تشهد مدينة تطوان ارتفاعا مهولا في ظاهرة الانتحار منذ بداية السنة الجارية، وقد بلغت الحالات المسجلة أزيد من 25 حالة انتحار مُعلن عنها، ما يعني أكثر من حالتين للانتحار في كل شهر بالحمامة البيضاء. الوضع أثار الانتباه بشكل بالغ نظرا لكون مدينة تطوان، لم تكن “تاريخيا” من المدن التي تشهد ارتفاعا كبيرا في نسب الانتحار، الأمر الذي دفع بالعديد من المهتمين بالشأن المحلي في المدينة لطرح العديد من علامات الإستفهام حول سبب هذا الارتفاع المفاجئ في الانتحارات بالمدينة. من بين الأسباب التي يركز عليها العديد من المهتمين بالشأن المحلي في تطوان، هو الركود الاقتصادي الذي شهدته المدينة في السنوات الأخيرة، وارتفاع نسب البطالة في أوساط الشباب مع غياب أي بشائر بتغيير الوضع في المستقبل. فالمعامل الموجودة في المنطقة الصناعية بين تطوان ومرتيل، أغلق عدد منها أبوابها وغيرت وجهتها نحو المناطق الصناعية الجديدة بين تطوان وطنجة، في حين لم تعد الأخرى تستوعب العدد المتزايد من اليد العاملة المتوفرة في المدينة. معبر باب سبتة الذي كان موردا مهما لاشتغال المئات من سكان المدينة عن طريق تهريب السلع، تدفق عليه الآلاف من الوافدين من مختلف مناطق المغرب، فارتفع عدد العاملين وتراجع الطلب عليهم، فلم يعد مربحا ولا يسد الحاجيات الضرورية للإنسان. أمر آخر سبق أن لعب دورا مهما في الرواج التجاري والاقتصادي بتطوان لعقود طويلة، وإن كان بطريقة غير قانونية، هو تجارة المخدرات، حيث كان يفد على تطوان العديد من بارونات المخدرات ومزارعي الكيف لاقتناء حاجياتهم من تطوان وإطلاق المشاريع الصغرى، لكن مع تشديد الخناق على هؤلاء تكون تطوان فقدت كل عوامل رواجها . شباب المدينة يعيشون في إحباط دائم بسبب غياب فرص الشغل، فلا يبقى أمامهم من حل سوى الهجرة السرية، أو تعاطي المخدرات، أو الانتحار، لكن يبقى السؤال المطروح وبحدة، هل يكون هذا الوضع “المتأزم” في تطوان هو وراء ارتفاع ظاهرة الانتحار بالمدينة؟ سؤال يبقى مفتوحا على مصراعيه ، ولعل الأيام القادمة كفيلة بالإجابة عنه.