حظيت وضعية المرأة طيلة عقود من الزمن بالعديد من النقاشات والحوارات في مختلف المحافل العلمية والقانونية والدينية، غير أنها وجدت في الحقل الديني أساسها المرجعي ومنطلقها الفكري، إذ إنه لمن الظلم والجهل أن نمنع المرأة من العلم والتمتع بحياتها كما اعطاها الله دون الخروج عن شرعه ولا نريد من هذا المنطلق اضطهادها بجردها من حقوقها ولا انسلاخا من هويتها المسلمة التي اختارها لها الله، لكن ضرورة مراعاة الضوابط الشرعية تقتضي أنه لمن المهين أن تعامل المرأة بغلظة وجفاء من قبل البعض، فهذا ما انزل الله تعالى به من سلطان ولا عامل به الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام زوجاته ولا الصحابة رضي الله عنهم، بل خص الله تعالى رحمة منه سورا في القران باسمها: "كسورة النساء" "وسورة مريم" "وسورة المجادلة". وقص علينا أمثلة عديدة في كتابه العزيز عن نساء صابرات محتسبات مجاهدات في القرآن مثل أم مريم ومريم عليهما السلام و أسية وأم موسى عليه السلام وأخته، بل وضرب لنا مثلا بالمرأة الحاكمة والسياسة المحنكة لبلقيس، وهذا ما يجعلنا نعامل المرأة كما أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بوصيته عنها كقوله تعالى: "أوصيكم بالنساء خيرا فاستوصوا بالنساء خيرا"، لا كما هو متوارث في عاداتنا وتقاليدنا التي أتى الإسلام ليقضي عليها ويؤسس المنهج الديني القويم. وقد أعطى الإسلام للمرأة حقوقها سواءً منها المادية كالإرث وحرية التجارة والتصرف بأموالها، إلى جانب إعفائها من النفقة حتى ولو كانت غنية. أو حقوقها المعنوية بالنسبة لذاك العهد ومستوى نظرته إلى الحريات بشكل عام وحرية المرأة بشكل خاص. كما سن لها حق التعلم والتعليم، بما لا يخالف دينها وشرع الله، بل إن من العلم ما هو فرض عين تأثم إذا تركته، فلا يقتصر دور المرأة في الإسلام إذا على كونها امتدادا للرجل بل هي والرجل من الوجهة الإسلامية مسئولان أمام ألله. فقد وضع الإسلام الأسس التي تكفل للمرأة المساواة والحقوق. كما سنّ القوانين التي تصون كرامة المرأة وتمنع استغلالها جسديا أو رمزيا، ثم ترك لها حريتها في الخوض في مجالات الحياة. غير أنه يبقى من المعوقات التي تحول أمام وصول المرأة المسلمة إلى وضعها العادل في المجتمعات الشرقية هو مختلف العادات والموروثات الثقافية والاجتماعية في ثقافته الشعبية التي تضرب بجذورها في أعماق نفسية الرجل الشرقي الذكورية المهيمنة، وليس العائق الديني أو العقيدي دائما هو المعيق الوحيد.