إن ضرورة اللجوء إلى التفكير العلمي و تشخيص حالة التخلف والمعاناة التي يعاني منها الوطن العربي هو السبيل الأمثل لعلاج كل المشاكل المتعلقة بالأمراض الذي يعاني منه الوطن العربي . 1 – بين الأصالة والمعاصرة إن التخلف العقلي التقليدي الذي تعرفه أمتنا العربية والإسلامية يرجع في الواقع إلى قضايا مؤثرة تكون سببا مباشرا أو غير مباشر للحفاظ على كل موروث أكان هذا الموروث إيجابيا أو سلبيا، وانسجاما مع هذه المقولة التي تدعي أنه لا توجد صلة قرابة بين ما هو تراثي من الناحية الفكرية و الحضارية و بين ما هو واقعنا حاليا و بين ما يدعيه البعض حسب رؤيتهم أن نجاح الأمة و تطورها رهين بإحياء التراث وبعثه و الذود عليه ، قد لا يختلف اثنان من أن أولى الأوليات السير على خطى التقدم والتطور وأبجدياته الانكباب بالدرس و الفهم للتاريخ بكل مكوناته و تشعباته من تجارب الشعوب و عصارة فكر العلماء و الهدف من هذه الدراسة هو استنتاج العبر والحكم والأهداف للتاريخ ليس التمجيد والتغني أو العيش على هذا الماضي بكل تجلياته لكن الهدف الأهم و المفيد والضروري من كل ذلك و بعيدا عن كل اجترار لهذا الماضي الأخذ بالعبرة و الاستفادة منها بعد إخضاعها للتحليل وسبر أغوارها ومعرفة الأسباب والمسببات دون إغفال النتائج التي آلت إليها ومن خلال هذه النتائج التي ستنتهي إليها ومن خلال إعمال الفكر التي تستوجبه المرحلة في تعاملنا مع التراث ضرورة تنقيحه وغربلته و الأخذ بكل ما يتماشى مع واقعنا وعصرنا الحاضر بعد المواءمة والملاءمة مع حياتنا المعاصرة والتقيد بإيجاد برنامج يواكب مخططاتنا لاستشراف المستقبل وكأنه امتداد لا يمكن بأي حال من الأحوال جعل قطيعة مع حاضرنا وماضينا. إن دعاة تقديس التراث بدعوى الحفاظ عليه وعدم المساس به يعطل انطلاقتنا ويؤخر فترة تقدمنا التي نصبوا إليها ويصبوا إليها مجتمعنا وهؤلاء الدعاة يضعون هذه العراقيل والحواجز لهذه الانطلاقة والتحرر من قيود وهمية بدعوى عدم المساس بالتراث ، لا أحد طالب أو يطالب بتخطي التراث أو حتى إلقائه جانبا لأن عملا من هذا الشكل هو ابتعاد عن الواقع وضرب من ضروب الارتجال وعدم الوضوح ومجانبة التفكير العلمي والخوض في لا منطق ، إن الكلام الأرجح والمفيد والمطلوب هو ضرورة الاستفادة من هذا التراث الذي لا يمكن تجاهله بأي حال من الأحوال وإخضاعه للتفسير العلمي من أجل إبراز جوانبه الإيجابية دون إغفال ما ترسب فيه من سلبيات التي يجب تجنبها. إن العاملين التقليديين في التراث مع احترامنا لهم أو الذين أقحموا أنفسهم في هذه المدرسة شاءوا أم أبوا يسيئون إلى هذا التراث دون أن يدروا لأنهم أولا وأخيرا لا يقدمون له جديدا فهم مجرد باعثين له بكل سلبياته وإيجابياته خيره وشره وإن دعت الضرورة بالنسبة إليهم تجميل سلبياته أو التقاضي عنها وإغفالها تجنبا منهم للتأمل والدراسة والنقد لحاجة في أنفسهم بينما الواقع يفرض علينا التدقيق والتحقيق من أجل الاستفادة منها في الحاضر والمستقبل أما البعض الآخر من المهتمين بالتراث فلهم رؤية أخرى لا تقل خطورة عن سابقتها فهم ليس لهم هدف واضح وصريح بل همهم