كان للدرس الحديثي بسبتة حضور قوي، ومكانة رفيعة، يستمد قيمته من قيمة شيخه، وقوته من متانة تكوينه، ورسوخ قدمه في العلم، ومن أثره الملحوظ في تكوين شخصية الطالب السبتي و توجيهه، وكانت حلقاته تزدحم بالمشايخ والعلماء فضلا عن الطلبة، وتميز الدرس الحديثي السبتي بمميزات، نذكر منها على سبيل المثال : الانفتاح: بحيث تعددت وتنوعت كتب الدرس الحديثي من الكتاب المغربي إلى الكتاب الأندلسي فالكتاب المشرقي. الانتقاء: فكانوا ينتقون أصح الروايات وأجودها، وممن عرفوا بالأسانيد العالية. الابداع: يتجلى فيما تفرد به المغاربة من أوضاع وكتب وشروح حديثية. التخصص : يتجلى ذلك في الحلقات المتخصصة في تدريس كتب حديثية بعينها كالموطأ وصحيح البخاري ونحوها. الصناعة : عنوا بتدريس كتب الصناعة الحديثية المشرقية والمغربية ومن الكتب المحورية فيها هي علوم الحديث للحاكم والعلل للدارقطني والإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع" يقول الأستاذ الدكتور حسن الوراكلي حفظه الله :" و لعل أهم ما يسترعي النظر فيما كان يعتمد في هذه الحلقات من كتب الدرس أنه : مع ما عرف عن طائفة من أهل المغرب والأندلس من تفضيل صحيح مسلم على صحيح البخاري فإن هذا الأخير ظل في سبتة، على عصر التجيي. يستأثر بحظ وافر من اهتمام شيوخ العلم وطلبته كان دونه حظ صحيح مسلم في حلقاتهم ومع ما عرف لكتب صناعة الحديث المشرقية من مثل (علوم الحديث) للحاكم النيسابوري، وكتاب العلل للدارقطني من تداول حلقات المحدثين السبتيين، فإن كتاب (الإلماع) للقاضي عياض زاحمها في تلك الحلقات، بل استطاع أن ينحي بعضها ليصبح بمرور الأيام في طليعة ما يعني بتدريسه الشيوخ في صناعة الحديث ليس فقط في سبتة. وإنما كذلك في الأندلس والمشرق . ولا نختم هذه الفقرة دون أن نشير إلى أن في اعتماد الشيوخ السبتيين. في حلقات الحديث، إلى جانب ما كانوا يعتمدونه فيها من آثار المشارقة، مؤلفات مغربية مثل كتاب (بغية الرائد) للقاضي عياض. وكتاب (شرح حديث بادنة) لأبي البقاء الأنصاري، وكتاب (الوهم و الإيهام الواقعين في كتاب الأحكام) لابن القطان الفاسي ما يعكس لنا المكانة المرموقة التي احتلها الكتاب المغربي يومئذ في نفوس الشيوخ و الطلبة على حد سواء". الكتاب: السنة النبوية في سبتة العالمة المؤلف: مجموعة من المؤلفين بريس تطوان يتبع...