بوريطة في منتدى تحالف الحضارات: تحت قيادة جلالة الملك لم يقتصر المغرب على الإشادة بالحوار بل جسده على أرض الواقع    فرنسا: نتانياهو يحظى "بالحصانة" بعد مذكرة الجنائية الدولية بتوقيفه    اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل يدخل حيز التنفيذ    منتخب التايكوندو يتوجه إلى هونغ كونغ للمشاركة في بطولة العالم للبومسي    غرفة الجنايات بطنجة تصدر أحكامها في قضية مقتل الطالب أنوار    تنسيق أمني يحبط محاولة بيع مجموعة من الحيوانات البرية والزواحف بشكل غير مشروع    درك الحسيمة يضبط 300 كيلوغرام من الحشيش في سيارة    احتفال عالمي بالتراث في الناظور: 3 أيام من الأناقة والثقافة بمشاركة الجالية وإسبانيا    المغرب واليابان يوقعان مذكرة تعاون في مجال تعزيز الاستثمار    خالد لحلو يترأس دورة المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بمكناس    فريق دونالد ترامب يوقّع اتفاقا مع البيت الأبيض لمباشرة عملية انتقال السلطة    بدء سريان وقف إطلاق النار بين "حزب الله" اللبناني واسرائيل    مباحثات مغربية أمريكية لتعزيز التعاون العسكري المشترك    من أطلق الشرعي؟    حركة سعيد شعو تدين لقاء الجزائر وتكشف خفاياه    دوري أبطال أوروبا: إنتر يتصدر والأتلتيكو يكتسح والبايرن يعمق جراح سان جرمان    بعد اتهامات ثقيلة..أوزال رئيس الرجاء الأسبق يودع سجن عكاشة    نتائج مباريات الجولة الأولى من مجموعات دوري أبطال أفريقيا    أداء إيجابي في تداولات بورصة الببضاء    البنك الدولي يمنح المغرب 250 مليون دولار لدعم برنامج جمع النفايات الصلبة في المدن        السجن يستقبل رئيس الرجاء السابق    الذهب يصعد مع تراجع الدولار قبل صدور بيانات التضخم الأمريكية    كدمات في رأس ووجه بيب غوارديولا بعد نهاية المباراة أمام فينورد بالأبطال    صاحب الجلالة يؤكد على ضرورة التوصل إلى الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار بقطاع غزة    انتخاب الاستقلالي الفخاري رئيساً لغرفة الصناعة التقليدية بجهة فاس - مكناس    ليالي المبيت بمؤسسات الإيواء السياحي المصنفة تسجل ارتفاعا بنسبة 4 في المائة    أخنوش: الحكومة تواصل تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية وتنفيذ سياسات اجتماعية منصفة ومستدامة    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    كيوسك الأربعاء | إجراءات زجرية ضد مروجي الأخبار الزائفة بمواقع التواصل الاجتماعي    قضاء الرباط يقرر عدم تسليم الدكتور الإمام لمصر    استثمارات ضخمة.. شركة الطرق السيارة بالمغرب تبدأ أشغال توسيع عقدتي عين حرودة وسيدي معروف        تركيا تعلق الدراسة في عدد من الولايات بسبب العواصف الثلجية    نادي الدفاع الحسني الجديدة لكرة الطائرة بالجديدة منتشه بانجازاته المتميزة خلال السنوات الاخيرة    المؤبد والسجن النافذ لمرتكبي جريمة قتل شاب في حي المطار بالجديدة    نقص حاد في دواء السل بمدينة طنجة يثير قلق المرضى والأطر الصحية    فتح تحقيق في محاولة تصفية مدير مستشفى سانية الرمل تطوان    اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية    سبتة ترفض مقترحا لحزب "فوكس" يستهدف