نشرة إنذارية.. أمطار قوية محليا رعدية بالناظور ابتداء من الإثنين    طنجة: انعقاد الاجتماع الثاني والستين للمجلس التنفيذي لمنظمة المدن العربية    أسعار المحروقات تشهد زيادة "طفيفة" للمرّة الثانية توالياً خلال شهر بالمغرب    المغاربة أكثر الجاليات اقتناء للمنازل في إسبانيا    استثمارات كبرى لتعزيز التنمية في الناظور.. البنك الدولي يدعم مشاريع البنية التحتية بقيمة 250 مليون دولار    ترامب يثير الجدل مجددًا.. يدعو لضم كندا كولاية أميركية رقم 51    بن سلمان يستقبل أحمد الشرع في الرياض    اقتراب كأس إفريقيا يُسرّع وتيرة الأشغال بملعب طنجة الكبير    العثور على مهاجر مغربي مقتول داخل سيارته بإيطاليا    نشرة إنذارية (تحديث): تساقطات ثلجية وأمطار قوية مرتقبة من الأحد إلى الثلاثاء بعدد من أقاليم المملكة    درك شفشاون يطيح ب"ملثم" سطا على وكالة لتحويل الأموال    بعد أيام من الغموض .. الشرطة البريطانية تفك لغز اختفاء تلميذتين مغربيتين    احتجاجاً على تقييد حق الإضراب.. الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب يدعو إلى إضراب عام    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    من طنجة.. تتويج رشيد البقالي بجائزة عبد الله كنون للفكر والأدب المغربيين    مكتب الصرف: تحويلات مغاربة العالم فاقت 117,7 مليار درهم سنة 2024    وهبي: العدالة الانتقالية تجربة وطنية رائدة أفضت إلى تعزيز المصالحة بين المجتمع المغربي وتاريخه    الزوبير بوحوت يكتب: السياحة في المغرب بين الأرقام القياسية والتحديات الإستراتيجية    بن شرقي: "اللعب للأهلي كان حلمي وسأسعى لحصد الألقاب معه"    توقيف ثلاثة مواطنين صينيين بتهمة قرصنة المكالمات الهاتفية    القيمة السوقية لدوري روشن السعودي تتخطى المليار يورو    القنيطرة... اختتام دوري أكاديميات كرة القدم    الإرث الفكري ل"فرانتز فانون" حاضر في مهرجان الكتاب الإفريقي بمراكش    تطوان تحتفي بالقيم والإبداع في الدورة 6 لملتقى الأجيال للكبسولة التوعوية    نادٍ نرويجي يتبرع بعائدات مباراته ضد فريق إسرائيلي لدعم غزة    حكومة أخنوش تتعهد بضمان وفرة المواد الاستهلاكية خلال رمضان ومحاربة المضاربات    هكذا يخطط المغرب لتعزيز أمن منطقة الساحل والصحراء    كريستينا.. إسبانية سافرت للمغرب لاستعادة هاتفها المسروق بمدريد والشرطة المغربية أعادته إليها في أقل من ساعة    "هِمَمْ" ترفض التضييق والتشهير بمديرة جريدة "الحياة اليومية"    نزار بركة يترأس الدورة العادية الموسعة للمجلس الإقليمي لحزب الاستقلال في العيون    الإعلام في خدمة الأجندات السياسية والعسكرية    الرجاء البيضاوي يتجه إلى إلغاء الجمع العام مع إناطة مهمة الرئاسة إلى بيرواين حتى نهاية الموسم    المغرب يعزز موقعه الأممي بانتخاب هلال نائبا لرئيس لجنة تعزيز السلام    تجميد المساعدات الأميركية يهدد بتبعات خطيرة على الدول الفقيرة    روبرتاج بالصور.. جبل الشويحات بإقليم شفشاون وجهة سياحة غنية بالمؤهلات تنتظر عطف مسؤولين للتأهيل    دراسة: هكذا تحمي نفسك من الخَرَفْ!    