وفد رفيع من (الناتو) في زيارة للمغرب لتعزيز التعاون العسكري مع البحرية الملكية    وكيل الملك يوضح حقيقة منع "م منجيب" من السفر خارج الوطن    ولد الرشيد يؤكد انخراط البرلمان في تحقيق العدالة الإجتماعية ويرد على إقحام "قضية الصحراء" في منتدى برلماني دولي    تراجع طفيف في سعر الغازوال والإبقاء على ثمن البنزين في 13,05 درهما    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الافتتاح على وقع الأحمر    انهيار في مداولات البورصات الأوروبية بعد تراجع كبير في البورصات الآسيوية والخليجية الأحد    بدء مناورات جوية بين الفلبين والولايات المتحدة لتعزيز التعاون العسكري    نبيل باها: التتويج بلقب "الكان" يتطلب بذل مجهودات أكثر    مبابي: "أفضل الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا على أن الكرة الذهبية"    مزراوي يحظى بإشادة جماهير مانشستر يونايتد    توقيف شاب بالدشيرة الجهادية بتهمة تهشيم السيارات    وزارة الصحة تطلق الحملة الوطنية للتحسيس بأهمية زيارات تتبع الحمل    النيابة العامة تتحدث عن مسطرة قضائية جديدة في مواجهة المعطي منجب أدت إلى منعه من السفر    المنتزه الوطني للحسيمة .. الذئب الذهبي الإفريقي مفترس يضبط التوازن البيئي    الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يعلن عن تفاصيل الاستفادة بأثر رجعي من معاش الشيخوخة    الدرك يعتقل مبحوثا عنه يتاجر في "الهيروين" بالفنيدق    أغنية "تماسيح" جديد الشاب بلال تحتل المرتبة العاشرة في "الطوندونس" المغربي    3 دول إفريقية تستدعي سفراءها في الجزائر بعد اتهامها بالعدوان على مالي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية يقلب بعض المسلمات رأسا على عقب    أسعار النفط تهبط لأدنى مستوى لها في أربع سنوات    مهمّة حاسمة للركراكي.. جولة أوروبية لتفقد مواهب المهجر استعداداً لتعزيز صفوف المنتخب    انتقادات تلاحق وزارة الفلاحة بسبب تنظيمها لبرنامج تكويني بسوس بمشاركة مؤسسة إسرائيلية    الرئيس البرازيلي السابق "بولسونارو" يتظاهر في الشارع    ولد الرشيد: المغرب يدافع "بكل حزم" عن احترام الوحدة الترابية للدول    "الاثنين الأسود".. حرب الرسوم الجمركية تُفقد بورصة وول ستريت 5 تريليونات دولار    طقس الإثنين .. أجواء قليلة السحب مع تشكل كتل ضبابية    مقابل 120 ألف يورو.. عناصر أمنية إسبانية سهلت عبور أطنان من الحشيش    "لكم" ينشر رسالة المهندسة ابتهال إلى زملائها في "مايكروسوفت": نحن متواطئون في الإبادة    القاهرة ترفع ستار مهرجان الفضاءات المسرحية المتعددة    المغرب.. قوة معدنية صاعدة تفتح شهية المستثمرين الأجانب    ابتهال أبو السعد.. مهندسة مغربية تهز العالم بشجاعتها وتنتصر لفلسطين    رئيس مجلس المستشارين يشارك بطشقند في أشغال الجمعية العامة ال150 للاتحاد البرلماني الدولي    ماراثون مكناس الدولي "الأبواب العتيقة" ينعقد في ماي المقبل    الولايات المتحدة الأمريكية تحظر منتوج ملاحة في كوريا    النظام الجزائري.. تحولات السياسة الروسية من حليف إلى خصم في مواجهة الساحل الإفريقي    روعة مركب الامير مولاي عبد الله بالرباط …    تفاعلا مع الورش الملكي لإصلاح المنظومة الصحية.. مهنيو الصحة 'الأحرار' يناقشون مواكبتهم لإصلاح القطاع    أمم إفريقيا : منتخب U17 يضرب موعدا مع جنوب إفريقيا في ربع النهائي بعد فوزه على تنزانيا    الذكاء الاصطناعي في الصفوف الأمامية خلال المؤتمر 23 لجمعية مكافحة الأمراض المعدية    رولينغ ستونز إفريقيا في قلب صحراء امحاميد الغزلان    لاف دياز: حكومات الجنوب تستبعد القضايا الثقافية من قائمة الأولويات    وزان تحتضن الدورة الأولي لمهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي    الجسد في الثقافة الغربية 11- الجسد: لغة تتحدثنا    بوزنيقة: المكتب الوطني المغربي للسياحة: افتتاح أشغال مؤتمر Welcom' Travel Group'    سجل عشاق الراكليت يحطم رقمًا قياسيًا في مدينة مارتيني السويسرية    دش الأنف يخفف أعراض التهاب الأنف التحسسي ويعزز التنفس    "قافلة أعصاب" تحل بالقصر الكبير    لسعد الشابي: الثقة الزائدة وراء إقصاء الرجاء من كأس العرش    توضيحات تنفي ادعاءات فرنسا وبلجيكا الموجهة للمغرب..    ترامب يدعو لخفض أسعار الفائدة: الفرصة المثالية لإثبات الجدارة    طنجة .. وفد شبابي إماراتي يطلع على تجربة المغرب في تدبير قطاعي الثقافة والشباب    دعم الدورة 30 لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط ب 130 مليون سنتيم    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أغنياء الانتخابات..
نشر في بريس تطوان يوم 14 - 01 - 2018

