أقدمت على استثمارات كبيرة رغم وضعيتها المالية الصعبة دون أن تجني أي أرباح نشر المجلس الأعلى للحسابات تقريرا حول القناة الثانية، أشار إلى أنه ابتداء من شهر يونيو 1996، تحولت القناة الثانية إلى القطاع العام، في حين ظل الوكيل الإشهاري للقناة (Régie 3) شركة خاصة، وورد في التقرير أن الدولة قامت بضخّ مبالغ مهمة تمثلت، أولا، في المشاركة في رأسمال القناة بمبلغ 216.846.500.00 درهم وثانيا، في تقديم إعانات سنوية بلغت، إلى حدود عام 2007، ما يقارب 1.12 مليار درهم. لاحظ التقرير أن الوضعية المالية للشركة، بعد عشر سنوات، لم تسجل أي تحسن، رغم ارتفاع عائدات الإشهار، والتي بلغت ما بين سنتي 2003 و2008 مبلغ 98.2 مليار درهم. وقد تتفاقم وضعية الشركة أكثر، خاصة أن قطاع الإشهار السمعي -البصري يشهد منافسة متزايدة. ورغم الوضعية المالية الصعبة للشركة، قامت هذه الأخيرة باستثمارات ثقيلة (بناء أستوديو 1200، توسيع المقر...) واتخذت قرارات وتدابير متسرعة، وكل ذلك زاد من تأزم وضعيتها وأضعف مردوديتها. يضاف إلى ذلك أن القناة لم تجنِ أرباحا من هذه الاستثمارات. وذكر التقرير أن المراقبة التي قام بها المجلس أفرزت وجود عدة اختلالات. ومكنت الإعانات العمومية، ما بين سنة 2003 و2007، من خفض العجز المسجل، وبالتالي الحصول على نتيجة استغلال إيجابية، بزيادة قدرها %56 ما بين سنتي 2003 و2007. وتجدر الإشارة إلى أن الدولة لم تقدم الإعانة السنوية للقناة بخصوص سنة 2008. وأشار التقرير إلى أنه كان من الممكن تحسين هذه النتيجة لو تم استغلال الارتفاع المهم الذي شهدته عائدات الإشهار للقناة، والتي تضاعفت خلال هذه الفترة ولو تم، كذلك، التحكم في تكاليف الاستغلال التي ارتفعت بنفس وتيرة العائدات بمعدل %59 ما بين سنتي 2003 و2007. أمام تسيير يتميز بعدم التحكم في التكاليف وأمام ارتفاع غير كافٍ لرقم المعاملات، دون احتساب إعانات الدولة، وخصوصا مباشرة استثمارات جد مكلفة، فقد أصبح اللجوء إلى القروض البنكية خيارا لا مناص منه، وهو ما أثّر سلبا على الاستقلالية المالية للقناة. دعم مالي في غياب أي عقد برنامج ذكر التقرير أن قيمة الإعانات العمومية للقناة بلغت، منذ أصبحت الدولة تملك أغلبية رأسمالها في يونيو 1996 وحتى متم سنة 2008، مبلغ 1.12 مليار درهم. وخلافا لأحكام المادة ال51 من القانون رقم 03 -77، المتعلق بالاتصال السمعي -البصري، فقد قدمت الدولة إعانات للشركة، في غياب أي عقد -برنامج، بل تم الاكتفاء بوضع دفتر تحملات يغطي الفترة ما بين 2006 و2008. ويوصي التقرير وزارة الوصاية بأن تسهر على أن يتم تقديم إعانات الدولة على أساس عقد -برنامج يُبيّن الأهداف المنشودة والنتائج المتوخاة والموارد التي يتعين تعبئتها وكذا آليات المراقبة والتتبع. قصور في أنشطة الإنتاج أكد التقرير أن «دوزيم» أنتجت، في الفترة ما بين 2003 و2007، أكثر من 180 برنامجا وساهمت في إنتاج أكثر من 90 أخرى، ومقابل ذلك، فان القناة لم تقم بما يلزم تجاه شركائها في الإنتاج، ليقوموا بتقديم الوثائق المقررة في عقود الإنتاج المشترك، خصوصا حساب استغلال الأفلام والتقارير