0ثار هذا الرجل المبارك عصية عن العد بنى مدارس وشيد مساجد، وفيهما كان يرعى بناء الإنسان الصالح، ويتعهده بالرعاية والعناية، م0ثره ناطقة، و0ثاره شاهدة على فضله وإحسانه، ما يزال اسمه نديا بين أهل تطوان، تلج دكاكين البيع والشراء، فتسمع الحديث عن مناقبه، سمعت أحدهم في دكان يتحدث عن إسهام الشيخ في تعبيد الطريق إلى قريته، وإسهامه في فك العزلة عن القرية، ورأيت -بعد مماته- عجوزا تتنهد على فراقه حسرة وألما، وقد كان الشيخ يؤدي فواتير مائها وكهربائها، و0خرون مرضى يتذكرون عطفه وما كان من رعايته، ورغم ما كان من القرب والملازمة للشيخ، أسمع أخبار إحسان ما عرفتها في حياته، لئن رحل الشيخ شبحا فما رحل روحا، صدقاته الجارية شاهدة، وستظل مآثر باقية… ولم يكن يبني المدارس ويتركها خاوية بل لا يرقأ له جفن حتى يراها عامرة بطلاب العلم والركع السجود، يهتم لطلبة العلم اهتمام الوالد بما ولد، ويسعى في سبيل راحتهم، مرددا على مسامع الطلبة عند زيارتهم أن عليهم التحصيل وعلى المحسنين توفير ما يحتاجون من وسائل العلم والراحة. وكان إسوة حسنة للطالب والمحسن بقوله وفعله وسمته، يذكرهم غير ما مرة بما يرفع هممهم ويحدثهم بما عاناه في سبيل طلبه من شظف العيش وقلة ذات اليد والاغتسال بالماء البارد في اليوم الشديد البرد بقبيلة "لاخماس". كان دأبه وهجيراه المسابقة إلى فعل الخيرات، إذا عرض عليه الخير عقد العزم وتوكل على الله ساعيا في قضاء حوائج الناس، وبناء المساجد، وتشييد المدارس، والنفقة على المرضى، واليتامى، والأرامل، وإسكان الفقراء والمساكين، والصلح بين الناس. ورفقاء دربه في "جمعية الإحسان والتوعية" وخلانه ب "جمعية الرحمة" على ذلك من الشاهدين. وللشيخ اليد الطولى في بناء المساجد، كل من عاشره علم أن الرجل قلبه معلق بالمساجد، فكم من مسجد سعى في بنائه وعمارته. يمد الناس بأئمة وخطباء ووعاظ يهدون الناس، همه السعي لبناء المدارس التي يتعلم فيها طلبة العلم ما سيُعلمون، ومدرسة الإمام مالك بتطوان ناطقة شاهدة على آثاره، حمل همها بناء وتسييرا، سكنته وأخذت بمجامع همه، فكان من شأنه وشأنها ما كان، وفرع مدرسة الإمام مالك ببني حسان حسنة من إحسانه، ومدرسة أزلا التي أسس قواعدها على تقوى من الله ورضوان معلمة في طور التشييد وقد شاء الله أن يلقي عليها نظرة الوداع ذات يوم مشهود، وهي شاهدة على العزم وصدق الوعد الذي أخذه على نفسه حتى لقاء ربه. وقد كان مشتاقا لإتمام بناء المدرسة العتيقة الجديدة نواحي تطوان -قيض الله لها من أهل الخير والفضل من يتم اللبنة[1]. ظل قلبه معلقا بالمساجد والقر0ن صلاة وعناية واهتماما، كم أيتاما ترك، وكم حوائج بقيت معلقة، وكم 0مالا ظلت طي الكتمان، لذلك كان فراقه شديدا أليما، عز الفراق على الأغنياء والفقراء، على المعلمين والمتعلمين بل على كل من عرفه من الناس أجمعين. وكم من أعمال خير أتمها وأخرى بدأها ورسمها فمن لها بعده ؟!. [1] بفضل الله ومنه وكرمه هيأ الله للمدرسة من أهل الفضل والإحسان من أتم اللبنة وواصل البناء، وهي إلى حدود كتابة هذه الأسطر في مراحلها الأخيرة، وما بقي سوى الترخيص لاستئناف العمل بها. نقلا عن كتاب: "وارفات الظلال فيما فاضت به القرائح من محاسن الشيخ العياشي أفيلال" سيرة ومسيرة حياة رجل بأمة للمؤلف الدكتور عبد الكريم القلالي