الكتابة والنشر دونما البحث فيما وراء ذلك بحكم انشغالهم وعملهم على قضايا جانبية وجزئيات بسيطة دونما إيجاد صلة وصل بينها وبين القضايا الاجتماعية وبسياق الحياة السياسية والاجتماعية في الماضي ولا تمت بصلة لواقعنا الراهن حتى تتم الاستفادة منها وجعلها قاطرة التقدم والتحرر والانطلاق. وكما هو معروف لدى الجميع فالتاريخ حسب تعريفه هو علم المتغيرات أو ما نسميه العلم والثقافة إن التاريخ ليس جريدة إخبارية أو نشرة معلومات من هنا وهناك وما جرى في الماضي ،التاريخ ليس هذا إنه أعم وأكبر من هذا، ولهذا اعتبر التراث من صلب التاريخ وبالتالي عدم النظر إليه على أنه شيء مقدس وعزله وتحييده عن واقع الأحداث التاريخية وما يخلفه الإنسان من تأثيرات. إن ناشئتنا اليوم شئنا أو أبينا يستوعبون نظرتنا هذه إلى التراث عبر مراحل تعليمهم دون تفسير أو إرشاد علمي تحليلي منا من الممكن الاستفادة منه ومن إيجابياته وتجنيبه صفة القداسة التي لدى البعض . 2 – الوطن العربي ومعوقات التعليم كان الوطن العربي من محيطه إلى خليجه يخضع للاستعمار الغربي مع نهاية القرن19 وعن طريق هذا الاستعمار دخل التعليم العصري إلى الوطن العربي كان تعليما غربيا بحكم إشراف المستعمر عليه وبدأ ينتشر بين أوساط البلدان العربية إبان فترة الاستعمار بين فئات عائلات النخبة وخاصة في العائلات الميسورة أو المقربين منهم ومن السلطة والمتعاونين مع المستعمر والمستفيدين من أوضاع الاستعمار، كان انتشار التعليم بطيئا جدا بين الأوساط العامة محدودا أيضا سواء في الأرياف أو البوادي إذ كان جل الناس بعيدين عن التعليم حيث كان الجهل سيد الموقف والأمية مستشرية بين فئات المجتمع العريض ، وغير خاف على أحد ما كان لهذا التعليم من تأثير ثقافي غربي مورس على ناشئتنا وفكرهم بطرق متعددة فتارة بطرق مباشرة وتارة أخرى بطرق غير مباشرة ، كانت هذه مرحلة استعمار عايشتها كل البلدان العربية وكانت لها ظروفها الخاصة وحيثياتها التي لم يؤمل عليها أي أحد كثيرا من الآمال لإعادة أحوال الشعوب إلى سالف عهدها ، كانت صدمة هذه الشعوب كبيرة بعد أن استبشرت خيرا بمجيء مرحلة الاستقلال واستعادة الإرادة التي كانت مسلوبة ومغتصبة وإيجاد تعليم بديل يرتكز على مقومات وطنية وقومية لبناء الحاضر واستشراف المستقبل. تحطمت طموحات الشعوب العربية على صخرة المعوقات والتي ربما كانت اخطر وأصعب من تلك التي كانت وقت الاستعمار العسكري وفترة الاحتلال ، فالتواجد الاستعماري لا يكتفي بالتواجد العسكري فقط بل لا بد أن تكتمل منظومته الاقتصادية والثقافية ، لأن رحيل المستعمر لا يعني بحال من الأحوال أن أبناء الأمة المستقلة أو المحررة أصبحوا الآمرين والناهين في بلدانهم وأن أمرهم شورى بينهم حتى يقرروا مصيرهم ومصير مجتمعاتهم وفق تطلعاتهم بل العكس هو الصحيح . ومن أبجديات المستعمر- مهما كانت جنسية المستعمر- أنه حين يرحل عسكريا عن أي بلد فإن استمراريته وتواجده يبقى اقتصاديا وثقافيا، المستعمر لا يمكن تصور رحيله إلا إذا تمكن من زرع أذنابه بين المجتمع للحفاظ على مصالحه الضرورية والحيوية عبر وطننا