مقابلة صحفية مع كاتب الفرع المحلي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية بتطوان في سياق النقاش الدائر مؤخرا حول إصلاح قانون الصحافة والنشر بالمغرب، والجدل الكبير الذي خاضه المهنيون حول بعض بنود هذا القانون والمتعلقة منها على الخصوص بالعقوبات، استضافت "بريس تطوان" السيد مصطفى العباسي كاتب الفرع المحلي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية للحديث عن الجديد في المشروع ومدى اسهام النقابة في الإصلاح ودورها في تأهيل الجسم الصحفي المحلي وعلاقتها بباقي مكونات الجسم النقابي بمدينة تطوان. بريس تطوان: ما هي ملاحظاتكم بخصوص مشروع قانون الصحافة والنشر؟ وما مدى مساهمتكم الفعلية في النقاش الدائر حول هذا المشروع؟ ج/ بداية وجب التأكيد على أن ما وصلت إليه المنظومة القانونية المنظمة لقطاع الصحافة والنشر بالمغرب هي ثمرة مجموعة من المحطات النضالية التي خاضها الجسم الإعلامي بالمغرب عبر مجموعة من المراحل التاريخية. النقابة الوطنية للصحافة المغربية على وجه التحديد طالبت بإدخال تعديلات على قانون الصحافة منذ التعديل الذي طرأ عليه سنة 2002م، وهي التعديلات التي لم تلبي الكثير من انتظارات الفاعلين الإعلاميين، إذ رغم إيجابيات تعديل 2002 إلا أنه ظل ناقصا. أيضا ساهمت هيئتنا النقابية عبر سلسلة من الندوات واللقاءات الجهوية والوطنية في النقاش الدائر حول إصلاح المنظومة القانونية الخاصة بالصحافة والنشر، والتي كان من المزمع أن تصدر سنة 2008، إلا أن حدوث مجموعة من المتغيرات ساهمت في تأجيل إصدار هذا القانون، فمع إطلاق الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع الذي أفرز الكثير من الملاحظات الإيجابية حول إصلاح قطاع الإعلام بالمغرب، ثم إفرازات الحراك الاجتماعي الذي عرفه المغرب سنة 2011 وما تمخض عنه من إصدار دستور جديد، انتقل الحوار من المطالبة بإجراء تعديل على القانون إلى إصدار مدونة شاملة للصحافة والنشر بالمغرب تتضمن مجموعة من المقتضيات. إننا في النقابة الوطنية للصحافة المغربية نعتبر هذه الدينامية عاملا إيجابيا ومحفزا نحو إصدار قانون جديد للصحافة يلبي انتظارات المهنيين ويساير الطموح الكبير للنص الدستوري الجديد لسنة 2011. ونثمن ما جاء به مشروع قانون الصحافة والنشر ، كما نعتبره مكسبا مهما، إلا أننا في المقابل نتحفظ وبشدة على مجموعة من البنود التي تشكل بالنسبة لنا تراجعا نحو إقرار ممارسة إعلامية سليمة وتشكل انتكاسة في مجال حرية الصحافة بالمغرب. مشروع القانون الجديد يتضمن بنودا تتعلق بمجموعة من العقوبات لطالما نادى المهنيون بإزالتها من النص القانوني السابق، كما أننا نرفض وبشدة إحالة بعض فصول القانون الخاص بالصحافة والنشر على القانون الجنائي، وفي هذا الإطار ندعو مختلف الفاعلين وخاصة الهيئة التشريعية بالبرلمان بأن تضمن المشروع الجديد نصا صريحا يمنع الإحالة على القانون الجنائي. بريس تطوان: ما هو دوركم في الدفاع عن حقوق الصحفيين؟ وإلى أي حد يمكن اعتبار النقابة آلية للدفاع عن حرية الصحافة؟ ج/ من حيث المبدأ وبشكل عام، نؤكد أن مؤسسة النقابة يتأسس دورها في تأطير العاملين والمنتسبين إليها والدفاع عن حقوقهم، والنقابة الوطنية للصحافة المغربية هي هيئة وطنية مستقلة هدفها الدفاع عن الصحفيين وتنظيم عملهم وتأطيرهم والمساهمة في تأهيلهم المهني، وحجر الأساس في نقابتنا هو مؤازرة الزملاء الصحفيين سواء داخل المؤسسات الإعلامية التي يشتغلون بها، بصفتهم أجراء خاضعين لقانون الشغل، ضد أي حيف قد يلحقهم من طرف مشغليهم. كما أن النقابة تعمل على حماية الصحفيين من العنف الممارس ضدهم أثناء مزاولتهم لمهامهم سواء من طرف الأجهزة الأمنية العمومية أو من طرف بعض الأشخاص العاديين، وفي هذا الإطار فالنقابة حاضرة دوما بإصدار بيانات تنديدية بالعنف الممارس ضد الصحفيين، أو من خلال تنظيم وقفات احتجاجية أو من خلال مؤازرة الزملاء في المحاكم وأثناء الدعاوى القضائية التي تحرك ضدهم وتعمل النقابة على توفير محامين لهذا الغرض. كما أننا نعمل على فتح حوارات جادة مع فيدرالية الناشرين لحل مختلف نزاعات الشغل والمتعلقة خاصة بحالات التسريح والطرد التعسفي التي تهدد المهنيين. إضافة لكل