شكل موضوع "دور الوثيقة العدلية في الكفاح الوطني وترسيخ الوحدة الترابية"، محور ندوة وطنية نظمت بطنجة اليوم الجمعة من قبل المجالس الجهوية لعدول استئنافيات عدد من المدن المغربية. وركزت المدخلات خلال الندوة، التي حضرها على الخصوص مدير أرشيف المغرب ومسؤولون قضائيون وأكاديميون وباحثون وأعضاء المجلس العلمي المحلي ورؤساء المصالح الخارجية، على الدور الذي تضطلع به الوثائق العدلية والأرشيف في خدمة الوحدة الترابية، ومسؤوليتها في حفظ الذاكرة الوطنية عامة والذاكرة المجتمعية والقضائية على وجه التحديد. وفي هذا السياق، أبرزت المداخلات أهمية الوثيقة العدلية في الدفاع عن الوحدة الترابية للمغرب وإغناء عمل ومبادرات الدبلوماسية الموازنية ذات الصلة ودحض أكاذيب أعداء الوحدة الترابية للمملكة، وإثبات عمق الرابطة الوطنية والإنسانية التاريخية لأبناء جنوب المغرب مع العرش ومع باقي تراب الدولة الشريفة. وأشارت المداخلات إلى أن الندوة تتطرق من جهة لدور الوثيقة العدلية في الكفاح الوطني وترسيخ الوحدة الترابية مع تخليد المغاربة لذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال للتأريخ لمرحلة مفصلية من تاريخ المغرب الحافل بالأمجاد، ومن جهة أخرى لإظهار مدى أهمية مساهمة العدول، شأنهم في ذلك شأن باقي أفراد المجتمع المغربي، في الترافع على مغربية الصحراء ورباط البيعة الشرعية التي تجمع ساكنة جنوب المملكة مع الأسرة العلوية وارتباطهم الوجداني ببلدهم المغرب. ودعا المتدخلون الباحثين والجامعات المغربية الى إيلاء مزيد من الاهتمام، بحثا ودراسة، بالوثيقة العدلية وتوسيع دائرة البحث العلمي بشأنها وبسط ما تحتوي عليه من معطيات ودلائل لفائدة القضايا العادلة للمملكة وتاريخ المجتمع المغربي في مختلف مناحي الحياة. وقال مدير مؤسسة أرشيف المغرب، جامع بيضا، إن الاهتمام بالوثيقة العدلية هو اهتمام بعمق التاريخ المغربي وتكريس المكتسبات التي حققتها المملكة دفاعا عن الوحدة الترابية وإشاعة الحقيقة، مبرزا أن الوثيقة العدلية وارتباطها بمختلف القضايا الوطنية العادلة تقدم البرهان الساطع على عدالة الطرح المغربي وتسلط الضوء على حقب مفصلية من تاريخ المغرب نظرا لقيمتها الحججية ومصداقيتها، كما تبرز أهميتها في أنها تقدم معطيات في غاية الأهمية حول التقاليد والأعراف المغربية. من جهته، اعتبر رئيس الهيئة الوطنية لعدول المغرب محمد ساسيوي أن الوثيقة العدلية رسخت للقيم الوطنية ووثقت لمختلف المراحل التي قطعها المغرب للدفاع المشروع عن الوحدة الترابية للمملكة، ومكنت من الوقوف على وثائق البيعة والروابط السياسية والإنسانية الصادقة التي جمعت وتجمع أبناء المغرب بملوك الدولة العلوية، مشددا على أن الوثائق القضائية على اختلاف أنواعها، تعد من أكثر مصادر المعلومات موثوقية، بما تتضمنه من أحكام قضائية ومذكرات ترافعية ومحاضر جلسات وخبرات ووثائق داعمة. ومن جانبه، أبرز رئيس مركز السلام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالعيون، العربي باهي النص، أن الدبلوماسية الموازية لها أوجه متعددة وتعد من بين أهم مكوناتها مهنة العدول التي ساهمت وتساهم بشكل كبير في التوثيق لقضايا بالغة الأهمية في الدفاع عن قضية الوحدة الترابية، وقدمت خدمة جليلة للسياسي والقاضي وللدبلوماسية الرسمية من أجل إغناء الترافع حول القضايا العادلة للمملكة. وأضاف أن الوثائق القضائية تعتبر مصدرا أساسيا من مصادر الذاكرة الوطنية الحية، وتمثل أهم أشكال الذاكرة الجماعية المكتوبة المكونة للهوية المغربية المتنوعة، والتي لطالما كانت محل عناية صاحب الجلالة الملك محمد السادس وأسلافه المنعمين. وأجمعت المداخلات على ضرورة الحفاظ على الذاكرة الوطنية في مختلف تجلياتها من خلال الوثيقة العدلية، والتي تمكن من الحفاظ على مقومات العدالة وأسانيدها ووثائقها ومضامينها على مر السنين، بالنظر إلى ما تؤمنه من خدمة للوطن والمواطن بمعانيها ودلالاتها وحمولتها وأبعادها. وأكدت على أهمية الأرشيف والوثيقة كمصدر من مصادر التاريخ الأكثر وثوقية وصدقية وحجية دحضا أو تأكيدا، وهي أيضا تشكل أداة للدفاع عن الهوية المغربية والثوابت والمكتسبات الوطنية، مشيرة الى دور العدول الموثقين في الإشهاد على التعاقد بين الشعب المغربي والعرش، من خلال توثيق عقد البيعة والحفاظ على الهوية المغربية. وتضمن برنامج الفعالية عدة جلسات علمية همت "الوثيقة العدلية والدبلوماسية الموازية، الترافع من اجل مغربية الصحراء في المحافل الدولية"، و"توثيق البيعة وأثره في تثبيت الرابطة التاريخية لأبناء جنوب المغرب للاسرة العلوية"، و"الوثيقة العدلية اختصاص شامل وأدوار متعددة"، و"الوثيقة العدلية ذاكرة المجتمع المغربي". كما تضمن برنامج الندوة الوطنية عروضا حول "الوثيقة العدلية والدبلوماسية الموازية، دراسة في أرشيف الوثائق"، و"دور الوثيقة العدلية في حماية عقارات المغاربة في فترة الاستعمار وبعد الاستقلال"، و "الوثائق العدلية، أرضية للبحث في العلوم الاجتماعية والقانونية والسياسية". وواكب الندوة معرض للوثائق العدلية من الفترة الاستعمارية وأخرى تخص المواطنين المغاربة في جنوب المملكة. وتم بالمناسبة تكريم بعض العدول والمقاومين، كما تم توقيع وثيقة تأكيد البيعة الشرعية ومغربية الصحراء من طرف رؤساء المجالس الجهوية المشاركة في الندوة، والقادمين من طنجة والقنيطرة والرباط وبني ملال وخريبكة ومكناس ووجدة والدار البيضاء. وانعقدت الندوة الوطنية بتنسيق مع المندوبية الجهوية للشؤون الاسلامية لجهة طنجةتطوانالحسيمة ومركز التوثيق والانشطة الثقافية التابع لها، والمجلس العلمي المحلي بطنجة، والمندوبية الجهوية للمقاومة وأعضاء جيش التحرير ومديرية أرشيف المغرب بالرباط .