المهاجرين والقاصرين    عصبة الأبطال.. الجيش الملكي يهزم الرجاء بعقر داره في افتتاح مباريات دور المجموعات        سعد لمجرد يصدر أغنيته الهندية الجديدة «هوما دول»        في حلقة اليوم من برنامج "مدارات" : عبد المجيد بن جلون : رائد الأدب القصصي والسيرة الروائية في الثقافة المغربية الحديثة    الجديدة مهرجان دكالة في دورته 16 يحتفي بالثقافة الفرنسية    شيرين اللجمي تطلق أولى أغانيها باللهجة المغربية    مسرح البدوي يواصل جولته بمسرحية "في انتظار القطار"    حوار مع جني : لقاء !    المناظرة الوطنية الثانية للفنون التشكيلية والبصرية تبلور أهدافها    تزايد معدلات اكتئاب ما بعد الولادة بالولايات المتحدة خلال العقد الماضي    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء        لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرحوم الداعية العياشي أفيلال... ماذا بعد رحيل الشيخ؟ (الحلقة 28)
نشر في بريس تطوان يوم 10 - 02 - 2023

رحيل العلماء غصة، وقبضهم سنة من سنن الله الجارية، والمطلوب الاعتبار بمن ذهب، وكم هو مؤرق السؤال عن الخلف؟! ولن تعدم هذه الأمة خيرا، فليشمر طلبة العلم ساعد الجد، وهم يرون أن من عاش لدينه وأمته عاش كبيرا ومات كبيرا، والأمة بحاجة لخلف صالح، وطال العهد أو قصر فكلنا راحل، ومن يَفقد اليوم يُفقد غدا، والعاقل من سعى لل0خرة سعيها، وترك من بعده ذرية صالحة، وطلبة علم ربانيين يهتدي بهم الناس، فلا البكاء ولا النحيب يغني عن العمل واستشعار الأمانة
لعمرك ما الرزية فقد مال *** ولا شاة تموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد شخص *** يموت بموته خلق كثير
وأخبار وفيات العلماء تترى، وحياض المنية في ازدياد، تخترم أحبابا كل يوم، وموت العافية لا يفرق بين سقيم وغيره، نسأل الله أن يخلف الأمة خيرا، وموت العلماء ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء، وذهاب العلم بذهاب العلماء، وكان يحيى بن جعفر يقول: لو قدرت أن أزيد في عمر الإمام البخاري من عمري لفعلت، فإن موتي يكون موت رجل واحد، وموته ذهاب العلم.
وإذا كان الخلد لم يكتب لبشر من قبل، وسنة الله لا تتبدل، فإن الأمل بعد الله في الأجيال الحاضرة والمقبلة؛ فليشمر طلبة العلم عن ساعد الجد، وليسلكوا جادة الحزم، ومحجة الاجتهاد، فهم الأمل بعد القنوط، والإشراق بعد الغمة.
رحل محسن تطوان وخطيبها، وادلهمت لرحيله الخطوب، وبكاه الرجال، والنساء، والكبار، والصغار، والأغنياء والفقراء. ومما زاد الفراق ألما أنا لم نقدر على وداعه وهو طريح الفراش وحيدا في ثنية الوداع. سيشتاق لخطبه الركع السجود، بمساجد ومجالس "تطوان" و "المضيق" و"مرتيل" و"الفنيدق" و"سبتة" وحواضر المغرب، من لمنبر مسجد عمر بن الخطاب الذي اقترن باسمه، فلم يعرفه أهل تطوان إلا ب"جامع سي العياشي" الذي كانت بداية عهدي به لما قدمت تطوان في الثالثة عشر من عمري متتلمذا بمدرسة الإمام مالك العامرة، منصتا لخطبه البليغة المؤثرة، فتعلمت في المدرسة التي بذل حياته لها، حتى هيأ الله الصعود على ذات المنبر، تكليفا وتشريفا منه في حياته، وحسن ظن من إخوانه بعد مماته، فوجدت لمنبره هيبة ما شعرت بها فيما سواه من المنابر.
