بقلم: خالد الصالعي نعم هناك من المغاربة من يحتفظ بذاكرة قوية، حيث لا يمكن ان ينسى مثلا ان حكومة بنكيران وخاصة وزراءه دخلوا على السراي الحكومي بعنفوان الفاتحين المصلحين، وأرغوا وازبدوا في محاربة الفساد بدءا بالمحيط الملكي وانتهاء بالاعلام. هذا ما سجله تاريخ البداية، بداية التبوريد المجاني واستقطاب المزيد من الأتباع. فماذا عن النهاية؟، النهاية تقول كما تابعنا أن السيد رئيس الحكومة، اكتشف قبل أيام من الامتحان العسير أن الدولة تقاد برأسين، رأس يديره الملك بتوافق تام مع حكومته، ورأس يديره من يجهلهم، وكأنها عودة كبرى لشعار التماسيح والعفاريت. وبين البداية والنهاية سفر طويل وشاق خاضه الشعب المغربي عبر طريق اسمه قرارات لا شعبية تطوع لها السيد رئيس الحكومة ووزراءه لاقبار كل تطلعات الشعب المغربي، في الزيادة في روابتهم، وتحسين شروط عيشهم وتحقيق بعض من رفاهيتهم، وتقليص الضرائب التي تنهب ما يجنونه من عرق جبينهم وكدهم السيزيفي. غالبا ما تكون المسافة بين نقطة البداية ونقطة النهاية طويلة وعسيرة الاجتياز. يمكن أن تسألوا المغاربة، الذين صحا وعيهم بعد الربيع العربي البهي، وإن انقلب الى خريف تعيس. لكن الأمور تؤخذ بجوهرها لا بعرضها. خاصة والوسائط الاجتماعية أصبح لها وقع كبير على بعض قرارات الدولة واجراءاتها التعسفية واللاوطنية. وهذا يفيد أن الدولة لا تزال تسير بمنطق القطيع،" شا /را"، حاشاكم، ولم تخط خطوة واحدة نحو دولة القانون، ووطن المواطنين. فبكل بساطة يأتي اليوم السيد رئيس الحكومة ويقلب الطاولة على النظام المغربي المهندس الوحيد لكل سياسات البلد باجماع المهتمين والمعارضين والمراقبين الدوليين، ويشكك في ديمقراطيته ودستوريته وشكله البرلماني، وما الى ذلك من الأوصاف التي جمعها حطابو الليل لوصف النظام المغربي. فأين ما وليت وجهك تجد له انتسابا. وان كان جوهره استبدادي قح. قال العرب قديما "ماهكذا تورد الابل "، لأن سعد ورد الابل على نحو غير مناسب، وها نحن نورد منذ الاستقلال على نحو خاطئ ومنحرف. ألم يعلم السيد بنكيران ان الدولة تقاد بواسطة الريموت كونترول منذ عهد الحسن الثاني، وأن الملك محمد السادس آخر من يعلم، والشعب غائب. ألم يبرهن السيد رئيس الحكومة بالدليل القاطع أنه خادم مطيع، قدم اعتذاره العلني لمن هاجمهم ذات عنفوان كاذب، ثم خاطب ودهم وصار منهم، بل أصبح سيد العفاريت والتماسيح ؟ أليس تصريحه الأخير بكون الدولة تسير برأسين مثالا واضحا لدموع التماسيح وهي تبتلع شعبا بكامله، فتدمع عيناها من فرط الشره والافراط في ابتلاع خيرات وثروات وحقوق الشعب؟. الجميع يدرك أن القرارات المصيرية لا يتخذها الملك، الملك يتدخل في المشاحنات والخصومات التي تنشأ بين أقطاب الحكم، فيسرب له المقربون اذا ما اتصلوا به ما صنعه فلان او علان. الجميع يدرك أن من يحكم المغرب هم الرباعي عالي الهمة والحموشي وياسين المنصوري، ومنير الماجدي، وآخرون أقل رتبة وحظوة. لكن هؤلاء كما يصفهم الاعلام يمثلون حكومة الظل، او ما يسمى بالدولة العميقة، وحكومة الظاهر الضعيفة هي تلك التي يسيرها السيد بنكيران. فاللعبة باتت واضحة، وعلى الجميع أن يتعلم فضيلة تحمل المسؤولية. اما المناورات السياسية الصبيانية فانها لم تعد تجد في زمن التواصل الاجتماعي او المواطنة الرقمية. فمن تخلى يا ترى طواعية عن مهامه الدستورية للملك؟، وهل فعلا مارس الملك تلك المهام أو يمارسها؟. ليس هناك ازدواجية للحكم في جوهر الفعل السياسي بالمغرب، هناك ما يسمى بتقاسم الأدوار، بين حكومة الظل أو الدولة العميقة وبين حكومة ما يقرب من ثلث وزرائها غير منتخبين. بين أحزاب المعارضة وأحزاب الموالاة او الأحزاب الحاكمة. بين الباطرونا وبين جهاز الدولة. هذا هو الوصف الحقيقي للممارسة السياسية والاقتصادية بالمغرب. بل اللعبة متقاسمة بين من ينهب باسم الملك، وبين من ينهب سرا دون ذكر اسم الملك. أين ذهبت أربعة سنين؟ ربما حسب تصريح بنكيران ذهبت في البحث عن منافذ ووجهات الحكومة المجهولة. ففي النهاية اكتشف بنكيران انه ديوجين عصره، بعدما حمل الفانوس أربعة سنين نهارا وهو يبحث عن الأربعين حرامي، ويا ليته وجدهم. بل صدمنا باعترافه انه اول من يجهلهم. من صائد للعفاريت والتماسيح، الى باحث عن المجهول، تحول السيد بنكيران إلى من يأكل النعمة ويسب الملة. ولعل أكبر سبة للسياسة بالمغرب هي تولية رجل كبنكيران لمنصب بحجم رئيس الحكومة في زمن انتشار الوعي وان بشكل حصري عبر وسائط الاعلام والتواصل الاجتماعي. ونحن نسألك عن الفترة الفاصلة بين البداية والنهاية . أين صرفتها سيدي رئيس الحكومة؟