يبدو أن عبد العزيز الروضي الباشا الجديد المعين حديثا بمدينة المضيق سيجد نفسه أمام تركة ثقيلة ورثها عن سلفه، وأصبحت تلازم صورة المدينة والمتعلقة أساسا بانتشار ظاهرة الباعة الجائلين الذين لم يتركوا مكانا عموميا واحدا إلا واحتلوه بشكل رهيب. ورغم الوعود التي كان الباشا السابق قد أطلقها عقب تعيينه بمدينة المضيق قبل أكثر من أربع سنوات والمتمثلة في القضاء على مظاهر العشوائية والتسيب بالملك العمومي، إلا أنه بحسب العديد من المتابعين، فشل فشلا ذريعا في محاربة هذه الظاهرة، بل إنها ازدادت استفحالا خصوصا مع تأزم الوضعية الاقتصادية بالمنطقة، وفقدان العديد من الأشخاص لمصدر رزقهم وتحولهم لافتراش الأرض لممارسة أنشطة اقتصادية غير مُهيكلة. وسيجد الباشا الجديد القادم من مقاطعة سيدي يوسف بن علي بمدينة مراكش، نفسه أمام ملف حارق يقتضي مقاربة جديدة تقطع مع التدبير "الفاشل" في حصر ظاهرة احتلال الملك العام وإيجاد الحلول البديلة التي بإمكانها، من جهة، استيعاب هؤلاء الباعة وتحقيق اندماجهم في أسواق القرب المتواجدة بمدينة المضيق، وضمان راحة وطمأنينة الساكنة التي تعاني من حصار دائم في الأحياء والشوارع التي تقطنها مع العمل على تحقيق انسيابة السير والجولان للسيارات والراجلين وتحرير الممرات والساحات العمومية التي تحولت إلى أسواق عشوائية في السنوات الماضية من جهة أخرى. ورغم عشرات الشكايات والرسائل الاحتجاجية التي أطلقتها ساكنة أحياء الجامعة العربية وبئر أنزران وعبد الكريم الخطابي بمدينة المضيق في وقت سابق، إلا أن السلطات المحلية والإقليمية فشلت في القضاء على ظاهرة احتلال الملك العام، التي تحولت إلى "بقرة حلوب" يغتني منها بعض أعوان ورجال السلطة. وبحسب معطيات متطابقة تتوفر عليها جريدة بريس تطوان فإن بعض أعوان السلطة يساهمون في انتشار مظاهر احتلال الملك العام من خلال السماح لشبكات منظمة لتجار الرصيف باحتلال الملك العام مقابل "الحصول على إتاوات مالية منتظمة"، وهو ما يفسر بحسب مواطنين من مدينة المضيق عجز السلطات في القضاء على هذه الظاهرة رغم أن مدينة المضيق تتوفر على مجموعة من الأسواق التي بإمكانها استيعاب هؤلاء الباعة وتنظيمهم وفق شروط تحفظ كرامتهم وتحقق الأمن والنظام العام وسلامة السلع والمنتجات المعروضة التي تجد طريقها إلى موائد المواطنين بشكل يومي.