ليس وحده عبد المجيد تبون الرئيس الجزائي المعين من قبل النظام العسكري الجزائري الفاسد، من باتت خرجاته الإعلامية المخدومة تثير موجة من السخرية والانتقادات الحادة على مواقع التواصل الاجتماعي، بل أصبح يتقاسم معه الريادة في مجال التفاهة والسفاهة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ولاسيما منذ تلك الزيارة المشؤومة التي قام بها إلى الجزائر في شهر غشت من السنة الفارطة، والتي دامت ثلاثة أيام من 25 إلى 27 غشت 2022. ففي الوقت الذي مازال فيه المغرب يكفكف دموعه ويلملم جراحه، يحفر قبورا لشهدائه ويحصي خسائره، التي خلفها الزلزال الرهيب الذي ضرب غربي مراكش وإقليم الحوز ليلة الجمعة 8 شتنبر 2023 بعنف لم يشهد المغرب نظيرا له على مدى قرن من الزمان، حيث بلغت قوته 6,9 درجات على سلم ريشتر. ومازالت برقيات ورسائل التعازي والتضامن تتقاطر عليه من مختلف ملوك وأمراء ورؤساء الدول الصديقة والشقية، معلنين عن استعداد بلدانهم الكامل تقديم المساعدات اللازمة لتجاوز هذه المحنة. أبت السلطات الجزائرية والفرنسية إلا أن تواصل استفزازاتها وتنكأ جروح المغاربة من طنجة إلى لكويرة، عبر سياسة إعلامية سمجة ومسرحيات سخيفة، من مهامها الأساسية محاولة التشويش على المقاربة المغربية في تدبير هذه الأزمة، وتعطيل جهود المغرب في عمليات إنقاذ وإسعاف الضحايا والمنكوبين، وإلهاء الشعب عن حملاته التضامنية الاستثنائية، خاصة أنه أبان عن حس وطني رفيع ومعدنه النفيس، ولقن العالم درسا بليغا في قيم التعاضد والتكافل. حيث أن النظام العسكري الجزائري الحاقد الذي عودنا على أساليب الكذب والتضليل، ودون أدنى احترام لمشاعر المغاربة الذين مازالت عيونهم لم تجف من الدموع، ويسابقون الزمن من أجل إسعاف الجرحى وإنقاذ العالقين تحت الأنقاض، اختار استغلال تصريحات صحافية منسوبة لوزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي حول المساعدات الجزائرية، لنسج خيوط مسرحية أخرى أكثر رداءة، عبر تأويلات خاطئة لتلميع صورته القاتمة أمام المنتظم الدولي. فكيف لعاقل أن ينتظر من نظام حاقد تقديم مساعدات للمغرب، وهو الذي أقدم مؤخرا على اغتيال شابين مغربيين في مياه السعيدية، ولم ينفك يعاكسه في وحدته الترابية عبر تماديه في دعم ميليشيا البوليساريو الانفصالية، والترويج لحروبها الوهمية ضده في أوج المحنة التي يمر منها؟ فأين نحن أمام هذا الخبث من القيم الإنسانية والإسلامية النبيلة؟ بيد أنه سرعان ما خرج وزير العدل عبد اللطيف وهبي يوم الأربعاء 13 شتنبر 2023 بتصريح، ينفي من خلاله ما نسب إليه حول "موافقة المغرب على المساعدات الجزائرية"، معتبرا أن الأمر لا يعدو أن يكون مناورة مكشوفة، حيث أوضح أنه طالب قناة العربية بنشر توضيح في الموضوع، لأنه تحدث فقط عن كون المغرب دولة مؤسسات، وهي التي لها وحدها حق البت في موضوع المساعدات الدولية، منددا بما ادعته السلطات الجزائرية من ترحيبه بمساعداتها. وبموازاة مع سعار الإعلام الجزائري الموجه ضد المغرب، وبعيدا عن التغطيات الإعلامية الدولية لتداعيات فاجعة الحوز، اختارت بعض وسائل الإعلام الفرنسية هي كذلك مهاجمة المغرب بدعوى رفضه العرض الفرنسي الخاص بالمساعدات، معتبرة أن ذلك يشكل إهانة كبرى لفرنسا، علما أن الحكومة المغربية سبق لها أن كشفت عن منهجية المغرب في تدبير العروض المقدمة إليه حسب حاجياته، وترحيبه بكل مساعدات الدول الصديقة والشقيقة، غير أن جزءا من هذا الإعلام أبى إلا أن يواصل حملته الهوجاء، من حيث التعامل بخبث مع الخسائر البشرية والمادية التي خلفها الزلزال المدمر، ونشر أخبار ورسوم كاريكاتورية زائفة. لكن الطامة الكبرى هي تطاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على سيادة المغرب، عندما أباح لنفسه وبذات الأسلوب "الكرغولي" تخطي رمز الأمة المغربية وموحدها، وتوجيه رسالة مباشرة للشعب المغربي يوم الثلاثاء 12 شتنبر 2023 عبر شريط فيديو مصور نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قال بدون حياء: "أردت مخاطبة المغاربة مباشرة، لأقول لكم إن فرنسا حزينة للغاية.. بسبب هذا الزلزال المروع" وحتى وهو يقر بأن أمر المساعدات الدولية متروك للعاهل المغربي محمد السادس وحكومته، فإنه أثار موجة من الغضب في صفوف المغاربة الذين يرفضون بقوة أن يخاطبهم بشكل مباشر أي رئيس دولة أخرى تحت أي ظرف، مما عرضه لموجة من السخرية والانتقادات الحادة. إذ بدا واضحا أنه فقد بوصلة الطريق الصحيح، إثر توالي الانتكاسات والإخفاقات التي ما انفك يراكمها في عهدته الثانية، وخاصة في دول القرن الإفريقي وشمال إفريقيا. ولأنه لم يسبق لأي رئيس دولة أن وجه خطابا مباشرا لشعب دولة أخرى، فقد اعتبر الكثيرون أن خطابه الأرعن جاء بتنسيق مع "الكابرانات" لأغراض خبيثة. فبإقدامه على هكذا خطوة غير محسوبة العواقب التي ستظل وصمة عار في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة، يؤكد الرئيس الفرنسي ماكرون جهله التام لأبسط القواعد الدبلوماسية وأبجديات التواصل السياسي، خصوصا أنه لم يسبق لأي رئيس فرنسي قبله أن بلغ هذا المستوى من الدناءة وانعدام اللباقة. وليعلم جيدا هذا الأبله الذي وضع يده في يد تبون للنيل من المغرب، أن هذا البلد العريق الضاربة جذوره في عمق التاريخ ماض في طريق المجد بعزم وثبات، وأنه مهما اشتد النباح خلفه لن يكون قادرا على تعطيل مساره التنموي، أو الحيلولة دون تحقيق المزيد من المكاسب والانتصارات، واستمرار هذا التضامن الوطني المبهر والتلاحم الدائم بين الشعب المغربي الحر وقائده الملهم الملك الشهم محمد السادس.