العربي ،الممتد الأطراف من المحيط إلى الخليج ، وحتى بعد استقلال البلدان العربية سياسيا بقي الولاء والتبعية بمختلف الأشكال اقتصاديا وثقافيا وسياسيا وبالتالي استمرارية التأثير الاستعماري في المجالين سواء كان تعليميا أو تربويا وهذا أخطر المجالات وأكبر المعوقات أمام إيجاد سياسة بديلة في المجالين السابقين. قد يقول قائل إن هذا التأثير لا يمكن رؤيته رؤية مباشرة أو واضحة المعالم ، ولكن واقع الحال يقول عكس ذلك ، إذ يمكن رؤية ذلك التأثير جليا في المناهج والبرامج التعليمية ، وفي الثقافة العامة للمواطن العادي وطرق التسيير الإداري والمجال التربوي وفي عقول القيمين على التربية والتعليم في كل بلداننا العربية . لهذا يلاحظ المراقبين ذوي الاختصاص والتوجه القومي أن تعليمنا قد أجهز عليه منذ البداية وأجهض وأفرغ من محتواه ولقد بذلت جهود عظيمة ومتواصلة عبر الحقب لئلا يكون له محتوى أو أهداف يرجى منه تحقيق التنمية الحقيقية والوحدة العربية من المحيط إلى الخليج ، وانطلاقا من هذه المعطيات وهذه الحقائق تحول الاهتمام بالتعليم من النوعية والتمرس وإبراز الكفاءات عبر القطاعات والمجالات المختلفة في مجتمعنا العربي إلى الكم الذي يوفر أعدادا من الموظفين أصحاب الشهادات ليعيشوا ويرتزقوا من خلال الانتساب إلى الوظيفة العمومية لا وسيلة للتنمية مستهدفين عقل ولب ناشئتنا تكوينا وتعليما وتثقيفا . 3 – القضية الاجتماعية والاقتصادية هي الأساس . من المفروض أن تكون القضية الاجتماعية والاقتصادية محور عملنا الوطني عبر وطننا العربي وأن تكون من أولى أولويات اهتماماتنا داخل مجتمعاتنا ومواضيع نقاش مثقفينا. ويعاني بعض مثقفينا – للأسف - من عدم وضوح فكرهم وأفكارهم جل أطروحاتهم غالبا ما تشوبها الضبابية المتعمدة أو اللاإرادية لسبب أو لآخر مما أثر سلبا على الوعي السياسي وجعله يتأرجح بين أفكار عدة واقتراحات بديلة وكثيرا ما تكون غير ناضجة وأي مجتمع – مهما كان- من المفروض أن تكون لديه قضية يدافع عنها أساسها فكرة واضحة تتجمع حولها كل القوى وتتحد لبلورتها وتنقيتها والعمل على تعبئة كل الجماهير خلفها حتى تأخذ هذه الفكرة سبيلها نحو التطبيق العلمي وترجمتها من واقع فكري إلى واقع عملي على أرض الواقع. ومشكلتنا في الوطن العربي عموما ودون استثناء أي بلد للأسف الشديد أن هناك من يطلق بعض المقولات والأحكام الجاهزة التي تؤجل القضية الاجتماعية والاقتصادية تحت ذريعة أن الظروف غير مناسبة وأن الوقت المناسب لم يحن بعد لهذه القضية الهامة السالفة الذكر إن هذه الفئة المعنية تنفعل بأحداثنا اليومية والتي هي نتيجة عدم وضوح الرؤيا وضبابيتها مشكلتنا في الحقيقة أن أزمتنا هي التي أدت إلى هزيمتنا الحضارية والتي يمكن تلخيصها بأننا لا نعرف على وجه التحديد ماذا نريد بهذا الطرح وهذه هي المعضلة التي يجب الإنكباب عليها لفهمها ومحاولة الإجابة عنها حتى اختلطت علينا التكتيكات والإستراتيجيات المرحلية . ويجب توفر أساسيات ضرورية لنهوض أية أمة باعتبار الهدف النهائي الذي نطمح إليه ، وهذه الأساسيات هي : - النسيج البشري المنتظم داخل مؤسسات ديمقراطية - الموقع الإستراتيجي - الإمكانيات المادية والفكرية والوطنية. إن عالمنا العربي بكل مكوناته وطبقاته الاجتماعية يعيش حالة من الكسل والتراخي والاسترخاء وإزاء هذا يلزمنا هذا السؤال :هل هذه الحالة اختيارية أم هي حالة من صنع غيرنا ؟ من الصعب الإجابة إيجابا أو سلبا لكن من الممكن أن نقول أن حالتنا هذه لم نكن نصل إليها لولا أن الظروف عموما تكالبت علينا وتهيأت على وضعيتها الحالية . ومن الأمور التي تركت بصمتها واضحة المعالم على وطننا العربي والتي كان لها الوقع الكارثي على مستقبل هذه الأمة هزيمة 1967 ، كانت بصدق وبدون مناقشة نقطة التحول الهامة التي من خلالها استطاعت الدول الغربية ترويض العقل العربي وبالتالي تقبل سياسة مفادها قتل الروح الوطنية لدى المواطن العربي وإطفاء شعلتها . إن أقطارنا العربية لها بنية هشة من الجانب الاجتماعي والسياسي والاقتصادي حيث الفردية هي السائدة في مجتمعاتنا ، والدكتاتورية أيضا هي سمة كل الأقطار العربية تنعدم فيها المؤسسات والمناخ الديمقراطي ، وقد يقول قائل أن مرد ذلك يعود بالأساس إلى الأنظمة ودورها في تثبيت ذاك الواقع ، ولكن ما كانت هذه الأنظمة لتلعب هذا الدور لولا توافق الأوضاع المؤسساتية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية مع ذلك وعلى كل فكل عمل لا بد له من دليل يقوده وبالتالي يوجهه ، وهذه المقولة تسري على أحزابنا في الوطن العربي- ليست كلها طبعا – وهذه الأحزاب هي سبب مأساتنا التي تصدت في فترة من فترات تاريخنا النضالي للدفاع عن البلاد من أجل التحرر والاستقلال تخبطت ومازالت تتخبط في فكرها وممارستها حيث أفقدت قيادة شعوبها إلى التحرر السياسي والاجتماعي فكانت أمينة جدا في نقل إيديولوجيا الغير ومحاولة تطبيقها على واقعنا مما فوت عليها فرصة ملاءمتها مع الواقع الموضوعي والمعاش في وطننا العربي 4 - التبعية العربية للإمبريالية العالمية خضع الوطن العربي بكامله إلى الاستعمار سواء كان هذا الخضوع عسكريا سياسيا ، اقتصاديا أو ثقافيا وتحررت هذه الأقطار سياسيا منذ عدة عقود ،غير أن هذا التحرر لا يعتبر انعتاقا من الامبريالية وتخلصا منها ، مما يعني تبعية الوطن العربي للمستعمر رغم رحيله ، وتحقيق السيطرة المنشودة للقوى العالمية بجعل الأقطار العربية سوقا مربحة لمنتجاته المصنعة ، إن الإفراط في إنتاج المواد الأولية المصدرة واستيراد الموارد الاستهلاكية ينتج عنه تضخم في قطاع الخدمات والتجارة ويؤدي بالتالي إلى التبعية وهذه التبعية تنتج إفقار تدريجي لهذه البلدان العربية من خلال الإسراف الذي تتعرض له المواد الأولية وانخفاض في الأسعار مع احتفاظ الدول الراعية بحقها في استرداد أموالها كثمن للمواد المصنعة الاستهلاكية التي تصدرها البلدان المتقدمة بأسعار عالية أضف إلى هذا العنصر ظاهرة خطيرة وذات أبعاد كبيرة ألا وهي استنزاف أموال الدول النامية من خلال تصدير وبيع الأسلحة لها هذا السوق الذي أصبح يستنزف ثروات العالم العربي بعد أن نجحوا في إثارة النعرات القبلية والإثنية وتفجير صراعات داخلية وإقليمية. سعت الدول الاستعمارية دوما