واحسرتي على مهرجان المسرح الأدبي : هذا التقرير جاء نتيجة ملاحظات قدمها مجموعة من فناني المدينة ومن شاهد مهرجان مؤسسة المسرح الأدبي الذي أقيم بفضاء مسرح إسبانيول في الفترة بين 17 دجنبر و 20 منه 2015 وهي ملاحظات تنم عن غيرة فئة من مسرحي المدينة وفنانيها ومتتبعي المسرح بالمدينة لما وقع طيلة أيام المهرجان من فشل في التنظيم وإقصاء ممنهج لمسرحي المدينة بعيدا عن لغة الخشب والتملق والضحكة الصفراء وسياسة باك صاحبي وبعيدا عن تصفية أية حسابات وهو تقرير موضوعي يهدف في الأول والأخير تحسيس أهل المؤسسة بفظاعة الأخطاء المرتكبة من أجل تجاوزها في قابل الدورات . ويمكن تقسيم هذه الملاحظات إلى قسمين : 1 : تنظيميا : أولا:عرف المهرجان اختلالات واضحة جدا من الجهة التنظيمية فقد غيبت الفرق المسرحية المحلية بإقصاء منهجي واضح.... ثانيا : ادارة المهرجان لم تستفد من الأخطاء التنظيمية التي ترتكبها كل سنة من ذلك تغييب وإقصاء أهل الاختصاص من أطر و هيئات وجمعيات من ذلك النقابة المغربية للمحترفي المسرح فرع جهة طنجةتطوانالحسيمة باعتبارها الشريك الأول والمنسق الاول مع السلطات مع أي نشاط مسرحي بالمدينة وكذا و الفنانين المسرحيين الذين يملكون تجارب في التنظيم . كان بالإمكان استشارة بعض من أهل الاختصاص من الأفراد والمؤسسات الذين يقيمون أيضا مهرجانات مسرحية في المدينة ولهم باع طويل في تنظيم المهرجانات ....فالمؤسسة منغلقة على ذاتها ولا ترحب بأي مساعدة وهناك حسابات ضيقة لا علاقة لها بالمسرح تجعل من قضية تواصل المؤسسة مع نظرائهم المسرحيين بالمدينة مستحيلة وإذا اضطلعت على طبيعة المكتب المشكل للمؤسسة ستجد جلهم لا علاقة له بالمسرح لا امتهانا او إبداعا و لا نقدا ....ولا تنظيما.. . فجل أعضاء المؤسسة ليست لهم علاقة بالمسرح لا من قريب أو بعيد الشيء الذي يفسر ارتجالية التنظيم ومختلف الأشياء التي عكرت الأجواء طيلة أيام المهرجان. غياب الدعوات فالإدارة أقصت مختلف الفرق والجمعيات المسرحية بالمدينة أفرادا وجماعات فالمهرجان ملك لعائلات المؤسسة وأقربائهم وضيوف المهرجان.مع إقصاء فناني المدينة ..الشيء الذي جعل هاته الفئة تعبر عن استيائها وكل من حضر المهرجان فهم من الموالين والمحسوبين والمتملقين للمؤسسة. كما كانت القاعة تمتلئ قبل ساعات من بداية العرض فيما الزحمة تكاد تكسر الزجاج الخارجي لقاعة سينما.. .كيف يعقل أن تمتلئ قاعة العرض بالأقران والمقربين فيما العرض مازال له ساعة او أكثر فيما بوشعيب " ينتظر فحال الكسيبة فتح الباب " وعندما يفتح يقتحم الناس كالأمواج لشعورهم بالشمتة من جراء دخول المحسوبين والأقرباء أمام أعينهم من نفس الباب أو من الباب الصغير أعلى الباب الكبير ...وعندما تدخل الجماهير تتفاجأ بكون جموع من المحسوبين والمحظوظين قد ملأوو القاعة....