استئناف المفاوضات بين حماس وإسرائيل الاثنين بعد رابع عملية تبادل للرهائن والمسجونين    الصين: شنغهاي تستقبل أكثر من 9 ملايين زائر في الأيام الأربعة الأولى من عطلة عيد الربيع    الجمعية المغربية لدعم إعمار فلسطين تجهز مستشفى الرنتيسي ومستشفى العيون باسطوانات الأكسجين    المنتخب الوطني لأقل من 14 سنة يجري تجمعا إعداديا بسلا    ريدوان يخرج عن صمته بخصوص أغنية "مغربي مغربي" ويكشف عن مشروع جديد للمنتخب    أولياء التلاميذ يؤكدون دعمهم للصرامة في محاربة ظاهرة 'بوحمرون' بالمدارس    مؤسسة طنجة الكبرى تحتفي بالكاتب عبد السلام الفتوح وإصداره الجديد    تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج فاقت 117 مليار درهم خلال 2024    هذا هو برنامج دور المجموعات لكأس إفريقيا 2025 بالمغرب    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. أرقام صادمة وهذه هي المناطق الأكثر تضرراً    الانتقال إلى دوري قطر يفرح زياش    مسلم يصدر جديده الفني "براني"    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    لمن تعود مسؤولية تفشي بوحمرون!    القاطي يعيد إحياء تاريخ الأندلس والمقاومة الريفية في عملين سينمائيين    الإعلان عن تقدم هام في التقنيات العلاجية لسرطانات البروستات والمثانة والكلي    محاضرة بأكاديمية المملكة تُبعد نقص الذكاء عن "أطفال صعوبات التعلم"    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأحياء العشوائية بالفنيدق ملاذ المطلوبين للعدالة ومعمل لتفريخ الجريمة
نشر في بريس تطوان يوم 01 - 06 - 2015


و انتشار المخدرات و التطرف
تمثل نسبة الأحياء العشوائية و الهامشية بمدينة الفنيدق أكثر من 70 بالمئة من الساكنة، أحياء نبتت كالفطر على أطراف المدينة بسرعة قياسية و في ظروف غامضة و غير مفهومة، كل مؤسسة تتنصل فيها من المسؤولية بحجة ضغط الاكراهات و الانفجار الديمغرافي الذي عرفته المدن الشمالية في السنين الأخيرة نتيجة الهجرة اليها من مناطق مختلفة من البوادي و المدن الأخرى.
سلبيات الأحياء الهامشية بالفنيدق لا يمكن حصرها ؛ كثافة سكانية حد الاختناق، انعدام مرافق التنفيس و الترويح الخاصة بالشباب و المساحات الخضراء، الافتقار إلى البنية التحتية الضرورية، انتشار ترويج المخدرات و استهلاكها، تردي الوضع الأمني، اختناق حركة السير بسبب ضيق الممرات و الأزقة و غياب الأرصفة المخصصة للراجلين، انتشار الأزبال.
و أنت تتجول بين هذه الأحياء التي تعيش البؤس و الحرمان يصعب عليك تصديق أنك في مدينة تتحول إلى قطب سياحي يساهم في القطع مع الاقتصاد الغير مهيكل.
الإصلاحات التي عرفتها المدينة على مستوى الواجهة البحرية و الكورنيش و المشاريع السياحية المنجزة التي صرفت عليها ملايير الدراهم في إطار إعادة الهيكلة و التهيئة، لم تفلح بعد في خلق نمو اقتصادي محلي يخفف من الظروف القاسية التي تعاني منها ساكنة الأحياء المهمشة و انتشال الشباب من البطالة والفقر و التهميش و الاعتماد على الكسب بمزاولة التهريب المعيشي الذي لا يضمن خبزا و لا كرامة.
جولة بالحي الذي شهد جريمة قتل طفل عمره 12 سنة
حي عبارة عن مساكن متقاربة جدا فيما بينها أو بعبارة أدق كومة اسمنتية عملاقة تحاول تسلق جبل شاهق، أزقة الحي أدراج عشوائية من مختلف الأحجام لا تنتهي أبدا، أبواب المنازل المتقابلة لا تفصل بينها إلا مسافة صغيرة جدا لا تتعدى متر إلى متر و نصف. يحتار الزائر كيف شيدت هذه الأحياء العشوائية ؟ كيف تم إيصال المواد الأولية للبناء إلى أعلى الجبل ؟ كيف لسيارة الإسعاف و الإطفاء أن تصل هناك ؟.
