شبح أزمة اقتصادية خانقة قادمة بتطوان صرح مسؤول بإحدى المقاولات الصغرى بمدينة تطوان، بأن النسيج الاقتصادي للمدينة والذي كان في الأصل هشا، أصبح يتعرض حاليا لعملية تفكك خطيرة ،وهذا مؤشر على دخول المدينة في دوامة أزمة اقتصادية خانقة لا مناص لها. وفي هذا الصدد أوضح المتحدث المذكور أنه على عكس مدينة طنجة التي جعلت من الصناعة سواء الكبيرة أو حتى الصغيرة ، إيرادا ثابتا لمداخيل المدينة، فإن تطوان اعتمدت على العقار وعمليات السمسرة والمضاربة في الأراضي، وهذه الإيرادات تعتبر في لغة أهل الاقتصاد، أصولا سامة لا يمكن الوثوق في نجاعتها ومردوديتها على الأمد الطويل. "بلغة واضحة، السيولة أصبحت قليلة جدا بمدينة تطوان، فيمكن أن تجد بعض الفاعلين يملكون العديد من الشقق والعمارات، لكن عملية البيع في هذه الأيام أصبحت شبه مستحيلة، كما أن الأبناك بدأت تتعامل بكثير من الحيطة والحذر، مع الملفات العقارية وذلك تفاديا لوقوع مشاكل مستقبلية، تتعلق بتحصيل الديون واستحقاقات آجال الرهون العقارية " يقول المتحدث المذكور.
من جهة أخرى أوضح أحد المحاسبين الخواص بالمدينة أن رئة الإقتصاد التطواني كانت تتنفس عبر ثلاثة أنابيب رئيسية، تتمثل في أنبوب الأموال المتحصل عليها من عالم المخدرات ومحيطه، والأموال المتحصل عليها من معبر باب سبتة، وأموال تحويلات أبناء الجالية المغربية بالخارج، لذويهم المقيمين بتطوان، مضيفا أن كل هذه المصادر أصبحت الآن جد شحيحة، و مهددة بالشلل والتوقف التام. فبالنسبة للمخدرات فقد أوضح المحاسب المذكور، أن الضربات الموجعة التي وجهتها السلطات الأمنية المغربية والحرس المدني الاسباني، وعمليات تعزيز المراقبة الجوية والبحرية والبرية، إضافة الى محاربة سماسرة تبييض الأموال وشبكة الوسطاء، جعل هذه المداخيل تتقلص بشكل كبير، وهي سائرة في طريق النضوب في القادم من الأيام. أما فيما يتعلق بمداخيل تجارة التهريب عبر معبر باب سبتة، فقد أكد المتحدث أن سنة 2017 كانت أسوأ سنة بالنسبة للمهربين حيث أصبح المعبر يغلق أكثر من ثلاث مرات في الأسبوع كما تم تقليص حمولة النساء الحمالات ،وفترات الدخول والخروج المسموح بها الى مدينة سبتة وهذا بالطبع انعكس سلبا على هذه التجارة الغير المشروعة، والتي كانت تضخ ملايير السنتيمات سنويا داخل شريان الاقتصاد المحلي لتطوان والناحية. وعن تحويلات مغاربة العالم أفاد المحاسب المذكور، أن أغلب مهاجري تطوان بدول السويد وهولندا وبلجيكا واسبانيا وألمانيا اصطحبوا معهم أولادهم الى هناك، وبالتالي لم يعد لهم أبناء وأسر في المغرب يرسلون لهم العملة الصعبة ،اللهم بعض الحالات المعدودة لبعض كبار السن من الأصول والأجداد والجدات ،وأنه في حالة وفاتهم فإن هذا المورد من العملة الصعبة سينقطع إلى الأبد ،هذا طبعا مع الأخذ بعين الاعتبار الأزمة الاقتصادية التي ضربت بدورها بعض الدول الأوربية والتي أثرت كذلك على مداخيل الجالية في أغلب الدول التي يعيشون بها. يُذكر أن ما زاد من تعميق جراح مدينة تطوان، هو الفشل الذريع للنموذج التنموي والذي اعترف الملك محمد السادس شخصيا بعدم جدواه، وهو نموذج يعتمد في هندسته على هدر أموال ضخمة على الطرق والمساحات الخضراء والكورنيشات والإنارة العمومية وبناء المساجد ومصاريف الصيانة والاستهلاك ،وهي كلها مشاريع عقيمة غير مدرة للدخل، ولا تساهم من قريب أو بعيد في انتاج ثروة الأمم ، كما حددها بدقة الاقتصادي الشهير "آدام سميث".