سألني : « هل البكاء مفيد لنا، في كل الأحوال ؟ ». فأجبته : « نحنُ بحاجةٍ إلى أن نفهم : متى نبكي، وكيف نبكي؟ فالبكاء مفيدٌ جداً، إذا ما أزال حزنك، وأعاد لنفسك، صفاءها وسكينتها. أمّا أن تبكي، فتهطل الدموع من عينيك، حتى يجف منبعها، ولا يزول حزنك، ولا تسترد ذاتك، فذاك هو البكاء المميت، إنه في الواقع وبهذه المثابة، ليس إلا الزاد الذي تقدمه للحزن، ليقتات عليه كي ينال منك فيدمرك.
الأمر وباختصار : يتوقف على حالتك فيما بعد البكاء، فإن أقبلتَ على الحياة بسكينةٍ ورضاً، يكن البكاء مفيداً لك وما خلا ذلك فهو قتل الذات.
و كأن الدمعة، تشعر بكينونتها، فتثأر لنفسها، من فرط الإهانة، إذا سُكبت بلا طائل فتنحاز للحزن لتقضي على ساكبها، فتموت بداخله، في عزةٍ وكرامة.
كأنها تخشى أن تشمت فيها الأرض، حين تهبط عليها، فتزدريها الأرضُ وتدفنها، فلا هي تبخرت وصعدت إلى السماء، لتتجول في الكون عبر سحابة ولا هي كانت قرباناً قدمه صاحبها إلى الأمل ليشفى ».