ككل سنة، يطل علينا فاتح ماي...عيد الشغل...عيد العمال... هناك من يستغل المناسبة للخروج إلى الطبيعة التي تكون في أوج بهجتها، وهناك من يقوم بجولة صباحية لتفقد تجمعات ومسيرات مختلف المركزيات النقابية، بينما تجد فئات أخرى أشد انحيازا لهيئة نقابية معينة إلى درجة التعصب الأعمى... جميل أن يحدث كل هذا، إنها سنة الحياة، وجميل أن نجد ملفات مطلبيه تهم الطبقة العاملة عموما، والشغيلة التعليمية على وجه الخصوص، رغم أن النقابات وبالإجماع دخلت في مرحلة سبات لسنا ندري إن كان شتويا أو ربيعيا أو دائما، لكن المؤكد أن وراءه ما وراءه... ومع غياب المركزيات النقابية عن الساحة، أخذنا نسمع بين الفينة والأخرى عن ” إضرابات ” فئوية، “وتنسيقيات” ظهرت كالفطر، ومطالب لا علاقة لها بالمصالح العامة لأسرة التعليم، وظهر من أصبح يحلق خارج السرب... وليس من المستبعد أن نسمع غذا من سينادي بفصل النظام الأساسي للمجازين مثلا عن غيرهم، أو بما قد لا يخطر على البال... إنه تشتيت للجسد الواحد، وإنه تفريق للأسرة الواحدة ولمصالحها العامة، وفي ذلك مصلحة للمتحكمين في دواليب القرار، وخسارة كبرى للشغيلة، ليس أقلها تكسير الاتحاد، وتشعب المطالب، وتحول الاهتمام مما هو أساسي إلى خلق صراعات جانبية بين مختلف الهيئات... وهذا ما أشار إليه نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم :” توشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. قيل أومن قلة نحن يومئذ؟ قال بل انتم كثير ولكن كغثاء السيل ويوشك الله أن ينزع المهابة من صدور أعدائكم وأن يقذف في قلوبكم الوهن” لقد مر على رجال التعليم زمان اشتغلوا فيه بتضحيات جسيمة وبنكران للذات، وبروح من المواطنة العالية، لم يكن يهمهم سوى ما سوف يسدونه لوطنهم...ولا يختلف اثنان في أن ما قدموه كان يستحق الوقوف إكبارا وإجلالا لمجهوداتهم، وكانوا يستحقون بكل صدق ما قاله أحمد شوقي: قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا في زمان الحكامة والجودة وعصر الثقافة الرقمية، انصب اهتمام” البعض”( إن لم أقل الكثير) إلى التركيز على المطالبة بالحقوق والترقي السريع متناسين الأصل الذي لم يعد له أي حيز في الأداء المهني... وأقصد أداء خدمة جيدة متميزة للأجيال الصاعدة وللوطن...