لم يعد السياح المغاربة كما كانوا سابقا يستهويهم قضاء العطلة الصيفية بالسواحل الشمالية للمملكة، وذلك بسبب تحالف ثقافة الغنيمة و"الشمتة"، لدى السمسار المغربي المتمثلة في تقديم خدمات جد رديئة مقابل مبالغ مالية خرافية، لن تجد لها نظيرا حتى بولاية فلوريداالأمريكية، ولا حتى شواطئ جزر الكاريبي الساحرة. المقصود بالسمسار في هذا المقال كل شخص سواء كان موظفا عموميا، أو طبيبا أو محاميا أو قاضيا، قام باقتناء شقق بالشريط الساحلي بنية الكراء وهكذا دواليك، لشحذ سكاكين نصبهم واحتيالهم للإيقاع بضحاياهم من المواطنين المغاربة خاصة القاطنين بالمدن الداخلية، والذين يتوقون لقضاء أيام معدودة قرب الشواطئ رفقة عائلاتهم وأطفالهم بهدف الاستجمام.
لكن ما يلاحظ في السنوات الأخيرة أن أعدادا هائلة من السياح المغاربة من مختلف الأوساط الاجتماعية، أصبحوا يفضلون قضاء عطلة الصيف بمدن الجنوب الإسباني الآمنة، حتى لايخضعوا لابتزاز السماسرة، و"صيادي الهموز" باللغة الدارجة، الذين يتحينون مثل هذه الفرص لإشعال سوق الأكرية بالصيف على امتداد الشريط الساحلي.
" أثمنة إيجار مساكن المصيف بالمغرب خيالية رغم أنها لا تتوفر فيها الشروط الصحية والأجواء المناسبة، سواء تعلق الأمر بالمنازل المكتراة بحي أحريق أو كاطلان الشعبي بمدينة مرتيل، أو تعلق الأمر بفيلات فاخرة بمنتجعات كابونيكرو ومارينا سمير، فجميعها في القذارة وسوء المعاملة سواء، فلا يعقل أن شققا تكتري ب 3000 درهم لليلة الواحدة، تكون أغطيتها تنبعث منها رائحة تزكم الأنوف، علاوة على معدات وتجهيزات المطبخ لا ترقى للمستوى المطلوب، حيث تجد ملاعق وسكاكين يعلوها الصدأ، ناهيك عن الويفي المعطل دوما، والتلفاز الذي يشتغل حسب الصدف" كان هذا تصريح أحد الغيورين على القطاع السياحي بتطوان.
وفي تصريح آخر لأحد الأطباء المغاربة الذي أصبح من المواظبين على زيارة اسبانيا رفقة أسرته الصغيرة خلال كل عطلة صيفية، قال " السمسار المغربي يريد ربح المال دون تأدية واجب الخدمة المتعارف عليها عالميا، ولهذا السبب يفضل المغاربة حاليا التوجه نحو اسبانيا لتقثهم بالضمانات الحقيقة التي تمنحها إياهم الصناعة السياحية الإسبانية، التي ليس من قبيل الصدف أن يضع ثقتهم بها أكثر من 80 مليون سائح سنويا". (adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({}); باختصار المنتوج السياحي الذي يقدمه سماسرة الكراء، هو منتوج ضعيف كيفا ونوعا وجودة وتنوعا، فالسماسرة وحتى الفاعلون السياحيون أرباب الفنادق، يعتقدون أن السياح مجرد قطيع من الماعز يحتاجون إلى أربعة حيطان مثل الحظيرة ليستسلموا فيها للنوم، أما الترفيه والصناعة الترويجية وخلق الفضاء الإيجابي و الأحداث الجاذبة للجمهور المستهدف فهي مفاهيم لا يستوعبها عقل السمسار المغربي الذي يهدف إلى جمع أكبر قدر من المال لأنه يعيش تحت رعب قلة عدد أيام فصل الصيف. وعليه فلا غرابة أن نجد مؤخرا أن أيام رواج المصيف بتطوان والناحية أصبحت أقل من عمر الفراشة، لأن أغلبية العائلات أصبحت تكتري الشقق عن مضض لمدة تتراوح ما بين 3 أيام وخمسة أيام كحد أقصى، ومن المحتمل أن تنخفض هذه المُدد في المستقبل إذا بقيت أثمنة الإيجار على ما هي عليه. يذكر وحسب المعطيات التي تتوفر عليها جريدة "بريس تطوان" فإن العديد من ملاكي الشقق والفيلات الفاخرة بالشريط لا يقضون عطلة الصيف بها بل يقومون بكراءها للغير وبواسطة الأموال المتحصل عليها من هذه العملية يسافرون إلى اسبانيا حيث يجدون اثمنة الإيواء جد مناسبة وبالتالي يستفيدون من فارق الأرباح الكبير.