عندما تحيط بك العشوائية من كل مكان لا داعي للاستغراب،هنا لا حديث عن جمالية التصميم و لا احترام قوانين التعمير، العشوائية هي سيدة الموقق. قد لا يكون الأمر مبالغا فيه إن قلنا أن قرية بالمغرب العميق و المنسي هي أفضل حالا من هذا الحي و أحسن منه من حيث جمالية العمران والتنظيم.
تحدث الينا شيخ مسن عن معاناة الساكنة داخل الحي العشوائي و قال: "هنا لا نستغرب وقوع جرائم من مثل التي وقعت مؤخرا و راح ضحيتها طفل صغير على الرغم من أننا لا زلنا تحت تأثير شدة الصدمة و هول الجريمة"، ماذا ننتظر إذن من أحياء تباع فيها المخدرات بأنواعها و القرقوبي و الغبرة و المصائب السوداء... ماذا ننتظر أن يفعل شبابها سوى الإقبال على المخدرات بأنواعها والتوجه لحمل السيوف و الأسلحة البيضاء لتدبر المصاريف الخاصة بشراء المخدرات و ما يترتب عن ذلك من جريمة.
"نعاني هنا في صمت و نسيان من طرف كل المسؤولين...عند تهاطل الأمطال لا نصل بيوتنا الا بشق الأنفس، نعيش كل فصل شتاء في خوف و ترقب من أن تداهمنا المياه داخل المنازل بفعل الفيضانات خاصة بالليل"، أنهى الشيخ المسن حديثه الينا برسالة إلى كل مسؤول أن يعمل من جهته بالالتفات إلى معاناة ساكنة الأحياء و محاولة التخفيف منها.عندما طلبنا تحديد مطالبه بالضبط من المسؤولين و أن المواطن الفقير شريك فيما يعانيه باختياره العشوائية أجابنا باختصار؛ " آحنا مكرهناش نسكنو مزيان، و المسؤولين راهم عارفين ايلا بغاو يخدمو...".
أثناء مغادرتنا الحي تقدم الينا شاب و قال بانفعال شديد؛ "جل ساكنة الأحياء العشوائية يزاولون التهريب المعيشي بباب سبتة المحتلة نساء و رجالا، يأتون من مختلف مناطق المغرب في هجرة جماعية للاستقرار بالأحياء الهامشية للمدينة، يتركون أبناءهم لوحدهم طيلة النهار و حتى العودة مساء، هناك من النساء من لا تعدن حتى في المساء، يقضين الليل كله بباب سبتة المحتلة للعمل كحمالات بالتهريب المعيشي و انتظار الظروف المناسبة للعبور في اتجاه المدينة، هل هكذا سنربي الأجيال ؟هل هكذا سنحارب انتشار الجريمة؟. نترك أطفالا في عهدة طفل آخر أكبر منهم سنا، و ننتظر شبابا مشبعا بالقيم الايجابية و ايجابي في التعامل مع واقعه في المستقبل انه الحمق بعينه و ليس شيئا آخر"، الوضع معقد هنا أكثر مما يمكن أن تتوقعه، انتشار المخدرات بأنواعها و الاتجار فيها و استهلاكها هو ظاهرة تفرض نفسها، لكنها تبقى نتيجة و ليست سببا. يحتاج الأمر سياسات استباقية مع محاولة تدبير الواقع و التعامل معه للحد من استفحال الظاهرة، وهذا عمل يتطلب مشاركة الجميع من أجل مستقبل المدينة و الوطن.
حي رأس الوطا العشوائي..في توسع
من حي" الشبار " مررنا "بحومة الواد" و" الحومة الكحلة" نتوجه إلى حي رأس الوطا الذي لا زالت عشوائيته في توسع أحياء قاسمها المشترك هو التهميش و النسيان و المعاناة؛ بنايات اسمنتية تعانق بعضها و دروب ضيقة جدا تعطي الانطباع لكل مار أن الأمر يتعلق بأحياء تاريخية ضاربة في القدم و ليست أحياء شيدت قبل سنوات معدودة فقط.
