يُشيد المغرب سياجاً شائكاً، بطول يقدر ب14 كيلومتراً، على الحدود مع مدينة مليلية، شمال البلاد، والتي تخضع للسيادة الإسبانية، ليُضاف إلى الجدار الذي تقيمه إسبانيا حول المدينة، للحد من تسلل المهاجرين الأفارقة. ويأتي هذا الإجراء، الذي أقدم عليه المغرب، في سياق انتقال العرش من الملك الأسباني، خوان كارلوس، إلى نجله فيليبي السادس، الذي نُصب قبل أيام ملكاً جديداً، والذي يعتزم زيارة الرباط في الأسابيع القليلة المقبلة، كأول دولة عربية يزورها بعد اعتلائه عرش بلاده. ورأى مراقبون في خطوة بناء المغرب للسياج، "هدية" من الرباط إلى مدريد، لدعم انتقال سلس للعرش الإسباني. ويبدو أن المغرب لا يرغب في إثارة مشاكل سياسية مع جارته الشمالية، فيما يتعلق بالمطالبة باسترجاع المدينتين المحتلّتين، سبتة ومليلية، خلال المرحلة الانتقالية التي تعيشها العائلة الملكية في إسبانيا، إذ جمدت الرباط المطالبة بتحرير المدينتين والجزر الجعفرية. واعتبر البعض أن اختيار العاهل الإسباني الجديد، فيليبي السادس، المغرب، كأول بلد عربي ضمن زياراته خارج البلاد، إلى جانب كل من فرنسا والبرتغال، يؤشر إلى رغبة العائلة الملكية الاستمرار في الحفاظ على العلاقات التاريخية بين الطرفين. وإذا كان المغرب قد "جمًد"، مؤقتاً، مطالبته باسترجاع مدينتي سبتة ومليلية إلى سيادته الوطنية، رغم إثارة هذه المطالب من قبل بعض الأحزاب السياسية، فإن ملف هاتين المدينتين يظل مثل "الحصا في أسفل حذاء العلاقات الثنائية بين الرباطومدريد". وفي هذا الصدد، يقول الدكتور سمير بنيس، المتخصص في العلاقات المغربية الإسبانية، إنه "يتعين ترك موضوع سبتة ومليلية للمستقبل عندما تكون الظروف الجيوسياسية ملائمة". ويلفت بنيس، في تصريحات ل"العربي الجديد"، إلى أن العلاقات بين الرباطومدريد تشهد طفرة نوعية، على الرغم من عودة الحزب الشعبي اليميني إلى الحكم في مدريد، كما أن إسبانيا تنهج حياداً إيجابياً لصالح المغرب في قضية الصحراء، وتدعم، ضمنياً، مقترح الحكم الذاتي المغربي. ويشدد المحلل على أنه "لأسباب سياسية موضوعية، لا يمكن للمغرب اللعب على واجهتين، والمطالبة باسترجاع سبتة ومليلية، في الوقت الذي لم يستطع إلى حد الآن التوصل لحل لنزاع الصحراء الغربية". ويشرح بنيس بأنه في حال طالب المغرب بمدينتي سبتة ومليلية في هذه الفترة، فمن شأن ذلك أن يؤثر بشكل سلبي على العلاقات الثنائية بين البلدين، ما قد يدفع إسبانيا إلى تبني موقف معاد للمغرب تجاه قضية الصحراء. ولفت المتحدث إلى أن إسبانيا تُعَدّ من بين الدول المرشحة لشغل مقعد في مجلس الأمن خلال العامين الجاري والمقبل، وفي حال حصل ذلك، سيكون المغرب بحاجة ماسة إلى الدعم الإسباني في مجلس الأمن، للدفع نحو التوصل إلى حل سياسي للنزاع يتماشى مع المصالح المغربية. وأوضح بنيس أن "المغرب قد يحتاج إلى دعم إسبانيا لتفادي أي تسييس لمسألة حقوق الإنسان في الصحراء، خاصةً أنها تعد من بين الدول المنتمية لمجموعة أصدقاء الصحراء، المكونة من كل من فرنسا والولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا.