تشكل مناسبة شهر رمضان الفضيل فرصة للاستمتاع بممارسة الرياضة، وفي مقدمتها كرة القدم، حيث تعرف جل أحياء مدن المملكة تنظيم دوريات مصغرة تشهد إقبالا كبيرا سواء من لدن الممارسين أو المتابعين. وتتسم هذه المباريات، التي تجرى غالبا بعد عصر يوم الصيام، أجواء شبابية رائعة تسودها روح التسامح والتآخي والروح الرياضية العالية وتتخللها لمسات فنية كروية إبداعية تلقى استحسان المتتبعين والجمهور الذي يتابع هذه المباريات. فما يكاد يقبل رمضان حتى يسارع الولوعون بالكرة المستديرة والجهات التي تشرف على تنظيم هذه الدوريات، على تجهيز الملاعب التي ستحتضن المنافسات ومستلزمات ممارسة كرة القدم. وتعكس هذه الدوريات القيم التي يجسدها هذا الشهر الأبرك من تآخي ومودة وتسامح، كما لا تخلو من المناوشات الودية والرغبة في الفوز. وتفسح بساطة قواعد هذه الدوريات المجال أمام هواة كرة القدم من الشباب والأطفال من أجل إبراز مهاراتهم والاحتكاك بفرق الأحياء الأخرى، ولما لا استقطاب أنظار المنقبين عن المواهب الكروية. وقال زكرياء (طالب جامعي) وهو أحد سكان درب السلطان بالدار البيضاء، إن مجموعة من اللاعبين المحترفين اليوم بدأوا مزاولة كرة القدم في دوريات الأحياء، مضيفا أن أبناء الحي ما يزالون يتذكرون البدايات الاولى اللاعبين أيوب سكومة ومحسن متولي في ممارسة كرة القدم في دروب هذا الحي شأنهم في ذلك شأن عصام العدوة الذي كان محط أنظار العديد من المتربصين ومكتشفي المواهب حين كان يداعب الكرة في أزقة الحي المحمدي. أما أحمد، المتقاعد المهووس بكرة القدم، فقد رأى أن هذه الدوريات، التي باتت تجرى في ملاعب للقرب حديثة، تفتح المجال لكل للأطفال والشباب لممارسة هواياتهم، ما يجنبهم مجموعة من ممارسات قد تؤثر سلبا على مسارهم الدراسي أو تؤدي بهم إلى الانحراف. وباتت ملاعب القرب تحظى بأهمية بالغة، لاسيما بعد تأكيد صاحب الجلالة الملك محمد السادس حرصه على الاهتمام بالبنيات الرياضية المحلية، من خلال الرسالة السامية التي وجهها إلى المشاركين في المناظرة الوطنية للرياضة في مارس 2013، والتي جاء فيها "هدفنا الأسمى من ذلك، إحياء الممارسة الرياضية في مدننا وقرانا وأحيائنا، خاصة الشعبية منها، باعتبارها المعين الذي لا ينضب للرياضيين والمنبت المعطاء لكبار أبطالنا ممن مارسوا هوايتهم الرياضية". كما اعتبر جلالة الملك أن "الممارسة الرياضية رافعة قوية للتنمية البشرية وللاندماج والتلاحم الاجتماعي ومحاربة الإقصاء والحرمان والتهميش". وبالفعل، فقد أصبحت هذه الدوريات المصغرة تحتل مكانة متميزة وتشكل تقليدا خاصا عند كل رمضان يغتنمها الشباب من أجل الاستمتاع بساعات الصيام طيلة هذا الشهر الأعظم ومن أجل الحفاظ على اللياقة البدنية والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يفسد صومهم.