كثافة سكانية شديدة و أطفال صغار يلهون غير مبالين بما ينتظرهم من مستقبل مجهول وسط أحياء تعج بالظواهر المشينة و السلبية.
بالحي تحدث الينا الناشط الجمعوي عز الدين العلمي الذي يقطن الحي مبديا رأيه في موضوع التحقيق و قال: "نقدر أن ضريبة السكن بالأحياء العشوائية ثقيلة يؤديها جميع أفراد العائلة و المجتمع بصفة عامة، لكننا مرغمون على ذلك لا أبطال في ظل عدم وجود البديل المناسب المتمثل في توفير السكن اللائق و الملائم بالشكل الذي يكون في متناول الطبقات الفقيرة و المتوسطة من غير تعقيدات في القوانين"، أما عن الظواهر المشينة بالحي فقد ركز المتحدث عن انتشار المخدرات و الاتجار فيها و تناولها من طرف شباب في مقتبل العمر مع ما يترتب عن ذلك من نتائج سلبية و جرائم متنوعة .
نفس المتحدث ضرب مثالا بوقائع و حوادث مشينة وقعت بالحي من مثل، إلقاء يافعين مرة لقنينة ماء" القاطع "وسط مطبخ منزل بالحي؛ الشيء الذي كاد أن يتسبب في إجهاض امرأة حامل و خطر تعرضها لإصابات خطيرة، ناهيك عن السرقات المتعددة للدراجات النارية و السيارات، و في موضوع المخدرات بالذات صرح السيد عز الدين العلمي أن المتاجرين فيها يتحصنون بواد رأس الوطا القريب من الحي و كذا الغابات المجاورة، لتوزيع السموم على الشباب المستهلكين والمدمنين بعيدا عن أعين السلطات وحتى لا يخضعوا لمراقبة الجهات التي تتعاون مع السلطات في محاربة الظاهرة، الملفت يضيف المتحدث هو أن بعض تجار المخدرات أصبحوا يستدرجون مهاجرين سريين للعمل على توزيع المخدرات، مستغلين هويتهم المجهولة و حاجتهم للمال.
جدير بالذكر أن عنصرين من الأمن يعملان بمفوضية الفنيدق أصيبا في وقت سابق إصابات خطيرة بنفس الحي من طرف شاب كان يحمل سيفا هاجمهما خلال تدخل لمحاربة ظاهرة ترويج المخدرات القوية واستهلاكها؛ المتهم تم إلقاء القبض عليه بعد ذلك و قدم إلى المحكمة بتطوان بعد استكمال التحقيق معه حول القضية، كما تعرض العديد من أفراد الشرطة إلى إصابات مماثلة أثناء تدخلات أخرى.
أحياء عشوائية تطل على كورنيش المدينة
من الأحياء العشوائية التي يمكن الحديث عنها بوصفها أقل عشوائية من غيرها هناك حي بنديبان و البراريك، أحياء تتوفر على الأقل على طرق سالكة و يمكنك الوصول إليها على الرغم من افتقارها هي الأخرى إلى المرافق العمومية و البنية التحتية والمتنفسات التي تحتاجها الساكنة، بحي البراريك التقينا شاب في مقتبل العمر اسمه "خ,ح" يقطن بالحي منذ أربع سنوات وقال في معرض تعليقه على موضوع تحقيقنا؛ "الأحياء العشوائية بالفنيدق قنبلة موقوتة، بالون تنفخ فيه الهجرة ليتمدد بشكل سريع، نتمنى أن يتم تدارك الأمر من طرف المسؤولين حتى لا نصل حد الانفجار و ما يترتب عنه من استفحال نسبة البطالة والإجرام و تناول المخدرات و انتشارها و كل الظواهر المشينة المصاحبة، لا بد لسياسة تمكن المدينة من استيعاب الكم الهائل للهجرة الداخلية قبل فوات الأوان".
لا أخفيك يضيف المتحدث "أنني و مع توالي السنين و تقدم أبنائي في العمر يزداد هاجس خوفي عليهم من التأثر بالمحيط السلبي الذي تعيشه كل الأحياء العشوائية بالفنيدق دون استثناء. لا يمكن أن تحدث ابنك مثلا عن سلبيات تناول المخدرات أو تمنعه من تجريبها رفقة أصدقائه في مرحلة طيش عابرة، و الأخيرة متواجدة بكثرة و في متناول الجميع حتى تلاميذ المدرسة".
