“الأزمة الصامتة” بين البلدين لا تكسر “الأعراف القديمة”، كذلك اشتغلت وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا ليلى كونزاليز، واختارت المغرب كأول محطة دبلوماسية لمسلسل زيارات بلدان الجوار، إذ من المرتقب أن تحط رحالها بالعاصمة الرباط من أجل لقاء وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، في 24 من شهر يناير الجاري، وفق ما كشفته وسائل إعلام إسبانية. وتحلُّ الوزيرة الجديدة بالمغرب في ظل توجس كبير طبع علاقات البلدين خلال الشهر الأخير، بسبب ترسيم المغرب حدوده البحرية الجنوبية، وكذا قراره إغلاق الباب أمام تجارة “التهريب المعيشي” بمعبر سبتة، وهو ما تعاطت معه إسبانيا ب”قلق كبير” من خلال نشر القوات الجوية للجار الإيبيري طائرات “ف – 16” قبالة سواحل جزر الكناري. وإلى جانب الصدام الحالي، لا تبشر العلاقات بين سبتةوالرباط بخير، فقد وصف خوان فيفاس، حاكم مدينة الثغر المحتل، خطوات المغرب بشأن المعابر الحدودية ب”الخطيرة جدا”، مطالبا ب”تدخل الحكومة المركزية لمدريد من أجل تدارك الأمر”، ومعتبرا أن “المدينة لا يمكن أن تصمد أمام الوضع الذي تعيشه المنطقة على المستوى الحدودي”. ومعروفٌ أن وزارة الخارجية الإسبانية دأبت على الاحتفاظ بزيارة المغرب على رأس أجندة المسؤول الأول فيها، وهو ما كان عليه الحال مع الوزيرين السابقين ألفونسو داستيس وجوزيف بوريل، اللذين تجاوزا بدورهما ملفات صعبة في علاقة بالجوار المغربي، يتقدمها تعثر “اتفاق الصيد البحري” بين المغرب والاتحاد الأوروبي. وفي السياق، يرى الشرقي الخطري، مدير مركز الجنوب للدراسات والأبحاث، أن “العلاقات بين البلدين ثابتة وإستراتيجية، لكنها تتغير أحيانا بحكم التحولات التي يشهدها الحقل السياسي بإسبانيا؛ ففي بعض الأحيان تصدر كثير من المواقف المعادية لمصالح المغرب من أحزاب معروفة التوجه”، مؤكدا أن “ذلك يكون عابرا بحكم التنسيق المشترك”. وأضاف الخطري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المغرب شريك إستراتيجي لإسبانيا في قضايا الأمن والاقتصاد والتجارة، كما في قضايا محورية مثل مكافحة الإرهاب والهجرة السرية”، مسجلا في السياق ذاته وجود بعض القضايا الخلافية، خاصة ما يتعلق بمدينتي سبتة ومليلية، وزاد: “التفاهم بين الجانبين قائم رغم ذلك”. واستعرض الخبير المغربي بعض أوجه العلاقات، مثل “زيارة الملك فيليبي السادس للمغرب كأول بلد خارج الاتحاد الأوروبي، والتنسيق من أجل احتضان فعاليات كأس العالم لسنة 2030″، مؤكدا أن “حجم استثمارات الشركات الإسبانية داخل المغرب مهم جدا، كما أن تواجد 900 ألف مغربي على التراب الإسباني يلعب دورا كبيرا في علاقات البلدين”. وأكمل الخطري: “خلال العقدين الأخيرين تطورت روابط إسبانيا والمغرب بشكل كبير، بحكم اعتمادهما على الواقعية، إذ إن الجار الإيبيري تجاوز فرنسا أحيانا في حجم المبادلات، كما أن المغرب هو الزبون الثاني للإسبان خارج بلدان الاتحاد الأوروبي”.