على بعد 15 كيلومترا شمال مدينة تطوان، وعلى مسافة 24 كيلومترا جنوب مدينة سبتةالمحتلة تقع مدينة المضيق أو "الرينكون" كما يسميها أهلها. هذه المدينة أصبحت في السنوات الأخيرة قبلة مفضلة للسياح الأجانب والمحليين كذلك. بفعل التزايد السكاني الكبير الذي عرفته المدينة في السنوات الأخيرة، وبالنظر كذلك إلى الموقع الاستراتيجي للمدينة شمال المملكة، تم إحداث عمالة المضيقالفنيدق في إطار تقسيم ترابي جديد، مع إضافة مدينة مرتيل للنفوذ الترابي للعمالة، لتشكل هذه المدن مجتمعة (مرتيلالمضيقالفنيدق) شريطا ساحريا فريدا من نوعه شمال المملكة يتوفر على كل المقومات التي تخول له احتلال مكانة متميزة بين أشهر المنتجعات السياحية الدولية، وقد أطلق على الشريط الساحلي الممتد من المضيق إلى الفنيدق اسم (تامودا بي) ليتم الترويج للمنطقة على الصعيد الدولي بهذا الاسم. الزائر لمدينة المضيق لا بد أن تستثيره رائحة السردين المشوي المنبعث من الميناء، حيث يفضل معظم الزوار تناوله داخل الميناء أمام مراكب الصيد والنوارس ومياه البحر الهادئة التي تشكل مجتمعة لوحة فنية ساحرة قَلَّمَا تجد مثلها في مناطق أخرى، هذا بالإضافة طبعا إلى المذاق المتميز لسردين البحر الأبيض المتوسط. الميناء الرئيس لمدينة المضيق تم تقسيمه إلى قسمين: قسم خاص بالبحارة ومراكب الصيد، وقسم آخر مخصص للسياحة الترفيهية. بالإضافة إلى هذا الميناء تتبع لمدينة المضيق مجموعة من الموانئ الترفيهية السياحية المشهورة على الصعيد العالمي، نذكر من بينها: ميناء مارينا سمير، ميناء كابيلا (أو قبيلة بالعربية)، رستينكا سمير... ويشكل قرب الميناء من ميناء طنجة المتوسطي قيمة إضافية أخرى تجعله يلعب دورا هاما في دفع العجلة الاقتصادية للجهة على وجه الخصوص وللمملكة بشكل عام. إن ما يضفي جمالية ورونقا أكثر على مدينة المضيق هو توفرها على (كورنيش) بمواصفات دولية تتخلله مساحات خضراء تم تهييئها بعناية فائقة كأنها رسمت بريشة فنان حاذق، وفي جانب من هذا الكورنيش وأمام زاوية سبعة رجال تتواجد كنيسة صغيرة تقف بشموخ أمام شاطئ البحر لتهمس في أذنيك بماضي المدينة أيام التواجد الإسباني بها، وتخبرك بدور أبناء المنطقة في الدفاع عن الحدود الشمالية للمملكة. لقد عرفت مدينة المضيق هذه السنة تزايدا هائلا في عدد زوارها، وهذا ما أدى إلى اختناق شبه تام في مختلف الطرق الرئيسية والفرعية داخل المدينة وفي نواحيها بفعل العدد الهائل من السيارات الذي لم تستطع المدينة استيعابه، كما أن أثمنة الكراء ارتفعت بشكل صاروخي نظرا لكثرة العرض وقلة الطلب، وهذا ما شكل مصدر دخل مادي مهم لمجموعة من الأسر التي تقتات من هذا النشاط الموسمي الذي يدخل عليها مدخولا محترما يغطي تكاليف غلاء المعيشة في المنطقة في الفترة الصيفية التي تعرف ارتفاع أثمنة الكثير من المواد الغذائية مثل: السمك، الدجاج، بعض أنواع الخضر والفواكه... وهذا كله بفعل ارتفاع العرض على هذه المواد في ظل قلة المنتوج. مظهر آخر يعتبر دخيلا على مدينة المضيق في الفترة الصيفية وهو تشويه صورة الكثير من المرافق بفعل العدد الكبير من الزوار الذين يحجون إلى المنطقة، ومن بين هذه المظاهر تخريب المساحات الخضراء الممتدة على طول كورنيش المدينة، إذ يتخذها الكثيرون أماكن لتناول وجبات الطعام السريعة فوقها والإلقاء ببقايا الطعام في جنباتها بالرغم من وجود أماكن مخصصة لرمي النفايات قربها، كما أن الكثير من المصطافين يتخذون من هذه المساحات الخضراء أماكن لغسل أرجلهم من بقايا رمال الشاطئ وذلك باستعمال مياه البحر، وهذا ما يؤدي لا محالة إلى ذبول الأعشاب المروية بهذه المياه المالحة. ومن المظاهر السلبية الأخرى التي ظهرت في الآونة الأخيرة بالمضيق انتشار الباعة المتجولين بشكل كبير على جنبات الكورنيش الوحيد بالمدينة، حيث أصبحت تعرض في هذا الفضاء شتى أنواع المنتوجات التي لم تعهدها الساكنة من قبل في هذا المكان، مثل: الملابس المستعملة، فاكهة الصبار (الهندية)، الأواني المنزلية، بالإضافة إلى معروضات أخرى مختلفة. ببساطة يمكن القول إن مدينة المضيق جوهرة بدأ بريقها يزداد سطوعا في السنوات الأخيرة، ولكن هذا البريق تغطيه بعض السلوكات الشاذة المنعزلة التي يمكن أن تؤثر على مستقبل هذه المدينة. محمد ازعيطار