ما سبق، عملت النقابة الوطنية للصحافة المغربية على التوقيع على الاتفاقية الجماعية مع الوزارة الوصية ومع فدرالية الناشرين، وهي الاتفاقية التي توضح مختلف الحقوق الخاصة بالصحفيين والمتعلقة بمنظومة الأجور والعطل وغيرها. كما أننا نعمل منذ مدة على تحيين هذه الاتفاقية مع الشريكين الآخرين بغية الرقي بالخدمات التي تهم الصحفيين خصوصا وأن الوزارة الوصية تقدم دعما مهما للرقي بوضعية العاملين في مهن الصحافة والنشر بالمغرب. بريس تطوان: يعرف العمل الصحفي تطورات متسارعة وخاصة مع التطور التكنولوجي الهائل وزخم المعلومات المتدفقة بشكل سريع، في هذا الإطار ما مدى مساهمة نقابتكم في تأهيل وتكوين العاملين الصحفيين على الصعيد المحلي؟ ج/ نعمل في الفرع المحلي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية بتطوان على فتح باب الانخراط والانتساب إلى النقابة لنوعين من العاملين في مجال الصحاف؛ تهم الفئة الأولى الصحفيين المهنيين الحاملين للبطاقة المهنية للصحافة التي تمنحها وزارة الاتصال، وهم الفئة التي تشكل الصحافة بالنسبة لهم مصدر عيش قار. فيما الفئة الثانية تهم المنتسبين لمجال الصحافة إما كمراسلين لمنابر إعلامية وطنية بتطوان أو مشتغلين في صحف محلية ومواقع إلكترونية، وهي فئة لها مصدر عيشها في مجالات عمل أخرى. في هذا الإطار نؤكد أن الانخراط في النقابة وحمل بطاقتها يشكل اعترافا بالوضعية الخاصة بالصحفي على المستوى المحلي إضافة إلى كون المسألة تساهم في ضبط وتنظيم العمل الصحفي بالمنطقة. إننا في الفرع المحلي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية نعمل بمساطر وإجراءات صارمة في منح بطاقة الانتساب للنقابة بغية تنظيم هذا القطاع من جهة وتخليق ممارسته من جهة أخرى، كما نعمل على مراقبة أخلاقيات المهنة وحث الصحفيين على احترامها أثناء ممارستهم المهنية. وفي الجانب المتعلق بالتكوين، نعمل في نقابتنا على تنظيم حلقات تكوين مستمرة، إما بتنظيم ذاتي أو بشراكة مع بيت الصحافة بطنجة أو مع مؤسسات تكوين أخرى. وبشكل عام فإننا نعمل قدر المستطاع على تأهيل العاملين في مجال الصحافة على المستوى المحلي رغم وجود فارق كبير في الامكانيات والأدوات بالمقارنة مع باقي المدن وخاصة بمركزي الرباط والدار البيضاء. بريس تطوان : ماذا عن علاقتكم بباقي مكونات الجسم النقابي الممثل للصحفيين بمدينة تطوان؟ ج/ نحتفظ في الفرع المحلي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية بتطوان بعلاقات جيدة مع مختلف مكونات الجسم النقابي الممثل للصحافة بالمنطقة، كما أنه ليست لدينا أية عقدة أو مشكل من التعددية النقابية في مجال الصحافة. نقابتنا لها أهميتها وموقعها المتميز محليا ووطنيا، ولا يقلقنا تواجد إطار نقابي أخر بتطوان، حيث نحترم كافة الزملاء المنتسبين للإطارات الأخرى، ونتناقش معهم ونتبادل وجهات النظر في مختلف القضايا المطروحة بالمشهد الإعلامي المحلي، ونتعاون على حل الإشكالات المطروحة بالمدينة بين الزملاء. إلا أننا بالمقابل، نؤكد على رفضنا لتواجد أشخاص لا علاقة لهم بمجال الصحافة بالمنطقة والذين يعملون على خلق إطارات نقابية وجمعيات خاصة بالصحفيين لأهداف بعيدة عن الأدوار المتوخاة من هكذا أجهزة، وهي الأمور التي تهدد الممارسة المهنية السليمة وتخدش الصورة الجميلة والحضارية التي يجب على الإعلاميين أن يكرسوها داخل المجتمع. ومن هنا ندعو كافة العاملين في الصحافة بمدينة تطوان إلى تقديم صورة إيجابية عن هذه المهنة الشريفة وأن يمثلوها أحسن تمثيل. وفي هذا الإطار ننتظر بفارغ الصبر تنزيل مقتضيات القانون المنظم للمجلس الوطني للصحافة وهي الهيئة الرسمية والحقيقية التي سيعهد إليها تنظيم وضبط العلاقات المهنية بين الزملاء المهنيين وحل الإشكالات التي قد تثار فيما بينهم. بريس تطوان: كلمتكم الأخيرة؟ الشكر الجزيل لجريدة بريس تطوان الإلكترونية، كما أنني أستغل هذه المناسبة لتوجيه تحية عالية للقائمين على التكوينات الخاصة بالصحافة والإعلام بالكلية المتعددة التخصصات بمرتيل، وأدعو كافة الخريجين من هذه التكوينات أن يطوروا مهارتهم المهنية في مجال الصحافة وأن يجدوا لأنفسهم موطئ قدم في هذا المجال على الصعيد المحلي والوطني.