الشيء الذي يجعل الجماهير تعبر عن غضبها وامتعاظها.. أما في الباب فإن التدافع والصراخ مازال يعلو ويرتفع وتزداد موجة الجماهير تلو الأخرى. أما داخل القاعة فحدث ولا حرج عن سوء التنظيم والجلوس حسب الإسم والنسب والانتماء في الكراسي المتقدمة. أما عن تهميش الفنانين المسرحيين التطوانيين فذلك يحتاج لتقرير آخر مفصل فكل من لا يتملق ويبادر بالضحكة الصفراء في وجه المؤسسة يعد خصما غير مرحب به.. والدليل على ذلك أن الدعوات التي منحت لرئيس الفرع الجهوي للنقابة المغربية لمحترفي المسرح لكي يعطيها للفنانين المنضويين تحت لواء النقابة و جمعياتهم كانت ثلاث دعوات فقط، فهل يعقل أن تكون ثلاث دعوات كافية لعشرات الفنانين بالمدينة ؟ هذا يشكل في الحقيقة قمة استحمار أبناء المدينة فيما الضيوف والمحسوبون على المؤسسة من المتملقين وأصحاب باك صاحبي نعموا بالدعوات ووزعوها على أقربائهم....فيما من هم أحق بالمهرجان هم فنانو المدينة على اختلاف توجهاتهم لأن المهرجان ليس في ملك المؤسسة كما يظن هؤلاء المرتزقة المهرجان هو في ملك المدينة ويحمل اسم المدينةتطوان .. وأول من يجب أن يحظوا بالدعوات والاحترام هم المسرحيون بالمدينة الذين سيستفيدون من العروض المسرحية الأجنبية ... كل هذا التهميش والإقصاء الممنهج للفنانين والمسرحيين يضعنا أمام إشكال أخلاقي وفني خطير هل المسرح والفنون بصفة عامة وسيلة للحب و التعارف وكسب علاقات إنسانية أم أنه وسيلة لتصفية حسابات ضيقة ؟ والضحية هي مدينة تطوان والمسرح بالمدينة فالصورة النمطية التي استقرت في أذهان ضيوف المهرجان من الأردن ومصر وإسبانيا هي صورة تحط من قيمة المدينة وكرمها وأخلاق أهلها و ذلك من خلال التنظيم الضعيف وكيفية تسيير المهرجان خلال ايامه وهي صورة ستقوض صورة المدينة ليس مسرحيا فقط من خلال تبهديلة عرض طانين طانان الذي قدمته المؤسسة بل وهذا الخطير إنها صور الإنسان التطواني الذي تحارب أمام الباب لكي يدخل وكأنه أمام باب الديوانة بسبتة يمتهن التهريب المعيشي فالأخر الأجنبي ترسخت في ذهنه صورة التطوانيون وهم لا يعرفون شيئا عن المسرح ولم يشاهدوه من قبل وكأمهم هنود حمر .... ثم الأخطر تماما إقصاء ممنهج فئة كثيرة من الفنانين المسرحيين....لا من حيث عدم قبول مشاركة بعض العروض المسرحية الناجحة بالمدينة كمسرحية غيرة المخدوع لجمعية محترفي الفدان أو مسرحية الحاج المنشار لجمعية كوميديا ارت.....أو من خلال إقصاء الممنهج للفنان المسرحي التطواني في حضور عروض المهرجان..... 2-فنيا : سوف أتعرض فقط لعرض مؤسسة المسرح الأدبي "طانين طانان" وهو عرض شبح لا توجد فيه مقومات العرض المسرحي الذي يستحق أن يكون في المهرجان عرض هزيل نصا موضوعا إخرجا إذا وجد هناك إخراج مسرحي من أصله والحق أن الذين يفهمون في شؤون المسرح بالمؤسسة قد رحلوا عنها إما بالموت رحمهم الله أو هروبا من البهدلة التي باتت تقدمها المؤسسة فالشيء الأكيد الآن أن المؤسسة تفتقر الى مؤطر أو مخرج يفهم طبيعة المسرح الحديث يفهم في إعداد الممثل إعداد جسدي ونفسي وتقني يفهم في اختيار النصوص المسرحية يفهم في الإخراج الدرامي .... والخطير تماما أن من يشرف على المؤسسة مسرحيا يعتقد جازما أن المسرح هو هذا ...و يلقن ذلك لنخبة من شباب تطوان الذين يحلمون بالفردوس المسرحي فيجدون أمامهم غير عمهم رشيد ....هذا يحدث طبعا في غياب مؤسسات دور الشباب بوسط المدينة فحتى دار الشباب عبد الخالق الطريس التي أصلا لا تصلح لكي تكون دار للشباب باعتبارها دارا عربية أندلسية يجب إصلاحها ووضعها في إطار التراث الأندلسي المغربي التي يجب أن تكون متحفا أو شيء من هذا القبيل. فهي الآن مغلقة و أمام غياب هذه المؤسسات وسط المدينة أمام الشباب والمراهقين لكي يفرغوا طاقاتهم الإبداعية يجدون أنفسهم في شباك مؤسسة تقع في وسط المدينة وكم تمنيت من قلبي أن تكون هذه المؤسسة على قد المسؤولية والإسم التاريخي الذي تحتفظ به ويكون هناك أناس يفهمون في المسرح ويقدمون لنا أعمال تحمر وجه تطوان والمغرب لاعتبار المهرجان دولي زعمة..... والحق أن تللك المسرحية لا تصلح أن نسميها مسرحية فبالأحرى أن تمثل مدينتنا في المهرجان مع ضيوف بالتأكيد ستكون نظرتهم إسقاطية ليس حول تطوان فقط بل وحتى المغرب فيترسخ في ذهنهم أن تطوان والمغرب ليس فيه غير هذا المسرح الأشبه بالمسرح ماهو مسرح مغربي أصيل وماهو تجربة مسرحية تجريبية جديدة. إنها مهزلة تمام المهزلة أساؤوا للمسرح بقصد أو دون قصد فكل ضيوف المهرجان يعتقدون أن تطوان فيها هذا شبه المسرح فقط. والحق أن هناك عروض مسرحية ناجحة بالمدينة تفوق طانين طانان بسنوات ضوئية كان بإمكانها نقل حقيقة المسرح بالمدينة. و أمام هول هذه الكارثة التي لطخت صورة المسرح بالمدينة لا يسعنا في الأخير إلا أن نشكر من شجعنا على كتابة هذا التقرير الذي يبقى الهدف الرئيس منه ليس النيل من المؤسسة أو الأشخاص كما قد يعتقد البعض وإنما هو نقد بناء من أجل مراجعة أخطاء المؤسسة في قابل السنوات فالمهرجان يحمل صورة المدينة التاريخية والحضارية والثقافية والمسرحية وعليه فمن يجرؤ على تنظيم مهرجان يستدعي فيه ضيوفا من الداخل أو الخارج عليه أن يكون في المستوى حتى يسوق صورة تطوان الحمامة البيضاء في أحسن صورة فالمنظمون هنا سفراء للمدينة وعليهم تحمل المسؤولية التاريخية امام سكان المدينة. وليست هناك فرص أفضل من هذه المهرجانات في إطار ما يسمى بالسياحة الثقافية للترويج للمدينة والتعريف بها وبتاريخها التليد وما قدمته من عطاءات يشهد التاريخ لها إذن مؤسسة المسرح الأدبي خالفت الموعد وفشلت فشلا ذريعا في تسيير وتنظيم المهرجان كما فشلت في تقديم صورة للفن المسرحي بالمدينة ونتمنى أن يكون هذا تقرير دليلا شافياوشاملا في مقبل دورات المهرجان ونحن كمسرحيين بالمدينة نرحب بأي مبادرة من شأنها تجاوز هذه الأخطاء والعمل على تسويق مدينتنا في أحلى الحلل. إعداد : محمد سعيد الوهابي كاتب و مخرج مسرحي./ بريس تطوان