العنوان أعلاه مأخوذ عن الملف السياسي الذي أعدته جريدة "الأحداث المغربية"، في عددها رقم 6415 الصادر في نهاية الأسبوع 13/14 يناير 2018، حول برلمانيين ومسؤولين في مناصب عمومية ودستورية، يجمعون بين أكثر من تعويض انتدابي في البرلمان والجماعات الترابية والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، تصل مداخيلهم الشهرية من العمل السياسي بين ستة وتسعة ملايين سنتيم. وهو الملف الذي فتح عيون الكثيرين عن حقائق ظلت خفية في زمن "الشفافية"، أثارت حولها جدلا واسعا، لاسيما بين جحافل الشباب المعطلين من ذوي الشهادات العليا.
ويأتي في مقدمة المستفيدين من هذه التعويضات السخية عن تعدد الانتدابات البرلمانية والترابية، المنتمون للحزب الإسلامي الحاكم "العدالة والتنمية"، الذي استطاع بفضل استغلال الخطاب الديني والعمل الإحساني وادعاء الطهرانية والزهد في المناصب ومحاربة الفساد والاستبداد، أن يدغدغ مشاعر البسطاء ويتلاعب بعقولهم في حملاته الانتخابية، والفوز بالمرتبة الثالثة ب"5021" مقعدا في انتخابات يوم 4 شتنبر 2015 لاختيار عمداء المدن ورؤساء الجماعات الحضرية والقروية ورؤساء الجهات، وراء كل من غريمه اللدود حزب "الأصالة والمعاصرة" في المرتبة الأولى ب"6555" مقعدا، وحزب "الاستقلال" في المرتبة الثانية ب"5106" مقعدا.

ويعود ليتصدر نتائج تشريعيات 7 أكتوبر 2016 بحصوله على "125" مقعدا متبوعا بحزب الأصالة والمعاصرة ب"102" مقعدا، ثم حزب الاستقلال ب"46" مقعدا. وهو ما خول لعدد مهم من أعضاء الأحزاب الثلاثة، الاستحواذ على أكثر من تعويض انتدابي. حيث أنه كلما ارتفع عدد النواب والمنتخبين الجماعيين والجهويين بحزب ما، كلما تضاعفت فرص الفائزين في الجمع بين التعويضات، ويزيدها سمنة اكتساب عضوية إحدى الهيئات المؤسساتية.
ومن خلال الاطلاع على ما ورد في الملف من معلومات قيمة، يتبين أن هناك مقترحي قانون لفرق الأغلبية يرتبط الأول بتحديد السقف الأقصى للأجور والتعويضات، فيما الثاني المقدم من لدن الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، يتعلق ب"منع تعدد الأجور والتعويضات في الهيئات الترابية والمهنية المنتخبة والمؤسسات الدستورية والإدارية"، ويهدف إلى محاربة مختلف مظاهر الفساد والريع السياسي، والتصدي ليس فقط إلى النواب البرلمانيين وعمداء المدن ورؤساء الجماعات، بل كذلك إلى مسؤولين بالمناصب العليا في المؤسسات الدستورية والعمومية، الذين يستفيدون بدورهم من الغنائم السياسية.

