المآسي الكبرى تخرج أفضل ما في الناس وأسوأ ما فيهم. ومأساة ريان التي هي مأساتنا جميعا أخرجت فعلا أفضل ما فينا. انظر إلى هذا التعاطف وهذا التلاحم وهذا الدعاء الهادر الممتد من المحيط الى الخليج . فقد أعادتنا المأساة إلى إنسانيتنا الأولى. أنظر إلى عمل عناصر الإنقاذ دون تعب ولا كلل. وأقرأ ما كتبه أحدهم" المغرب يهدم حبلا لإنقاذ أحد أبنائه" ، وهو محق في ذلك. فقد سخر البلد كل ما يملك من إمكانات من أجل إنقاذ ريان. وهذا واجب ! لكن عندما ترى كيف يتفانى عناصر الانقاذ في العمل بدون توقف لا تملك إلا أن تقول : هناك أمل! وعندما أنظر إلى المتطوعين الذين غامروا خلال اليومين الأولين بالنزول إلى بئر لا يعرفون أيخرجون منها سالمين أن يقلعوا في غياباتها. ، أقول هناك أمل. لكن المآسي تخرج أيضا أسوأ ما في الناس! أولئك الذين لا تهمهم من مأساة ريان إلا ما تحقق لهم من ربح! أتحدث هنا عن "أشباه الصحافيين" ومن "المؤثرين" ومن سار في ركابهم ممن تسلطوا على هذه المهنة المستباحة حيث لا تدقيق ولا تمحيص ولا احترام لمشاعر الأسرة ولا لقيم المهنة. المأساة أخرجت أيضا أولئك الذين بلغ بهم الجشع والبؤس أن لم ينتظروا نجاة الطفل ريان، بل بدأوا بالنصب والاحتيال وهو في غيابات الجب ، فأعلن كبيرهم الذي علمهم النصب عن فتح باب وهمي للتبرع لأسرة الطفل.. المأساة أخرجت أيضا تلك الغرائز البدائية المتلفعة برداء الإنسانية، وأتحدث هنا عن المتحلقين حول البئر مدفوعين برغبة غريزية في التلصص وتحويل المأساة الى فرجة وهم يدركون انهم بذلك يعقدون عمل لجان الانقاذ ! أعاد الله ريان سالما إلينا