وما عساي وعسى ورثة علمه وحكمته من بعده يفعلون بعد رحيله، إن الأمانة ثقيلة، والمهام جسيمة، ورحيل الشيخ وجع وألم، ولكنه مدد واتصال لعمل لا يتوقف ولا ينقطع، ولئن كظمنا واشتد علينا وجع الفراق فإن مما خفف المصاب ما خلفه من بعده من مآثر ومحاسن ينتفع بها، أعظمها أئمة وعلماء ربانيين ثم مدارس ستظل تخرج الأجيال، وهو بذلك قد ترك أمانات لخلفه من طلبة العلم السائرين إلى الله، وإن الذي هيأ ذلك الرجل للأمة سيبعث من خلفه رجالا يحفظون عهده ويواصلون مسيرته، ووصاياه غضة طرية تسكب بذكرها العبرات، وتخشع لها القلوب، وصايا العلم النافع والعمل الصالح، وصايا الجد والاجتهاد، وهو الذي ما فتئ في كل مناسبة، ومهاد كل لقاء، يتلو على المسامع قول الله تعالى ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ (التوبة: 22) والأمل معقود بعد الله على ورثة تزكيته، وحفظة إرثه، الذين لم يورثهم درهما، ولا دينارا، بل تربية، وتزكية، وتعليما، فهم بارقة الأمل، ومنبت الآمال، وهامة الشرف، ولا يخامرنا ريب في عطائهم، ونبوغهم المبلغ لشرفات العز، وقد بدت الأمارات وتجلت السيماء لمن صبر في سبيل الطلب والحرص والجد والاجتهاد، فلتحفظ الناشئة ما كان يسُرُّه من سمو ومجد طلابه تخلقا، وتعلما، وفي حياته عبرة لكل معتبر، إخلاصا، ووفاء، وصبرا، واصطبارا، وحكمة، واقتدارا، كان سباقا للخيرات، مسارعا للفضائل والمكرمات، صاحب سمت وقبول حسن بما آتاه الله من الحكمة التي ورثها ورثة ميراثه العلمي والإحساني الذي يبقى ولا يفنى، ميراث الرسل والأنبياء من قبل، فإلى كل طالب من طلبته وحبيب من أحبائه، يتجدد النداء:
انتفعتهم بآثاره، ونهلتم من معين حكمته، فجدوا لينتفع من يأتي في حاضركم، ويقتفي أثركم من يأتي بعدكم من الأجيال المقبلة، وواصلوا السير والمسير حتى تلقوا ربكم كما لقيه مربينا ومربيكم، عالما، عاملا، ثابتا على الحق، ميمون الخصال والفضائل، رفيع المجد والسناء، ولئن رحل حبيبنا فإنا نتوسم في خلفه، علما، وعملا، ورجاحة، ورزانة، وحصافة، ووفاء، ومما يسري عن النفس الهم ما كان يحسنه من الظن بكم، ويعقده من الأمل عليكم، وتغرورق عيناه بالدموع فرحا بإنجازاتكم، وسرورا بعلو همتكم، وسعيكم لسني المراتب، وأملنا مسترسل فيكم، وصدورنا منشرحة لعطائكم، ونبلكم الموروث، ووفائكم المعهود، وأعظم الوفاء والبرور بأبوته العلمية إدخال السرور عليه بعد مماته بما كان يسره في حياته.
فقدت الحبيب، وكلما مررت بالدار (مدرسة الإمام مالك) أتخيل طلعته البهية بدرج المدرسة، وجلسته الربانية المباركة المؤنسة الصغير والكبير، ما حزنا لموته، بل لفراقه، فهو حي ب0ثاره، تقبل الله أعماله في عليين، وأنعم عليه مع الشهداء والمقربين. ولئن غاب سواد عينيه عن نظرنا، وهيل عليه التراب، ونض على قبره بخط أشبه بخطه "المرحوم العياشي أفيلال" فلن تغيب نفحاته وآثار معروفه من حياتنا، وإنه لمستريح عند ربه إن شاء الله، ترك آلاف محبيه يكابدون غصص فاجعة موته التي أورثت غما وشجوا وكآبة، أكرم الله مثواه، وكتب له السعادة، وإنا لله وإنا إليه راجعون، تقبله الله في عليين وجعلنا وإياه من ورثة جنة النعيم. وجزى الله المحسنين والأطباء الذين ربَت عنايتهم بالشيخ إبان مرضه الأخير، ما كانوا يبرحونه أو يفارقونه، عناية ونصحا، جمعنا الله جميعا في مقعد صدق عند مليك مقتدر "ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين".
نقلا عن كتاب: "وارفات الظلال فيما فاضت به القرائح من محاسن الشيخ العياشي أفيلال"
سيرة ومسيرة حياة رجل بأمة
للمؤلف الدكتور عبد الكريم القلالي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.