إلى تخلف الوطن العربي واستنزافه باعتبار ذلك أحد المظاهر الأساسية لخدمة مصالح القوى العالمية الكبرى ، للأسف نحن نستورد كل حاجياتنا المصنعة من الدول الغربية دون التمكن من تصنيعها . وعندما نستورد أيضا السلاح ونكدسه في المخازن ولا نستخدمه للدفاع عن قضايانا الوطنية والقومية نقوم فقط بتحويل قيمته من جيوب الشعوب العربية ومن خيراتها حتى تبقى معامل ومصانع الدول الاستعمارية تعمل باستمرار ومع هذه الاستمرارية تبقى عجلة التصدير والاستيراد في الدوران وهكذا دواليك ، الدول العربية تكون للأسف أمام خيارين لا ثالث لهما تكديس السلاح بلا جدوى أو افتعال حروب جانبية لإحراق مخزون السلاح واستهلاكه قصد تجديده وهكذا إلى مالا نهاية ، وعموما فهذه الأسلحة غالبا ما تكون قديمة هدف الدول المنتجة لها التخلص منها ببيعها للعالم العربي. هذه القوى العالمية تربطها أواصل قوية مع قوى التخلف للبلدان العربية التي تجتهد في الإبقاء على الأوضاع الراهنة في وطننا العربي كما هي بل تذهب إلى أكثر من ذلك بتنميتها للتخلف ورعايته لأن في ذلك بقاء لها ولمصالحها. هذه الحالة وهذه الوضعية يعطي الفرصة للاستعمار دون أدنى شك في الإشراف الحقيقي عل كل الثروات والطاقات العربية. ولتحقيق أهدافه ومراميه يجند المستعمر كل وسائله الإعلامية والثقافية ، مما يعني والحالة هذه أننا أمام غزو ثقافي مركز ومخطط له الشئ الذي أنتج عندنا إعلاما مستوردا مائة في المائة لا نملك منه إلا الاسم ، حتى ثقافتنا غير مستقلة ولا تعبر عن واقعنا المعاش ، فهي بعيدة كل البعد عن تطور أمتنا لأنها لا تتبنى القضايا الاجتماعية لشعوبها والتي أنتجت لنا بالتالي إنسانا عربيا مغتربا ومستلبا الشيء الذي أفضى بالضرورة إلى هدم الأسس الفكرية والوطنية لدى الفرد العربي مما أثر سلبا على قوة الانتماء وإضعاف القدرة على البذل والعطاء داخل مجتمعاتنا العربية . إن حالة الاغتراب والاستلاب الذي يعاني منها المواطن العربي ، وما يبذل من طرف قوى التخلف المسخرة من طرف القوى العالمية وبإشرافها وبما تسخر له من إمكانيات مادية هائلة لتنميته جعل منها ببساطة لا تقوى على العيش بدون هذه القوى العميلة لتتسلط أكثر وتستفيد للإبقاء على الوضع المتخلف وتنميته بشتى الوسائل والصيغ سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة. إن قيام نهضة حقيقية لأمتنا العربية يتطلب في المقام الأول هدم قوى التخلف ومعرفة مصادر القوة لتلك القوى دون الاكتفاء بمصادر ضعفها ونهج أسلوب التفكير العلمي في مواجهة هذه القوى ، وكل ما سبق ذكره لا يمكن تحقيقه أو يتأتى الوصول إليه إلا ببناء القوى الاجتماعية عبر ربوع الوطن العربي مسلحين بالوعي السياسي و الاجتماعي. إن وطننا العربي للأسف الشديد يعاني من تخلف مخطط له وهذا التخلف ينمو باستمرار في حين كان على القوى الوطنية أن تخطط بدورها وتحدث تنمية وتطور حقيقي على أرض واقع هذه الأمة. كل هذا يبقى مرهونا بالوعي السياسي الذي يجب أن يرعى أهمية القضية الاجتماعية والجدية في طرح القضايا وتسطير الأهداف وبالتالي التغيير الاجتماعي والبناء الحقيقي ككل.