تشيعها نظراتي كُلَّما مرت بي في لباسها الموقر، فلا هي بناظرة ولا متكلمة..! بل فقط ببسمة خجولة ترسل معها فيضا من عطر يموج حولها فيتركها راكضا نحوي وكأنه يغريني ويستعيض عنها بالتدلل والتماطل... هي تصعد كالعادة متسلقة درج بيتها لتسارع بضم شرفتها والنهل بعينيها من زرقة السماء، وأنا موقعي كالعادة كرسي تحتضنه باحة المقهى الخارجية، وكأن مُوقَايَ مدمنتان على رفع نورهما نحو الشرفة تتملَّى الحسن وهو يذوب بين أشعة الشمس الواهنة مع المغيب... ويحكِ يا آخذة البصر والبصيرة..! متى تحسين بوجودي؟! هكذا أكرر سؤالي كل أمسية وأنا قابع فوق كرسيي الذي مل من ترددي عليه، شأنه في ذلك شأن جدار الشرفة المحبوبة التي لا أعلم أهي الأخرى ملت مني أم من جمود تلك الساكنة بها والمطلة منها..!! (الزمن العتيق الجميل والعشق الكلاسيكي المنقطع المثيل.. هذه صورة هينة منه لم تعد تمارس في أيامنا التي اقترن فيه الحب بانعدام الحشمة...).