ملف الأحياء العشوائية يتداخل فيه مع الأسف ما هو سياسي بما هو اجتماعي بالإضافة إلى ما هو أمني، الأحياء العشوائية لطالما يتم استغلال ساكنتها من طرف السياسيين بالوعود الكاذبة التي تتحدث عن إعادة الهيكلة و الاهتمام اللازم لكن دون جدوى، أضف إلى ذلك أن مرحلة الحملات الانتخابية تعرف انتعاشا كبيرا في عملية بناء السكن العشوائي و ظهور أحياء عشوائية بالكامل، لذلك يختم المتحدث نرى أن الملف يجب معالجته من نواحي شتى و بمقاربة تشاركية تساهم فيها جمعيات المجتمع المدني بالتوعية و التحسيس، و المسؤولون عبر برنامج سياسي واضح يعالج الظاهرة في العمق و يحد من تناميها في أفق القضاء عليها نهائيا، و من ثم القضاء على الظواهر المشينة التي تعتبر نتائج لأسباب ليس إلا.
والي أمن تطوان يشن حربا على مروجي المخدرات بأنواعها
يشن والي أمن تطوان منذ توليه المنصب حربا متواصلة على مروجي المخدرات بأنواعها و المتاجرين فيها، كان من نتائجها إلقاء القبض على العديد من الرؤوس المهمة التي تزود السوق بالبضاعة و تقديمهم إلى العدالة بعد استكمال التحقيقات الضرورية كما صدور العديد من مذكرات بحث وطنية في حق آخرين، هذه الإجراءات التي تجري تحت إشراف الوالي شخصيا و بحرص كبير منه على متابعة تفاصيلها الدقيقة، لاقت استحسانا لدى ساكنة المدن الشمالية على الرغم من اعتبار المقاربة الأمنية وحدها غير كافية لمعالجة الظاهرة و أسبابها .
في نفس الموضوع قال فاعل جمعوي أنه يتمنى أن يفتح تحقيق عاجل في فيديو يتم تداوله بالمواقع الاجتماعية و الالكترونية تتحدث فيه تلميذة من الفنيدق عن انتشار المخدرات داخل المؤسسات التعليمية و بمحيطها، الشيء الذي يجعل التلاميذ لقمة سائغة لمروجي المخدرات و المتاجرين فيها بالمدينة.
نفس المتحدث أضاف أنه يتوجه إلى والي الأمن بإعطاء أوامره بالتركيز على محيط المؤسسات من طرف العناصر الأمنية للضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه استغلال التلاميذ و تهديد مستقبل الوطن الذي يمثلونه.
حوار:*
1. بداية ما هي أسباب الأحياء الهامشية بالفنيدق لتمثل أكثر من 80 بالمئة من الساكنة ؟
أعتقد أن مشكل وجود الأحياء العشوائية بمدينة الفنيدق يرتبط بعدة عوامل، فهي ظاهرة ارتبطت بكثافة الهجرة نحو المدينة باعتبارها مدينة استقطاب حدودية متاخمة لسبتة المحتلة، كما يرجع تفاقم هذه الظاهرة إلى تأخر وجود مخطط واقعي لتهيئة المدينة و غياب سياسة اجتماعية للدولة يمكن تنزيلها بنجاح خاصة في مجال السكن الذي يهم الفئات الفقيرة، سبب تضخم بناء الأحياء العشوائية بضواحي المدينة يرجع كذلك إلى تفشي الرشوة في دواليب المؤسسات المسؤولة لعقود من الزمن، إلا في استثناءات قليلة يتم فيها احترام مقتضيات الشفافية وكذا قانون التعمير.
كما يمكن ربط ملف البناء العشوائي لأحياء بكاملها بسماسرة الانتخابات داخل المجالس المحلية الذين شجعوا على ذلك من أجل الاستفادة من أصوات الساكنة في مختلف المحطات الانتخابية.
