سيرة الشيخ مليئة بالدروس والعبر للسائرين في طريق الخيرات، فكم سعى في حياته في تأسيس الرجال وبناء السُّجَّد، واستفرغ الوسع في تشييد المساجد والمدارس، ومن اكتحلت عينه بإثمد جهوده رأى ذلك عيانا بيانا، وما من باب من أبواب الخير إلا وله فيه نصيب، ورَّث تربية وعلما وإحسانا، ومن كان هذا شأنه فهو حري بالاقتداء، وقد بقي ذكره بعد مماته بما خلف من المواعظ والعبر، فملأ العيون سرورا في حياته ونورا بعد مماته، تأمل سيرته ومسيرته تزيد النفوس انشراحا، وتزيد الأمل انفساحا، والغنم الأكبر لمن سلك مسلكه وهو مسلك لا يدرك بالأماني، ولا ينال بالتواني. فالشيخ بذل مهجته واجتهاده، وأنفق وقته وعمره لبلوغ ما بلغ من المقاصد، ومن رام الاندراج في مضمار المسابقة لفعل الخيرات فليشمر ساعد الجد قبل أن تبلى السرائر، وفي مسيرة الشيخ ما يستضيء به السائرون في عتمات هذا الزمن الذي تكتنف فيه فعل الخيرات العقبات، ولا يرتع في رياضها إلا من صدق النية وشحذ العزم وفوض الأمر للخالق غير مكترث بأقوال الخلق. ولولا أن من الله علينا في مسيرتنا بمثل هذا الرجل من أهل التربية والعرفان، وبما أفاء به من عطف وإحسان لكنا في زاوية الخمول وبادية الإهمال. شملت أردية عواطفه طلبة العلم من كل فج عميق، وامتلأت حياته أملا وطموحا، امتطى الأهوال والمصاعب لبناء جيل قرآني فريد، ووهب حياته لحياة غيره، ينحني كل منصف إجلالا لقدره، تزهى بأفعاله الألسن، وترمقه الأعين، فتقول سبحان من وهبه همة أورثته هما وعملا، فما عسانا نقدم –ونحن أمة- لمن سيأتي من الأجيال في حاضرنا، وما عسانا نذكر به بعد مماتنا، فهل تعجز الأمة عن القيام بما قام به الفرد، فقد كان رجلا بأمة رحمه الله. نقلا عن كتاب: "وارفات الظلال فيما فاضت به القرائح من محاسن الشيخ العياشي أفيلال" سيرة ومسيرة حياة رجل بأمة للمؤلف الدكتور عبد الكريم القلالي