تعج مدينة طنجة هذه الأيام مع ارتفاع درجة الحرارة بصنفين من الزوار، الصنف الأول قادم من مدن إسبانية قريبة يقضون يومهم ويعودون في باخرة المساء السريعة عند حوالي الساعة العاشرة مساء، والصنف الثاني هم زوار المناطق الداخلية وهم يشكلون الأغلبية. يختار هؤلاء مدينة طنجة، عروس الشمال، لأنها تتوفر على مزارات تجذب السياح، وفي مقدمتها حديقة «برديكارس» التي خضعت لصيانة وإعادة تأهيل جعلتها لؤلؤة نادرة بعاصمة الشمال. من هذه المزارات أيضا مغارات «هرقل» رغم أنها تبعد كثيرا عن وسط المدينة، إلا أن هذه المغارة تبقى مزارا مهما داخل المدينة يغري السياح الأجانب والقادمين من مختلف مدن المملكة، من أجل الاستمتاع بما تزخر به هذه المغارة التاريخية من تحف ومعمار وزخارف تسر الناظرين. ويبقى «كورنيش» المدينة المطل على الشاطئ البلدي أيضا محطة مهمة لزائري مدينة البوغاز، فهناك تنتشر المطاعم والمقاهي المطلة على البحر، لاسيما في فترة الغروب، حيث تضفي على المنطقة جمالية وروعة قل نظيرها. «اليوم24» تقف عند هذه المزارات المهمة بمدينة البوغاز لتسلط الضوء عليها من خلال هذا الاستطلاع. «بيردكاريس» متنفس الشمال «بيردكاريس» موقع طبيعي ساحر وجذاب، فلا يمكن لزوار طنجة، سواء كانوا أجانب أم مغاربة، أن يغفلوا هذا المكان الطبيعي، كما أن المرشدين السياحيين يضعون هذا الفضاء الطبيعي على رأس قائمة المزارات التي سوف يزورها السياح الأجانب. منتزه «بيردكاريس» يتوفر على مؤهلات تسحر الزوار، فهذا الموقع الطبيعي المشهور بين الناس باسم «الرميلات» يمتد على مساحة سبعين هكتارا، ويشكل منتزها طبيعيا يضم المئات من الأصناف النباتية الأصيلة أو الغريبة، كما يمنح للمتنزهين إطلالة مدهشة على مضيق جبل طارق، أو على المحيط الأطلسي القريب، ما يجعله لؤلؤة طبيعية على تاج مدينة البوغاز. يرتاد على هذا الموقع الطبيعي المئات من الزوار، خصوصا أيام نهاية الأسبوع والعطل، هؤلاء يبحثون عن لحظات استرخاء في حضن الطبيعة، الأمر الذي جعل هذا المنتزه مرادفا للهوية الطبيعية والإحيائية لمدينة طنجة. لهذا الموقع تاريخ، إذ اقترن اسمه باسم أحد الأثرياء الأمريكيين من أصول يونانية، كان يشغل منصب قنصل الولاياتالمتحدةبطنجة. تقول إحدى الصحف الإسبانية التي تحدثت بتفصيل عن هذا الموقع التاريخي بعاصمة البوغاز إن هذا الثري الأمريكي كان قد اشترى هذا الموقع سنة 1887 من أجل زوجته التي كانت تعاني من مرض السل، وكانت في حاجة إلى هواء نقي منعش، لهذه الغاية هيأ مجموعة من الممرات المتعددة داخل الغابة، حتى تكون جولة الزوجة كل يوم مختلفة. وقد استعادت الدولة المغربية ملكية الموقع سنة 1958، وعهدت بتدبيره إلى المديرية الجهوية للمياه والغابات، وبفضل دراسة المخطط المديري حول المواقع المحمية المنجز سنة 1993، تم اعتبار منتزه «بيردكاريس» موقعا إيكولوجيا، بالنظر إلى أهمية النظام الإحيائي المتنوع الذي يحتضنه. أحمد التسولي، واحد من رواد هذا المنتزه الطبيعي قال ل «اليوم24» إن الجلوس داخل هذا الفضاء الطبيعي يغنيه عن أماكن كثيرة ومقاه داخل المدينة التي تعج بالزبناء، وأضاف بأنه يأتي كل نهاية أسبوع هو وعائلته