ولا يهمنا هنا إن كان الفريق الاشتركي أراد فقط تسليط الأضواء حوله، بعدما فقد الحزب قوته وبريقه، بل يهمنا تصريح أحد قيادييه الذي أوضح أن إقدامهم على هذا العمل التشريعي الجاد، ناجم عن رغبتهم الأكيدة في مواجهة النظام القانوني الذي ظهر مع الانتخابات الجماعية والجهوية لسنة 2015، حيث اتضح أن المشرع تغافل سواء عند صياغة القوانين التنظيمية للبرلمان بغرفتيه أو قوانين الجماعات الترابية، عما اعتورها من إخلالات تمثلت في الجمع بين أكثر من تعويض انتدابي.


مما جعل عديد المنتخبين والمسؤولين يستغلون هذه الثغرات التشريعية في مراكمة مداخيلهم، جاعلين من السياسة مطية للرقي الاجتماعي والاغتناء السريع. لذلك شدد واضعو المقترح على أن غايتهم الكبرى هي تصحيح الوضع القائم على مستوى حالات التنافي في تحمل المسؤوليات التمثيلية والانتخابية، وتنافي رئاسة الجهة مع العضوية في البرلمان، وترشيد نفقات المالية العمومية، وتخليق الحياة السياسية والحزبية، وتفادي ما يترتب عن تعدد المهام من آثار سلبية على المردودية والمصلحة العامة.

فمن المستغرب إبداء المسؤولين والمنتخبين تأففا كبيرا كلما تعلق الأمر بمطالب شعبية أو مشاريع قوانين، يرونها غير متجانسة مع مصالحهم الذاتية، كالمطالبة بإسقاط معاشات البرلمانيين والوزراء... في حين لا يترددون في المصادقة على مقترحات قوانين أخرى، غير عابئين بما قد يتولد عنها من احتقان وتنامي الاحتجاجات وتهديد السلم الاجتماعي، من خلال ضرب القدرة الشرائية للمواطنين والإجهاز على مكتسباتهم، كإلغاء دعم المواد الأساسية وتحرير أسعار المحروقات والاقتطاع من رواتب المضربين عن العمل، وإصلاح نظام التقاعد على حساب العمال والوظفين...

وها هم اليوم أمام محك جديد، خاصة منتخبو الحزب الحاكم الأكثر استفادة من تعدد التعويضات، فما الذي دفعهم إلى المماطلة والتلكؤ في تمرير مقترحي القانون إلى مسطرة التشريع، وحدوث ذلك الصراع العلني داخل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب بين بعض الأعضاء والرئيس، وعدم تحمس الحكومة للنقاش، علما أن المقترحين يرميان إلى ترشيد النفقات وتحقيق الحكامة الجيدة ومحاربة الفساد والريع السياسي، وتحديد سقف أقصى للأجور والتعويضات بالإدارات العمومية والمؤسسات والمقاولات العمومية، والمساهمة في ترسيخ العدالة الاجتماعية، تعزيز الديمقراطية وإنهاء التمييز السلبي بين الوظائف والمناصب السامية؟
إننا لا نرفض تخصيص تعويض عن التمثيل الانتخابي، بقدرما نرفض هذا السخاء غير المبرر الذي يصل أحيانا إلى أربع تعويضات، واقتصار الانتدابات على أشخاص بعينهم، عوض تجديد النخب وتحقيق الفعالية والنجاعة. وندعو الحكومة إلى التفاعل الإيجابي مع هذه المبادرة، وجعلها مدخلا أساسيا لإصلاح عديد الأعطاب القائمة، إذ لايعقل أن يقبل المواطنون بأن يتواصل هذا النزيف الحاد للمالية العامة، في ظل ظروف العيش الصعبة وتآكل الطبقة الوسطى وارتفاع معدلات الفقر والهشاشة والأمية والبطالة وتفشي الفساد وغياب العدالة الاجتماعية والمجالية والأجرية، جراء سوء التدبير والتوزيع غير العادل للثروة، واستفادة قلة من المحظوظين على حساب ملايين المغاربة.

مؤسف حقا أن تتحول السياسة إلى مصدر للإثراء "السهل"، ومرتع للممارسات الدنيئة والانتهازية والنفاق والتلاعب بعواطف العباد ومصالح البلاد، حتى كادت الساحة السياسية تخلو كليا من المناضلين الشرفاء، الذين عرفوا بالاستقامة والنزاهة ونكران الذات والالتزام بالمبادئ والقيم الإنسانية السامية.

اسماعيل الحلوتي
الشاون بريس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.