يعيش حزب العدالة و التنمية بتطوان على وقع زلزال سياسي داخلي قد لا يبقي و لا يذر، بعد أن فجر العشرات من أعضاء الحزب مفاجأة من العيار الثقيل، بأن وجهوا رسالة إلى الأمانة العامة لحزب العدالة و التنمية تحت عنوان "ارفعوا التحكم عنا في إقليمتطوان" وقعها العشرات من أعضاء الحزب بالمدينة، يشكون فيها "ظلم" و"تحكم" إدعمار و من يسير في فلكه، "بعد أن طال الظلم علينا نحن مجموعة من أبناء الحزب بإقليمتطوان". و أكد الموقعون على الرسالة التي حصلت "بريس تطوان" على نسخة منها أنه و بقدر تشبثهم بمبادئ الحزب و قوانينه و توجيهات الأمين العام في إشارة إلى بنكيران الداعية إلى "عدم التهافت على المناصب و الالتزام بالمساطر، بقدر ما اصطدموا بما أسموه "ممارسات شاذة" تضرب عرض الحائط كل قيم الحزب و قوانينه، و المساطر المتفق عليها عرض الحائط، ليكشفوا و من خلال الرسالة الوضع الذي وصله إليه حزب "المصباح" بتطوان على مختلف المستويات و الأصعدة.
الصبر..في مواجهة التحكم يبدو أن التصريحات المزلزلة التي خرج بها الأمين بوخبزة و انفردت بريس تطوان بنشرها لم تكن إلا الشجرة التي تخفي غابة الصراع و الاحتقان داخل بيت بنكيران و إخوانه بتطوان في ظل سطوة "التحكم" وهو ما تؤكده الرسالة التي اعتبر الموقعون عليها أنهم كانوا و لازالوا مع ضرورة تقوية بناء الحزب، و الحرص على رص صفوفه و وحدته، بعيدا عن "التهافت على المناصب أو الحرص على مقعد زائل"، على حد تعبير الرسالة، قبل أن يظهر خلال سنة 2009 "تيار تحكمي جارف هدفه الانقضاض على كل المقاعد و المسؤوليات (..) دون مراعاة مساطر الحزب و قوانينه في ذلك بنهج جميع أساليب الكولسة و التضليل".
و أوضحت الرسالة أن الوضع في حزب "المصباح" بتطوان لا يعرف صراعا بين تياري إدعمار و تيار الأمين بوخبزة "كما يسوق له التيار التحكمي، و كما سوق له في السابق بين تيار إدعمار و تيار الكاتب الإقليمي السابق ناصر الفقيه اللنجري" و إنما هناك تيار "تحكمي" واحد تورد الرسالة، يقوده إدعمار الذي يريد الاستيلاء على التنظيم و طرد كل المختلفين معه، بل و "معاقبتهم إن اقتضى الأمر".
إدعمار..و سياسة فَرق تَسود
و اتهمت الرسالة محمد إدعمار رئيس الجماعة الحضرية لتطوان و وكيل لائحة حزب العدالة و التنمية بتطوان في الانتخابات البرلمانية المقبلة بكونه الرجل الذي لا يظهر في الصورة، و إنما يفكر و يأمر جهازه التنفيذي الذي يرأسه الكاتب المحلي للحزب أحمد بوخبزة لتنزيل أوامره و تعليماته وهو الأمر الذي تضيف الرسالة قسم الحزب و شعل نيران العداوة بين أعضائه، مستعملا مقولة "فرق تسود".
و لفتت الرسالة إلى أن الجميع كان ينتظر "بفارغ الصبر" محطة الاستحقاقات البرلمانية هاته لعلها تكون منعرجا تجاه إحداث التغيير الذي من شأنه جمع لحمة الحزب مجددا، قبل أن يصدموا بقرار الأمانة العامة الذي زكى "منهج التحكم"، و أبان عن انحيازه لطرف على حساب الآخر على الرغم من الدراية الكبيرة لواقع الحزب بإقليمتطوان، مما سيزيد من إضعاف الحزب بالإقليم و هجرة مناضليه، تردف الرسالة.
إدعمار..من أين لك هذا؟
و من بين المعطيات الخطيرة التي كشفتها الرسالة تلك المتعلقة بشراء و تجهيز مقر للحزب بتطوان تدبره الكتابة المحلية لتطوان بأكثر من مليون درهم دون التصريح بمصادر التمويل، و الحرص على افتتاحه من طرف الأمين العام للحزب مع العلم تؤكد الرسالة أنه و قبل وقت قليل كانت الكتابة المحلية تعجز عن أداء مبلغ 1500 درهم كمساهمة في كراء مقر الحزب بتطوان، فمن أين بهذه الأموال؟ و لماذا التستر على مصادرها؟ يتساءل الموقعون على الرسالة.
هذا إلى جانب الطريقة التي يتم بها تعيين وكلاء بسوق الجملة من أعضاء الحزب المحسوبين على إدعمار و الذين "لاتتوفر فيهم الشروط القانونية"، بما يشكله ذلك من ضرب لكل شروط العدالة و الاستحقاق، فضلا عن الكيفية التي تتم عبرها عملية توزيع المنح على الجمعيات بجماعة تطوان على الجمعيات المحسوبة على إدعمار دون اعتماد أية معايير، بل و "معاقبة كل الجمعيات المخالفة بما فيها جمعيات بعض أعضاء الحزب المختلفين معه، ناهيك عن استعمال الرخص الممنوحة من طرف الجماعة الحضرية لتطوان كوسيلة ل"استمالة و ابتزاز" بعض المواطنين من جهة و معاقبة المخالفين بعدم منحهم حقهم في الحصول عليها، و وصول مصاريف الحملات الانتخابية إلى مستويات خيالية كما هو الشأن بالنسبة لمصاريف حملة الاستحقاقات الانتخابية الجماعية الأخيرة دون التصريح بمصادرها، "في حين و إلى وقت قريب كان الحزب يكتفي بدعم المركز و بمساهمات أعضائه"، وفق نص الرسالة دائما، مع العمل على دمج المحسوبين على إدعمار في توظيفات مشبوهة، في تجاوز تام للمساطر الجاري بها العمل في شركات التدبير المفوض للنظافة، و النقل، و الماء و الكهرباء.
الكولسة..المنهج الثابت
و في تأكيد للتصريحات التي كان بوخبزة قد أدلى بها لبريس تطوان قبل أشهر و التي اتهم فيها إدعمار ب"الكولسة" و "عبادة المنصب" قال الموقعون على الرسالة إن الكولسة هي منهج إدعمار في كل الاستحقاقات كما هو الشأن في الجمع العام الأخير لأعضاء لجنة الترشيح حيث عمد هذا الأخير إلى تسخير كل الوسائل لتحقيق هدفه في الحصول على كل الأعضاء المقترحين من الجمع لتقوية وضعيته في لجنة الترشيحات، "و بعدما لم يحصل على مبتغاه، قدم طعنا في المؤتمر و لكن بتوقيع غيره"، معتبرين الأمر نموذجا لكولسة عاقبت عليها الأمانة العامة للحزب في مراكش، لكنها زكت صاحبه في تطوان.