إلى هذا المكان الطبيعي الهادئ للاسترخاء واستنشاق هواء طبيعي يتيحه هذا الفضاء الأخضر بالمدينة. عند بوابة هذا المنتزه، تقف حافلات السياح الأجانب الذين يشكلون فرقا مثنى وثلاث ورباع، يتجولون وسط هذا الفضاء الطبيعي الساحر، ويشربون من مياهه الطبيعية العذبة والباردة صيفا وشتاء. يقول أحد حراس هذا المنتزه إن اكتشاف هذا الفضاء والتجوال به يحتاج إلى يوم كامل، قبل أن يضيف: «بعض المرشدين السياحيين لا يقومون بواجبهم، إذ لا تتجاوز زيارتهم للمكان 30 دقيقة ثم يغادر بالسياح، وهم يعتقدون أن ما رأوه هو ما يزخر به هذا المنتزه، بينما الفضاء مساحته شاسعة ولا تكفي الساعات للاستمتاع بالمناظر الخلابة بهذه الغابة. «مغارة هرقل» الأكثر مزارا على بعد نحو 10 كيلومترات من وسط مدينة طنجة، وعلى شرفة المحيط الأطلسي يوجد واحد من أهم المزارت التي تجذب السياح بمدينة البوغاز، يتعلق الأمر بمغارات هرقل. مؤهلات هذه المنطقة الطبيعية وقيمتها الأثرية جعلتها أحد أهم المزارات السياحية بعمالة طنجة-أصيلة، وقد شهدت رفقة مغارات أخرى بمنطقة أشقار بطنجة استيطان الإنسان منذ عصر ما قبل التاريخ، وخاصة خلال العصر الحجري الحديث منذ ما يقرب من خمسة آلاف سنة. موقع مغارة هرقل يتميز بحمولته الرمزية بسبب ارتباط اسمه بأسطورة هرقل الشهيرة. فبفضل هذه المؤهلات المتعددة، تم ترتيب موقع مغارة هرقل في عداد الآثار منذ 30 دجنبر 1950. إلا أن هذه الحماية القانونية المبكرة لم تشفع لهذا الموقع الحفاظ على مقوماته الأثرية، ولم تمنع من إنجاز بعض عمليات التهيئة غير المندمجة، وإنشاء بعض البنايات التي تنعدم فيها المواصفات المعمارية المنسجمة مع طبيعته السياحية والثقافية، وغزو بعض جنبات الجرف الصخري للمغارة من طرف بعض المقاهي العشوائية. رغم المشاكل التي كانت تعتري هذا المزار الذي يفضله ساكنة طنجة وزوارها من الأوروبيين وغيرهم، إلا أن ذلك لم يمنع تدفق المئات من الزائرين عليه، ما جعل مجلس المدينة يفكر في تسليمه لشركة التنمية الثقافية والسياحية للسهر عليه وتدبير موعد الزيارات وتحديد ثمن تذاكر دخول هذه المغارة التاريخية بالمملكة. «سنتا ميغيل» سائحة إسبانية تأتي كل سنة إلى المغرب، فهي تفضل مدينة طنجة على باقي المدن المغربية، التقت بها «اليوم24» في إحدى المقاهي القريبة من منتزه «بيردكاريس» تقول هذه الإسبانية إنها تأتي رفقة صديقاتها إلى المدينة وتمضي فيها يومين أو ثلاثة أيام، كما أنها تأتي وسط السنة، ولا يمكن أن تطأ قدميها مدينة طنجة دون أن تزور موقعين سياحيين، وهما منتزه «بيردكاريس» و»مغارة هرقل». كانت هذه السائحة الاسبانية ترتب مع صديقاتها موعد الذهاب إلى المغارة في اليوم الموالي، فسألتنا عن موعد فتح أبوابها حتى تكون أول الزائرين. تقع المغارة على بعد خطوات قليلة من فندق «ميراج» الذي ينزل فيه معظم الشخصيات، بمن فيهم الوزراء والمسؤولون الحكوميون داخل وخارج المغرب، هؤلاء، وفق حارس المغارة، بدورهم يخطفون هنيهة من أوقاتهم المزدحمة بالمواعيد لزيارة هذه المغارة الجذابة بعاصمة البوغاز. الكورنيش زوار من نوع خاص يعيش كورنيش مدينة طنجة هذه الأيام الصيفية اكتظاظا، غير