من هنا يمكننا القول أن مسؤولية السلطات المحلية والمجالس الجماعية المتعاقبة ثابتة في وجود أحياء عشوائية بكاملها تفتقر لأبسط مقومات الحياة الكريمة وخير مثال على ذلك نذكر الحومة" الكحلة" و" رأس لوطا"،حي " ربع ساعة" و غيرهم من الأحياء العشوائية.
2. كيف ترى ظاهرة انتشار المخدرات و الجريمة بالأحياء العشوائية و ما مدى تأثير ذلك على تربية جيل المستقبل ؟.
تفشي المخدرات القوية بمختلف أنواعها يعم مختلف أحياء المدينة بدرجات مختلفة،لكن توجد معاقل لها في الأحياء العشوائية بقوة نظرا للاقتصار على الحملات الموسمية في المحاربة، ثم لوجود فراغ مهول في التأطير الجمعوي والديني والسياسي بها، هذا بالإضافة لتفشي البطالة في صفوف شباب المدينة ككل، بحيث يبقى معظمهم ضحايا الهدر المدرسي وانعدام فرص شغل قارة.
في هكذا وضعية لا يمكن أن ننتظر من شبابنا الإبداع والاجتهاد في البحث العلمي والرياضة والفن...، خاصة مع وجود وضعية تربوية و اجتماعية متدهورة ما أدى إلى انقسام الفئات الشابة الى أقسام ثلاثة، نتيجة للأزمة التعليمية والإقتصادية و الاجتماعية بالمدينة، قسم في السجون في قضايا المخدرات والهجرة السرية، وقسم يتعاطى المخدرات في وضعية يرثى لها في أحياء المدينة، وقسم تبنى الفكر السلفي المتشدد و هاجر للقتال في صفوف تنظيم داعش.هذا التوصيف بطبيعة الحال لا ينفي وجود فئات وأطر شبابية في مختلف المجالات تسعى لكي لا تبقى صورة مدينة الفنيدق لصيقة بهذه الظواهر السلبية، من خلال مواكبتها للتدريس الجامعي والعالي و انخراطها في الفعل الجمعوي والسياسي الرامي لخدمة المدينة وساكنتها رغم كل المعوقات و الاكراهات .
3 . أين يتجلي دور الجمعيات في التخفيف من الظواهر المشينة التي تنتجها الأحياء العشوائية و المهمشة ؟.
للأسف، نلاحظ بأن أغلب الجمعيات في المدينة بل وحتى الأحزاب على ضعفها لها أدوار موسمية فقط، بالفنيدق توجد العشرات من الجمعيات، لكن النشيطة منها والفاعلة معدودة على رؤوس الأصابع, و هذا نتيجة ارتباط معظمها بمصالح شخصية ضيقة تروم الإستفادة من الدعم المالي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمجالس الترابية، دون متابعة أو محاسبة لتدبير ماليتها و الأنشطة التي تصرفها فيها، فالمطلوب من الجمعيات الجادة الفاعلة في المدينة أن تهتم بالتأطير التربوي والثقافي والعلمي لتلاميذ وشباب المدينة،وأن تسعى جاهدة لإنقاذهم من براثن تعاطي المخدرات والتطرف والسلبية في المجال الدراسي بمختلف المبادرات والأنشطة، خاصة عندما نرى بأن نخبة شباب المدينة في مختلف المجالات كانت خريجة مدرسة العمل التربوي والجمعوي والسياسي سواء في دار الشباب أو في الثانوية أو المخيمات الصيفية أوفي شبيبات الهيئات السياسية الجادة.
4 . من وجهة نظرك هل تعتبر المقاربة الأمنية حل يمكنه معالجة الاشكال أم أن الأمر يحتاج متدخلين آخرين ؟.
رغم أهمية المقارية الأمنية في محاربة شبكات ترويج المخدرات ومختلف الظواهر الإجرامية خاصة في المناطق الحدودية،إلا أنها تبقى قاصرة في تحقيق الاستقرار الاجتماعي بما هو عنوان للتنمية و للتحضر والنشاط الاقتصادي، و الانخراط الايجابي لساكنة المدينة في العمل السياسي و في قضايا الشأن العام برمته.
