دمدمت بلحنٍ معروف..وهي تطقطق اللّبان بحرفيّة عالية، وتحثّ الخُطى.."ترى أتعُود خالية الوفاض كعَادتها ،أم أنّها ستُفرج أخِيرا؟!!" لعل الملل يتسرّب إليهم أو يشفقون عليها ويعتقوها من براثن الانتظار ،أو ربما..سَتنْفذ منْهم الأعْذار "عْلىَ الله..!" زفرت ومطّت شفتيها..ثم كأنها هزت كتفيها و رانت على وجهها ملامح الاستسلام مصائرنا بأيديهم وأكملت طريقها،بصبر عجيب.. *** غمغم بصبر نافذ وهو يخاطب ابنه المهدي :"لا حول ولا قوة بالله ..ما هذا ؟ ألم يخبروك أن موعد القطار عند العاشرة ؟" تقلصت ملامحه،وازدادت تغضّنا،وظهر عليها التبرّم جليّا ،وطفق يضرب يدا بيد، وهو يلتفت يمنة ويسرى.. أصدر صوتا كالصرير :"سنتأخّر على موعد المستشفى" !! وتنهد :عسى أن تنهي شقيقتك الإجراءات، وإلا ضاعت علينا الفرصة. *** "تفُ" بصق بغضب "ويحها تلك الغبيّة !كيف تتجرأ ؟ على تركنا فريسة للانتظار !! " زمجر ووقف متكئا على حافة مكتبه ،احمرت وجنتاه وبلغ به الغيض أشده، حدّق بحنق في النافذة التي تواجه مكتبه ،كأنه ينتظر دخولها منه بشكل ما. في الجهة الأخرى من الشارع ،جيىء بملاية على عجل ،وسرحت بسرعة على الجسد المسجى،وسرت تمتمات بين الحشد: -"رحمها الله ..كانت تقطع الشارع على عجل ،ولم تنتبه للسيارة التي دهستها .. !" -"لاشك أنها كانت مستعجلة لعلها كانت على موعد ما !!" عائشة بلحاج