ككل سنة تسري بين المغاربة عدوى زيارة الأماكن المقدسة من أجل أداء عمرة رمضان، والتي أصبحت مجرد علامة تجارية رائجة، تحقق لصاحبها الإشباع الروحي الزائف، وتعطيه الوجاهة الاجتماعية وإمكانية "الفوحان" باللغة الدارجة، على محيطه الاجتماعي والعائلي. هؤلاء المواطنون المغاربة الذين منهم من يبذر 25 مليون سنتيم لقضاء عمرة باذخة من 5 نجوم، وحجز مركز في الصفوف الأولى لصلاة للتروايح، لا يأبه بكون هناك 700 طفل مغربي من بني جلدته، يجوبون كالجردان شوارع بمدينة مليلية، وأكثر من 500 آخرين بشوارع سبتة، يطلبون البر والإحسان من النصاري والكفار الإسبان. لا يأبه هؤلاء المعتمرون الذين يريدون شراء تأشيرة الجنة لوحدهم، أنه يوجد أكثر من 5000 طفل ينتمي لأمة محمد "صلى الله عليه وسلم" هم حاليا يوجدون بأوروبا الكافرة التي تستخرج لهم وثائق الكفالة لتبني هؤلاء الأطفال ،وإخراجهم من ملة الإسلام. الأمور واضحة ولا تحتاج إلى أي تفسير، المسلمون يكثرون من العبادات وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا، لكنهم يهدمون ويخربون الأساسيات وأهم الأركان التي بنيت عليها الإنسانية، لذا لا جرم أن تكون دوما النتائج عكسية، حيث نجد وضعية المسلمين في الدرك الأسفل بين جميع أمم الأرض. يقول تعالى" قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ". أظن عندما نقضي على الجوع والحرمان داخل الوطن، وعندما يرحل الجهل والقبح والحقد والقاذورات والأوساخ عن مدننا وقرانا، يمكن أن نفكر في العمرة، عدا ذلك فإنها ستصير مجرد طقس أناني يحاول الإنسان من خلاله استغفال خالقه للدخول إلى الجنة، أما الآخرون فليذهبوا إلى الجحيم.
فكم من فقير ويتيم يفترش الأرض ويلتحف السماء؟ وكلنا يعلم أن اليتيم إذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن، وكلنا يعلم أيضا عدد الأيتام والمحرومين يئنون في صمت وبين ظُهرانينا، دون من يلتفت لهم، لتجدهم في آخر المطاف يبحثون عن الرحمة في بلاد الكفار عبر قوارب الموت وأنياب سمك القرش، وأمة سيدنا محمد في خبر كان.