهم بذبح أجيال من الأطفال، وكم تم الدفع لإنجاز تلك المهمات". وزاد مكاوي بأن "هؤلاء السماسرة يعلنون دون أن يرف لهم جفن أن لنا اختيارات تربوية سليمة وفلسفة تربوية موجهة، ولنا خارطة طريق مرسومة بإتقان حتى قبل مجيئنا لهذه الأرض، وأننا نحن البؤساء زغنا عنها فكان مآل أطفالنا الهلاك" على حد تعبير المفتش التربوي. "سماسرة النفخ يعرفون جيدا بأن مشكلات التعليم ليست مستقلة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، فلا يمكن لمجتمع أن يكون متعلما إذا لم يكن حرا، ولا يمكن أن يكون حرا إذا كان يرسم خارطة طريقه نفاخون في الإحصائيات والأرقام والسياسات والإصلاحات والتعويضات والسفريات والسيارات، ليتدرج النفخ حتى يصل نقط المراقبات المستمرة" يورد مكاوي. واستطرد المتحدث بأن "سماسرة النفخ واعون بأن تعلم الأطفال المغاربة باختيارات لغوية واقعية في مدرسة مغربية شكلا ومضمونا، مدخل للديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة، لكنهم يجنون من نفخ بالونات الفساد المثقوبة الكثير من المال والجاه والمكانة الاجتماعية وغيرها". وأردف بأن "هؤلاء السماسرة يضمنون الاستمرار في بروجهم العاجية، وفي مكاتبهم المكيفة"، مشيرا إلى أنه "حتى عندما تنتهي ̈مهماتهم ̈ بنجاح، ويتضح للناس زيف تلك الحقائق، تتم ترقيتهم وتأهيلهم لتجديد النفخ بآلات قديمة في مواقع جديدة". نفاخون ومزورون واسترسل مكاوي بأن "المصيبة أن هؤلاء يعرفون أنه لا حول لهم ولا قوة، ولا يملكون سلطة تغيير ولا تطوير، وإنما رسمت لهم خوارط يعبرون مسالكها، وفق ما تم الاتفاق بشأنه"، مضيفا أنهم "أشباه المثقفين والعلماء والمتحزبين والمتدينين، وذوي القربى وغيرهم كثر، يعلنون نجاحنا حين نفشل، وتقدمنا حين نتأخر، ومستعدون لطمس الحقائق بالمقابل، وتزوير اللوائح بالمقابل". ولفت الخبير ذاته إلى أن هؤلاء "النفاخين" يعرفون جيدا أن معظم خريجي الجامعات بمختلف رتبهم تركوا العلم في باب الجامعة، وركبوا مراكب الموت أو السمسرة، ولم يعد ممكنا التمييز بينهم وبين العامة من الناس، حيث إنهم مستعدون لذبح الأطفال مقابل حفنة من الدراهم". وذهب مكاوي إلى أن من يستعرض تاريخ النفخ في المدرسة يمكنه أن يستنتج أن هذه العملية كانت لأكثر من خمسين سنة، وتناوب على الأمر السياسي والتقنوقراطي، مما أوصل البلاد للدرك الأسفل من الجهل والأمية والفقر والمرض". وفي المقابل، يُكمل المتحدث، تمكن الانتهازيون من استثمار كل ذلك لصالحهم، فضمنوا النجاح في الفشل والاغتناء في الفقر، فتعمقت تجليات الفروق حتى غدت بلا قرار، كأن مهمتهم تمجيد الفشل، ومحاربة التنوير والتقدم، والتغني بالإصلاحات السطحية للمنظومة التربوية بالبلاد"