بات جليا للعيان ولكل من وطأت قدماه مدينة الفنيدق أن تلك المدينة الوديعة الهادئة قد تحولت بفعل فاعل إلى مدينة عشوائية بامتياز، أزبال متراكمة هنا وهناك، وباعة جائلون قذفتهم أمواج الحياة الصعبة إلى إحتلال كل شبر خال في شوارع المدينة. أزمة القلب النابض للمدينة صياح وصراخ وخيام بالعشرات جراء الإحتلال الفاضح لشارع محمد الخامس أو كما يحلو لبعض أبناء المدينة أن يسميه بالقلب النابض للمدينة حيث الحركة دؤوبة التي لا تكاد تفتر حتى تبدأ من جديد أكثر قوة، لكنها تخلف يوميا أطنانا من الأزبال ومرتعا خصبا لبيع الممنوعات وحالات من الصراع الشبه اليومي على أماكن التفريش، فأضحى الشارع الذي صرفت من أجله الأموال الطائلة محط سخرية البعض وتحسر البعض الأخر على مدينة أضحت تتنفس العشوائية. الركود بالأسواق التجارية مما لاشك فيه أن عمليات التفريش الواسعة والإحتلال الكبير للأرصفة والشوارع أثرث بالسلب على تجار الأسواق وخصوصا سوق المسيرة الخضراء وقيسارية بن عمر، لكن من المؤكد أن بعض التجار يستيفدون من الوضع الراهن عبر بيع سلعهم للفراشة بل ومزاحمتهم في احتلال أماكن التفريش، حيث بات من الصعب بمكان أن تتجاوز الإكتظاظ في الشارع لتصل للسوق أو القيسارية فتضطر إلى أن تتسوق في الشارع، وهذه حالة تتكرر بإستمرار طيلة أيام الأسبوع وتبلغ ذروتها أيام العطل. من يتحمل مسؤولية هذه الفوضى في كل مرة يثار فيها ملف تحرير شارع محمد الخامس، وإلا وتتناثر الإتهامات هنا وهناك يمينا ويسارا كل من زاوية تضرره وربحه، لكن الأكيد أن المسؤولية تتحملها السلطات الوصية بمعية المجلس البلدي وهما الجهتان اللتان تمتلكان السلطة والقرار في الخروج بحل يرضي التجار ويكفل لقمة عيش العديد من العاطلين والمنتفعين من مثل هكذا تجارة، ليصير الوضع رهينا بين سلطة منتفعة بالوضع ومجلس عاجز عن إيجاد البدائل، لكنه يلجئ بين الفينة والأخرى إلى إذكاء نار الفتنة عبر الزج بجمعيات محسوبة على تيار سياسي معين لخوض جولات فلكلورية تطالب بتحرير الشوارع أو عبر تدوينات من بعض مستشاريه تدعوا لطرد الباعة الجائلين دون تقديم حلول عملية تصون كرامة الجميع. تبقى مدينة الفنيدق قبلة مهمة للسياح المغاربة لكنها أضحت بفعل تهاون مسؤوليها وتقصيرهم قبلة للفوضى والعشوائية جراء عمليات الإحتلال الواسعة للشوارع الرئيسة وعجز المجلس البلدي عن إيجاد حلول عملية تنهي معانات الباعة الجائلين واحتلالهم للملك العام وتعيد للمدينة رونقها الخاص، غير أن الوضع المستفحل الذي باتت تعيشه المدينة ينبئ بمزيد من التدهور نحو الهاوية مالم تتظافر جهود الغيورين لتدارك مايمكن تداركه .