المغرب بلد الحضارة باعتراف الجميع وهو كذلك بلد الرياضات بكل أنواعها، لكن تظل كرة القدم معشوقة الجماهير حتى النخاع، فكرة القدم بالمغرب من بين ضروريات الحياة فهي الهواية والعمل والتنافس والصراع وحب الفريق والسفر والتشجيع. لكن تختلف كرة القدم باختلاف الدول والمجتمعات فقد أصبح لكرة القدم عشاقها من الصغار والشباب والشيوخ فجماهير المغرب عاشقة للكرة بجنون، من هنا جاءت فكرة تكوين جمعيات وأنصار لمساندة الفرق بالسفر والترحال، جماهير من مختلف الأعمار ودون ميز بين هذا وذاك الكل همه الوحيد الفرجة والتشجيع وتحقيق الفوز والظفر بلقب البطولة، تعتبر هذه الجمعيات ضرورية بالملاعب لجعل المقابلات تشتعل من أجل الفوز لان هذه الجماهير لا تقبل بشيء سوى الفوز، مع مرور الأعوام تم إنشاء مجموعات سميت بالإلترات، والإلترا حركة تشجيعية تختار لنفسها رمزا تتميز به عن باقي الإلترات وهي ملزمة بتعليق باش خاص بها خلال كل مباراة وفي حال تمت سرقته من قبل إلترا أخرى وتعليقه مقلوبا تكون الإلترا ملزمة بتغيير الرمز، فمثلا نجد سييمبري بالوما ولوس مطادوريس بتطوان وهناك حلّالة بالقنيطرة وكذلك الونيرز والغرين بويز لفريق الرجاء البيضاوي والشّارك لمدينة أسفي، وإلترا إمازيغن لآكادير وإلترا عسكري لفريق العاصمة الجيش الملكي والقائمة طويلة. خلال الأعوام الأخيرة عرفت هذه الإلترات انتشارا واسعا وصدى ذاع بمختلف أرجاء المعمور وهذا شيء نفتخر به ونصفق له بحرارة كون بلدنا عاشق لكرة القدم، لكن شاءت الأقدار أن تتحول هذه الهواية وحب كرة القدم إلى أشياء لا تحمد عقباها، فمع كثرة الصراعات بين الفرق من أجل الفوز ولدت صراعات خفية بين الأنصار والمشجعين تنتهي أحيانا بالشجارات والرشق بالحجارة والسب والكلام النّابي داخل الملاعب وتكسير زجاج السيارات وواجهات المحلات التجارية خارج المستطيل حتى وصلت حدّ الموت وهنا تطلّب وضع خط عريض لمعرفة كيف تتم معاملة هذه الجماهير والسبب وراء أعمال الشغب هاته وماهو الحل الذي سيرضخ له الجميع لمشاهدة كرة القدم في جو رياضي وتقبل الهزيمة بروح رياضية. مؤخرا بمصر الشقيقة اهتزت الساحة الرياضية على مأساة راح ضحيتها العشرات من المشجعين بسبب بعض أعمال الشغب مما أدّى إلى تدافع بين الجماهير وتخريب الملعب والنزول إلى أرضية الميدان وهنا كانت الكارثة فتم توقيف كرة القدم فوق تراب مصر ليوم غير معلوم، وهنا ببلادنا عرفت الجماهير مآسي وحوادث خطيرة داخل وخارج الملعب فقد تعرضت جماهير المغرب التطواني مؤخرا لحادثة سير مميتة نجا منها الجميع بقدرة الواحد عزّ وجل فقد أصيب أزيد من عشرين مشجعا بجروح وكسور متفاوتة الخطورة لكن هذا لم يمنع هذه الجماهير من الابتعاد عن الملاعب بل مازالوا مصرّين على التشجيع ومؤازرة فريق الحمامة البيضاء، وبمدينة القنيطرة اهتزت الساكنة على فاجعة ألمت بكل السكان بعد مباراة النادي القنيطري والوداد البيضاوي تجلّت في حادثة سير تعرض لها مشجّعو حلالة أودت بحياة احدهم، هاته الوفاة خلّفت وراءها مأساة لعائلة وأصدقاء المرحوم، كما وقعت أعمال شغب فاتت الخطورة بمدينة الدارالبيضاء خلال مباراة فريق الوداد ضد فريق العاصمة الجيش الملكي عرفت تدخل رجال الأمن بالهراوات عند بداية المباراة بعدما عمد بعض المراهقين لافتعال الشغب مما أدّى إلى إصابة الكثيرين حالة أحدهم لم تستطع المقاومة نتيجة الضربات التي تلقّاها من هراوات قوات الأمن حيث فارق الحياة أثناء عودته على متن القطار والمسمى قيد حياته حمزة البقالي من مدينة مكناس وكانت النقطة التي أفاضت الكأس، هذه الوفاة دعت الكثيرين من مشجّعي الفرق إلى الوقوف والنظر بعيدا حتى لا تسقط في فخ يمنع لعب كرة القدم ببلادنا لا قدّر الله، إن لله وإن إليه راجعون. لا يسعنا إلا شكر هؤلاء المحبين لفرقهم على ما يقومون به من مجهودات جبارة تتجلّى في السفر والترحال من هنا وهناك والتشجيع بمختلف الوسائل من اجل رؤية فرقهم في المقدمة لان الجمهور يعتبر اللاعب 12 داخل الملعب، كما نتوجه بالشكر الجزيل لرجال الأمن والقوات المساعدة على المجهودات التي يقومون بها لحماية المواطن داخل وخارج الملعب وحماية ممتلكاته من بعض المختبئين وراء كرة القدم، كما نتمنى من الجماهير الابتعاد عن الشغب والتألق بالمدرجات، فكرة القدم فيها الفوز والخسارة كما الحال في كل الرياضات فلا وألف لا لفقدان أبنائنا وفلذات أكبادنا وتخريب ممتلكاتنا، ونعم للتشجيع في احترام وبروح رياضية كي نكسب مكانتنا بين ألمع الجماهير العالمية. رشيد يشو بريس تطوان