فلمعالجة مختلف هذه الظواهر المقلقة بالمدينة، وخاصة التفشي الفظيع لاستهلاك المخدرات و لتبني الفكر السلفي المتطرف و للهدر المدرسي ... يحتاج الأمر إلى إفساح السلطات المسؤولة مجال المبادرة والفعل الجمعوي لمختلف شباب المدينة و التشجيع على تأسيس الجمعيات والاستفادة من الفضاءات العمومية، كما يتطلب الأمر انخراط علماء وفقهاء المدينة في تأطير الشباب، وهذا للأسف غير حاصل بقوة لدى معظمهم لأسباب عديدة منها ما هو موضوعي و ما هو ذاتي.
المدينة تحتاج لإنقاذ شبابها من الانحراف والتطرف، وتربيتهم على أسس المواطنة الإيجابية ضرورة تظافر جهود جميع المؤسسات الرسمية والمجتمعية، فعلى الدولة وسلطاتها الإقليمية التفكير الجدي في استقطاب الاستثمارات للمنطقة لإيجاد فرص الشغل الكريم لأبنائها.كما على مصالح مختلف القطاعات التفكير في معالجة الاختلالات الإدارية المرتبطة بمجالاتها فعلى سبيل المثال، كيف لا تفكر وزارة الصحة ومندوبيتها الإقليمية في بناء مراكز لمعالجة الإدمان على المخدرات بمدينة وإقليم يعرفان أرقاما مهولة وصادمة في عدد المدمنين من الشباب...؟! .
يجب على المندوبية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية كذلك التفكير الجدي في معالجة ظاهرة الهدر المدرسي في صفوف تلاميذ المدينة عبر شراكة مع مختلف المؤسسات الرسمية والمدنية، كما على المجلس البلدي تحمل مسؤوليته في التفكير لإيجاد حلول ناجعة لهذه القضايا المحلية المقلقة عوض الإنغماس في الأعمال اليومية الروتينية و تدبير المجال الإداري والتقني.
هذا و تحتم المسؤولية الأخلاقية والمدنية والسياسية على العلماء والهيئات الجمعوية الدينية و الثقافية والرياضية والأحزاب السياسية ضرورة القيام بواجبها في تحصين شباب المدينة من الانحراف و الإجرام وتعاطي المخدرات وتبني الفكر الديني المتشدد، وهذا لن يتأتى ويعطي ثماره الإيجابية إلى بالعمل اليومي والمستمر في صفوف الشباب، من خلال مشاريع جمعوية ومبادرات ثقافية وسياسية ورياضية، حري بها أن تخرج نخبة شبابية فاعلة في كل المجالات، وفي مقدمتها المجال الدراسي والسياسي الجاد.
5 . كيف تفسر ارتفاع نسبة التطرف بالأحياء العشوائية و ما هي مسببات ذلك ؟ هجرة شباب الفنيدق نحو سوريا للمشاركة في القتال نموذجا ؟.
في الحقيقة هجرة الشباب إلى سوريا وتبني الفكر السلفي المتشدد ظاهرة عمت المدينة برمتها لكنها تركزت في ضواحي المدينة كحي" البراريك" و"رأس لوطا" نتيجة لعامل تضخم الهجرة نحو المدينة في ظل غياب وجود فرص شغل كريمة وقارة، وفي ظل ضعف شديد للتأطير الديني الراشد المعالج للقضايا الراهنة للشباب من قبل الكثير من فقهاء المدينة لظروف ذاتية وموضوعية سبق الحديث عنها، ثم لتدني المستوى التعليمي لجل الشباب السلفي المهاجر، الأمر الذي جعله سهل الانقياد للاستقطاب الإيديولوجي من قبل الخطاب السلفي الجهادي، كما تُعزا هذه الظاهرة للفراغ الكبير للأنشطة الثقافية والسياسية والرياضية بالمدينة، هذا في ما يتعلق بالعوامل المحلية التي بلا شك تداخلت مع عوامل سياسية أخرى وإعلامية وإستراتيجية دولية شجعت على الهجرة نحو سوريا بدون أن يطلب الشعب السوري الثائر ذلك.
*مع الدكتورعبد الرحمن الشعيري منظور فاعل مدني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.