قدم الوزير الأول الفاسي أمام مجلس النواب تصريحا حول النصف الأول من ولاية حكومته وجاء في بعض فقراته كلام حول قطاع التربية والتكوين هذا نصه: إن منظومة التربية والتكوين لا تزال تشكل بالنسبة لبلادنا رهانا مجتمعيا محوريا في صميم الإصلاحات الكبرى، ومدخلا حاسما لتأهيل العنصر البشري، ورفع تحديات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمستدامة، وتحقيق الارتقاء الاجتماعي الذي تتطلع إليه شرائح واسعة من المواطنين والأسر المغربية. وفي سياق تعزيز هذا المسلسل الإصلاحي والتسريع بوتيرة أوراشه، وضعت الحكومة برنامجا استعجاليا خلال الرباعية 2009-2012، يستوحي فلسفته ومعالمه من التوجيهات الملكية السامية، ويأخذ بعين الاعتبار واقع المدرسة المغربية من خلال المكتسبات المحصلة والنواقص المسجلة. ويتمفصل هذا البرنامج الذي شرعت الحكومة في تطبيقه للموسم الثاني، إلى جملة من الإجراءات المؤسساتية والتربوية ذات البعد المهيكل والإستراتيجي، للنهوض بمختلف أسلاك التعليم والتكوين، نحو كسب تحدي تعميم التعليم وتعزيز فرص الانخراط في مجتمع المعرفي وفي هذا الصدد، ستضاعف الحكومة من عملها فيما يتعلق بالتحقيق الفعلي لإلزامية التمدرس، إذ أن بلادنا تسير بخطى حثيثة نحو كسب تحدي تعميم التعليم لفائدة مختلف الفئات العمرية المعنية، بحيث تم تسجيل نتائج جد مرضية في هذا المضمار، بلغت 7,94% بالنسبة للطور الابتدائي، و75.4% بالنسبة للتعليم الإعدادي الثانوي، وذلك في أفق تعميم كلي للتعليم الإلزامي قبل سنة 2015 بحول الله. وبما أن بلوغ هذا الهدف يقتضي تحسين وتأهيل العرض التعليمي، فقد عمدت الحكومة إلى توسيع وتطوير البنية التحتية المدرسية من حيث الوحدات والتجهيزات الأساسية والتربوية والموارد البشرية، وهو التأهيل الذي يتطلب تعبئة أكثر من 3 ملايير درهم. ولمواكبة هذا المجهود، عرفت الميزانية المرصودة لقطاع التربية والتكوين زيادات مهمة من حيث الموارد المالية والبشرية خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، إذ ارتفعت مخصصاتها بحوالي 4,33%، لتصل إلى حوالي 51,50 مليار درهم برسم القانون المالي لسنة 2010، بعد أن كانت لا تتجاوز 34 مليار درهم سنة 2007. وعلى هذا النهج، يندرج عمل الحكومة في دعم الولوج إلى التعليم ومحاربة الهدر المدرسي الذي يسجل ارتفاعا ملحوظا في العالم القروي وفي أوساط الفتيات. وهكذا تم توزيع اللوازم المدرسية على 7,3 مليون تلميذ في إطار توسيع قاعدة المستفيدين من المبادرة الملكية لتخصيص مليون محفظة مدرسية لفائدة أبناء المعوزين، فضلا عن المساعدات النقدية المشروطة المقدمة في إطار برنامج “تيسير”، وتوفير الزي الموحد والنقل المدرسي، وتطوير خدمات الإطعام لفائدة أكثر من مليون تلميذ وتلميذة، وكذا الداخليات المدرسية في المناطق النائية والأكثر فقرا. وينصب العمل الحكومي من جهة أخرى، على تنمية العرض الجامعي وتطوير مسالك التعليم العالي والتكوين المهني. كما أن بلادنا خطت خطوات جبارة في سبيل القضاء على الأمية، وذلك بفضل تضافر جهود جميع الفاعلين، وخاصة النسيج الجمعوي الذي يعمل بشراكة مع القطاع الوصي، الأمر الذي ترتب عنه انخفاض مهم في نسبة الأمية من 5,38% سنة 2006، إلى أقل من 34% سنة 2009. ومن المؤكد أن إحداث وكالة وطنية لمحو الأمية المعروض مشروعها حاليا على مسطرة المصادقة، من شأنه إدخال طفرة استراتيجية على الآليات والبرامج الكفيلة بمحاربة هذه الآفة الاجتماعية بمختلف أشكالها الأساسية والوظيفية، والتقليص من معدلاتها إلى أقل من 20% في أفق سنة 2015.