في الساعة الثانية من ظهر يوم الأربعاء المنصرم ظهر على موقع «تويتر» حساب يؤيد ترشيح لطيفة بن زياتن ل«جائزة نوبل للسلام» لعام 2018، وخلال ساعات قلائل، حصد الحساب الآلاف من تعليقات التأييد والإعجاب بالسيدة المغربية الأصل التي تعد في فرنسا رمزاً للتسامح ونبذ التطرف. لطيفة هي والدة المظلي الفرنسي عماد زياتن الذي اغتاله الإرهابي محمد مراح في مدينة تولوز، جنوبفرنسا، ومنذ مصرع ولدها رفضت الانصياع لخطاب الكراهية وظهرت في وسائل الإعلام داعية للتفاهم والمحبة، لا سيما في أوساط المهاجرين المغاربيين. فالقاتل مسلم والقتيل مسلم، لذلك حاولت أن تصحّح النظرة السلبية إلى الإسلام وبدأت تطوف المدن الفرنسية والتجمعات الشعبية لكي تشرح للأبناء المتحدرين من أجيال الهجرة أنّها تدين بعقيدة تعد البشر سواسية. في 11 مارس 2012، خرج محمد مراح، وهو جزائري مولود في فرنسا وكان على صلة بالجماعات الإرهابية، راكباً دراجته النارية ومسلحاً بمسدس، وبدأ باستهداف كل من يراهم في طريقه ممن يرتدون البذلة العسكرية، وقتل 3 مجندين، أولهم عماد زياتن. ثم مضى في طريقه باتجاه مدرسة يهودية بالمدينة وقتل 4 آخرين بينهم 3 أطفال. وبعد أيام حاصرت قوة من الشرطة شقة لجأ إليها الجاني وقتلته في تبادل كثيف لإطلاق النار. ولدت لطيفة بن زياتن (58 سنة)، في مدينة تطوان وما زالت تحتفظ بجنسيتها المغربية، وقد كرست حياتها، طوال السنوات الخمس الأخيرة، لمهمة وحيدة؛ هي محاولة إبعاد الشباب عن التطرف. فبعد فقدان ابنها، قرّرت الذهاب لزيارة المجمع السكني الشعبي الذي نشأ فيه القاتل محمد مراح، وهناك سألت الأولاد الموجودين في الشارع عنه فقالوا إنه بطل وقد تصرف كمسلم جيد. لكنّهم فوجئوا بالسيدة المحجبة التي تتحدث لغتهم تقول لهم إنّ مراح قتل ابنها، وهو مسلم أيضاً وبريء ولم يؤذ نملة، وكانت تلك المواجهة نقطة الانطلاق للطيفة التي أسّست جمعية تحمل اسم ولدها، وقامت بعشرات الزيارات للمساجد والمدارس والسجون والأحياء الشعبية، تدعو فيها لمحاربة التطرف وهدر الدماء. وكانت تردد، في تصريحاتها، أنّ قلبها اكتوى بمقتل ابنها عماد وهي لا تريد لأي والدة أن تعيش لوعتها، وبفضل نشاطها السلمي نالت عدة تكريمات؛ بينها «جائزة مؤسسة شيراك» عام 2015، وفي السنة نفسها «جائزة التسامح» التي تمنحها «جمعية أصدقاء مارسيل رودلوف»، السياسي الفرنسي الراحل الذي كان عمدة لمدينة ستراسبورغ. كما حصلت على «الجائزة الدولية للمرأة الشجاعة» من يد جون كيري، وزير خارجية الولاياتالمتحدة السابق. وفي ربيع 2016 في ذكرى اغتيال ابنها، قلدها الرئيس السابق فرنسوا هولاند «وسام الشرف الفرنسي» من رتبة «فارس».