اعتادت ساكنة طنجة أن تزور بين الفينة والآخر "سور المعكازن"الذي يطل على ساحل البحر الأبيض المتوسط، حيث يحتل مكانة هامة في قلوب "طنجاوة" و يعتبر مأوى لضحكاتهم ودردشاتهم و أحاديثهم. يتواجد بهذا المكان مدفعين وجهّا أنظارها للساحل الإسباني في دلالة إلى تاريخيتهما، ودورهما في رد العدوان عن مدينة البوغاز في غابر الأزمان، سواء كان إسبانيا أو برتغاليا. من جهة أخرى، فهي تُضفي طابعا جميلا يوحي بالأصالة والقوة، بالإضافة إلى كون ساحة السور تعتبر محضنا لتجارة الباعة المتجولين البسطاء، الذين اعتادوا بيع بعض الحلويات والفواكه الجافة، و هم بذلك يصنعون جوا من نوع آخر لكل زائر أراد التمتع بروزنق الفضاء و جماله. تاريخ "سور المعكازين" ليس بالعريق، فقد تم بناؤه سنة 1911م، من طرف الإسباني دي بينيا -حسب مؤرخين- بهدف منع الكتبان الرملية من الانجراف آنذاك، لكنه سيأخذ دورا آخر فيما بعد، و هو الذي سيمنحه التسمية الجديدة، حيث كان ملاذا لأناس أنيقون في لباسهم، عقولهم تحوي أكثر من لغة، لكن أحوال الدنيا جعلتهم يجلسون لساعات في السور، ينتظرون زبونا أو زبائن جديد، إنهم بكل بساطة، المرشدون السياحيون الذين كانوا يحسِبون خطواتهم في ساحة السور وأيديهم في جيوبهم، في انتظار سُياح أجانب من مختلف الدول الأروبية، خصوصا أن طنجة كانت قد عرفت طفرة سياحية و تحولا نوعيا في هذا المجال، بمجرد إعلانها "دولية" سنة 1925م. و ينفي بعض المؤرخين، أن تكون سبب التسمية، هي كَسل أ و فتور فئة من سكان طنجة آنذاك، فباب الراحة المُطل على البحر، كان الأولى بهذه التمسية باعتبار ما كان يشهده من تكتل للطنجاويين، من استمتعوا بتبادل أطراف الحديث و ربما ممارسة بعض الألعاب البسيطة ك"البارتشي" و "الداما" .. لكن التسمية كما أشرنا تعود للمرشدين السياحيين، ويحكي أحد المؤرخين، أن العُمال الأجانب في فنادق طنجة هم من وصفوهم بهذا اللقب، اشمئزازا بالعمل الشاق لهؤلاء مقارنة مع الآخرين. يعتبر "سورالمعكازين"الآن من أهم المآثر التاريخية لعروس الشمال طنجة، كيف لا و هو يحمل في طياته تاريخا مفعما بالأحداث و الوقائع خصوصا أيام دُولية طنجة.