يبدو أن تداعيات "قانون الفوضى" الذي وضعته السلطات المحلية بتطوان من خلال التزامها الصمت حيال كل مظاهر الفوضى التي تسود المدينة لم تقف عند حدود استغلال الملك العام من قبل الباعة المتجولين وانتشار البناء العشوائي، بل الأخطر من ذلك أن مظاهر الفوضى صاحبتها أعمال إجرامية تمثلت في تفشي ظاهرة السرقة والاعتداءات المستمرة على المواطنين من طرف الخارجين عن القانون وتزايد أوكار ترويج المخدرات القوية فضلا عن السيارات المزورة وما يسمى بالمقاتلات التي تجول شوارع تطوان بكل حرية محملة بالسلع المهربة والمواد المحظورة، إلى جانب السيارات ذات الزجاجات السوداوية الممنوعة قانونا، وهو الأمر الذي يثير استياء الساكنة التي تتساءل عن سبب صمت الأجهزة الأمنية رغم ما تثيره هذه السيارات من شبهات كونها لا تظهر ما تقل بداخلها خصوصا في هذه الظروف التي تمر منها البلاد. مشاهد الفوضى والعشوائية باتت جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية للمواطنين الذين لم تفلح صرخاتهم الاحتجاجية في تغيير ملامح هذه الصورة النمطية التي توحي وكأن المدينة تخضع لقانون الغاب وأن لا صوت يعلو على صوت العراك والمشادات الكلامية ومطاردة المواطنين للصوص الذين وجدوا ضالتهم في ظل هذه الغوغائية. ووسط الزخم الإجرامي وحالة الفوضى العارمة التي تعيش على إيقاعها تطوان على مختلف المستويات، لا يبدو لهذه المدينة أي مخرج من هذا المستنقع الخطير بوجود رئيس أمن فشل في ترتيب بيته الأمني وبالأحرى إعادة الأمن والطمأنينة إلى قلوب المواطنين، وفي هذا الشأن يرجع العديد من المحسوبين على الجهاز الأمني فشل رئيسهم في تسيير الشؤون الأمنية بالمدينة إلى السياسة العسكرية التقليدية التي لازال ينتهجها في عهد ولت فيه هكذا سياسات، وهي سياسة ترتب عنها غياب عنصر التلاحم بين رجال الأمن ورئيسهم، الأمر الذي أثر بشكل سلبي على المردودية الأمنية وبالتالي فالمواطنين هم من يدفعون في كل الأحوال ضريبة هذا التدهور الأمني الذي كان لرئيس الأمن الحالي حسن أبو الدهب يد طولى فيه بعد تقويضه الخطة الأمنية التي رسمها سلفه محمد سالم والتي لازالت الساكنة تشهد على أدائه وحنكته. أجواء الاحتقان الذي يشهده الوسط الأمني خصوصا وأن شريحة واسعة من العناصر الأمنية لا تخفي امتعاضها من سلوكيات رئيس المنطقة الأمنية ولا تبدي أي رضا تجاه عمله المكيل بمكيالين، ففي الوقت الذي يشد فيه الحبل مع فئة عريضة من رجال الأمن، ثمة عناصر داخل ولاية الأمن ترعى بداخلها كما يحلو لها وتلتحق بعملها متى شاءت، وفي ظل هذه السيبة تستغل عناصر أمنية أخرى الوضع لممارسة الشطط وابتزاز المواطنين... وسط هذه الأجواء المحقونة لا يبدو في الأفق ما يؤشر على إمكانية عودة الأوضاع الأمنية إلى طبيعتها إلا بتدخل جدي لإدارة الأمن الوطني لاحتواء الوضع والإسراع في اتخاذ اللازم لإعادة الأمن إلى مدينة يستدعي موقعها الحساس كامل اليقظة الأمنية وليس الانشغال بشد الحبل ضد العناصر الأمنية التي تشتغل في ظروف غير طبيعية وبدون استراتيجية محكمة لمسؤول أمني يبدو وفق عدد من المصادر منشغل بإطلاق قنابل الشتم والسب على عناصره وأشياء أخرى(...)، لدرء حالة اليأس والبؤس الذي أصابه في تسيير الشؤون الأمنية، وربما لو وجدت نقابة للدفاع عن حقوق رجال الأمن لخرجت هذه العناصر في مسيرات للتنديد بسلوكيات رئيسها والمطالبة برحيله. محمد مرابط لبريس تطوان