بدر الحمري يعتقد كثير من الخلق أن هناك عداء بين المتصوفة والفقهاء، إلا أن الحقيقة غير ذلك .. وأن هذا الصراع ليس سوى غطاء فكراني / ايديولوجي تحاول بعض الجهات التي لها غرض قيام فتنة بين المسلمين بتقوية بعض أسباب الإختلاف وجعلها خلافا يصل إلى زرع بذور الكراهية في نفوس عامة الناس . وحتى ندلل على ما نقول نسرد هنا قصة وقعت للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله. تروي لنا المصادر التاريخية لقاء الفقه بالتصوف، كما هو حال تجمع ابن حنبل بالمحاسبي، يروي لنا الشعراني في طبقاته أن ابن حنبل حضر ليلة مع المحاسبي إلى الصباح، فكان يراه وصحبه دون أن يروه، ولم ينكر من أحوالهم شيئا، بل العكس اعترف صبحا بفضله، واستغفر الله من سماعه لنقول الآخرين من الصوفية... أما السبكي في الجزء الثاني من طبقاته فيرى أن الإمام أحمد طلب من إسماعيل بن إسحاق السراج أن يهيء له مجلسا يسمع منه كلام الحارث وأصحابه ويراهم ولا يرونه، وأنه تأثر بموعظة الحارث وبكى وقال: ما أعلم أني رأيت مثل هؤلاء القوم، ولا سمعت في علم الحقائق مثل كلام هذا الرجل؟ ومع هذا فلا أرى لك صحبتهم، ثم قام وخرج. تقول الدكتورة سعاد الحكيم ان هذا الموقف من الإمام أحمد تجاه المحاسبي، يقابله موقف شبه مماثل للصوفي سري السقطي؛ فقد سأل سري الجنيد: إذا فارقتني من تجالس؟ فقال الجنيد : الحارث المحاسبي. قال سري: نعم، خذ من علمه وأدبه، ودع عنك تشقيقه للكلام ورده على المتكلمين. وهنا مقارنة بين موقفين؛ لقد أنكر ابن حنبل الفقيه، كما أنكر سري الصوفي، خوض المحاسبي في علم الكلام، لكن يبدو أن إنكار الأول كان فيه قصد رعاية فهم العامة و سدا للذرائع، أما إنكار الثاني فكان فيه إنفتاح على المعرفة الحقة والثقة بقدرة عقل الإنسان على التمييز بين الخطأ والصواب. مسألة أخرى، التاريخ مليء بنماذج من السادة الفقهاء الذين أصبحوا من كبار الصوفية نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: العز بن عبد السلام، وابن عطاء الله السكندري ، وأحمد زروق الفاسي وغيرهم كثير .. رضي الله عن الجميع.. https://www.facebook.com/belhamriok