مسبوق، إذ إن غالبية زوار الكورنيش هم السياح القادمون من مناطق داخلية بالمملكة، تجدهم يبحثون هناك عن المطاعم والمقاهي، فيجدونها مملوءة عن آخرها، فيفضلون القيام بجولة على الشاطئ، مستمتعين بصخب موسيقى المهرجانات الصيفية التي تقام فوق رمال الشاطئ البلدي. وإذا كانت الأغلبية الساحقة من السياح يختارون هذا المزار السياحي، أي «الكورنيش»، فإن هذا لايعني غياب الأجانب، فقط هؤلاء يختارون الجلوس في بعض المطاعم الراقية بالمنطقة والباهظة الثمن أحيانا، بدل القيام بجولة وسط الجحافل البشرية التي يعج بها هذا الفضاء السياحي. إلى جانب هؤلاء، يأتي إلى مزار «الكورنيش» زوار من نوع خاص، إنهم الباحثون عن المتعة الجنسية، وهم أيضا سياح، خاصة من الشبان الذين يرغبون في قضاء ليالٍ حمراء بعاصمة البوغاز بدل الاستمتاع بمناظرها ومنتزهاتها ومزاراتها الرائعة. على امتداد الشريط الطويل، حيث تنتصب الملاهي الليلية، يقف هذا النوع من الزوار من أجل اصطياد فتيات الملاهي قبل دخولهن إليها، فلا تسلم فتاة من المغازلة، أما بعضهم فلا يكتفي بالمغازلة عن طريق اللسان، بل إنهم يستعملون أيديهم، وغالبا ما تنتهي القصة بالشجار وتبادل الكلام النابي. هنا حيث مزار الكورنيش يختلط فيه كل شيء، إذ تختلط الأسر التي ترغب في الاستمتاع مع الشباب الباحث عن المتعة الجنسية، وينضاف إليهم «كتيبة» من السائلين المحترفين وغير المحترفين والمعوقين، وعدد غير قليل من المنحرفين واللصوص، الذين ينغصون على السياح متعتهم وسياحتهم في مدينة طنجة. بين هذا وذاك، تبرز بعض المشاهد الجنسية المخلة بالحياء وسط الشارع العام، فلا يجرؤ أحد على الاقتراب من المتحابين، أما الشرطة فهي منهمكة مع مشاكل السير والجولان التي لا تتوقف إلا عند بزوغ شمس يوم جديد. السياح بطنجة يرفعون من ليالي المبيت بفنادق طنجة المصنفة في هذه الفترة من كل سنة تسجل الفنادق المصنفة وغير المصنفة بعاصمة البوغاز نسبة امتلاء غير مسبوقة وتصل إلى مائة بالمائة. وقد تراوحت نسبة ملء الفنادق المصنفة بمدينة طنجة، خلال الأسبوع الأخير من شهر يوليوز الحالي، ما بين 90 ومائة في المائة، ويتوقع أن تظل هذه الفنادق مملوءة إلى الأسبوع الأخير من شهر غشت المقبل. وقال مصدر من مندوبية وزارة السياحة بطنجة إن الفنادق المصنفة سجلت منذ عيد الفطر أزيد من 60 ألف ليلة مبيت، أي نسبة ارتفاع 30 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية. وأوضح المصدر أن هذه الأرقام خاصة بالفنادق المصنفة، إذ لم يتم احتساب الفنادق غير المصنفة والشقق المفروشة، التي لا يتم مراقبة أثمنة كرائها وتسجيل عدد ليالي المبيت بها. بالمقابل، أشارت بعض المصادر إلى أنه لوحظ ارتفاع ملحوظ في أثمنة بعض الفنادق بالمقارنة مع السنة الماضية، حيث ارتفع رقم معاملات الفنادق إلى أزيد من 30 في المائة. من جهتها، أوضحت مصادر ل «اليوم24» أن بعض الفنادق حاليا ترفض إجراء حجوزات، لاسيما المصنفة منها حتى يتم التأكد من أن احتفالات عيد العرش لن تقام في طنجة. أما إذا تأكد الخبر، فإن هذه الغرف تحجز لفائدة الشخصيات المختلفة التي تحل بالمدينة لمشاركة الملك احتفالات عيد العرش.