حول عدد عقود الاستغلال المبرَمة وهوية الأطراف التي اقتنت حقوق الاستغلال والمبالغ المتعلقة بها. وأوصى المجلس القناة بالسهر على احترام البنود المتعاقد بشأنها، خاصة تلك المتعلقة بتسويق الأفلام التي ساهمت في إنتاجها. ولاحظ المجلس أن عددا من البرامج المنتجة حققت عجزا ماليا مهما «استوديو دوزيم، شلانجر...» كما أبرز التكاليف والعائدات والنتائج التي حققتها بعض البرامج. كما أن مختلف المساطر المتعلقة بإنتاج البرامج (التصميم، الإخراج...) لم يتم وضعها إلا ابتداء من شهر يناير سنة 2007. وأشار التقرير إلى غياب دعوة عامة إلى وضع السيناريوهات، خلافا لأحكام المادة ال13 من دفتر التحملات، والتي تنص على تعزيز المنافسة الحرة في الميدان السمعي -البصري، كما أن معظم المسرحيات الهزلية (Sitcom) والمسلسلات لم تتم قراءتها ولا تقييمها ماليا من طرف اللجن المكونة لهذا الغرض، الشيء الذي انعكس سلبا على جودتها، فضلا على عدم تسمية أي لجنة مكلفة بقراءة السيناريوهات أو التقييم المالي أو مشاهدة المسرحيات. ففي سنة 2008، عهد إلى شخص واحد، تابع لقسم البث، بمهمة قراءة واختيار المسرحيات... وأوضح التقرير أنه بمناسبة إنتاج البرامج، يتم إنشاء شساعات للنفقات، حيث يجب تبرير كل نفقة بوثائق محاسبية أو إرجاع المبالغ التي لم يتم صرفها في أجل 15 يوما. غير أن عملية تدقيق الوثائق سالفة الذكر تبين أن المبالغ غير المبررة بلغت في 2008/ 08/ 31 أكتر من 3.25 ملايين درهم. العلاقة بين «صورياد» المغرب و«صورياد» فرنسا ذكر التقرير أن «صورياد –فرنسا» شركة فرنسية في ملكية «صورياد –المغرب» وتتكلف، نيابة عن هذه الأخيرة، باقتناء البرامج الأجنبية غير العربية. وتستفيد «صورياد -فرنسا» من عمولة قدرها %31 من مبلغ المشتريات، التي تقوم بها دون احتساب الضرائب. وقد بلغ مجموع هذه العمولات، ما بين سنتي 2003 و2007، أكثر من 32 مليون درهم. وأوضح التقرير أن «هذا الامتياز الذي تم منحه للشركة الفرنسية غير مبرر، كما يؤكد الغموض الذي يميز العلاقة بين الشركتين، ثم إن تحديد هذا المبلغ السنوي للعمولة، كيفما كان مبلغ المشتريات من البرامج الأجنبية، لا يساعد على تحسين أداء «صورياد -فرنسا». كما أنه يفاقم الأزمة المالية التي تعاني منها القناة». وأضاف التقرير أن مشتريات «صورياد –فرنسا» من البرامج لا يراعي الاحتياجات الحقيقية للقناة ولا يأخذ بعين الاعتبار المخزون المتوفر من البرامج. وقد بلغ مخزون البرامج للقناة بتاريخ 31/12/ 2007 أكثر من 30 مليون درهم. ومن ناحية أخرى، قامت القناة بشراء برامج لم يتم عرضها حتى انتهت فترة حقوق بثها. إضافة إلى ما سبق، فإن مخزون البرامج التي اقتنتها «صورياد –فرنسا» يتضمن برامج لا يمكن بثها على القناة، إما لأسباب تقنية أو لعدم ملائمتها للخط التحريري للقناة. إضافة إلى ذلك، لاحظ التقرير أن «العديد من عقود اقتناء البرامج التي قامت بها «صورياد -فرنسا» والمحررة أصلا بالدولار (10 برامج عن الفترة ما بين 2004 و2005) تمت فوترتها ل«صورياد –المغرب» بالأورو، باعتبار نسبة الصرف (1 دولار = 1 أورو)، الشيء الذي نتجت عنه زيادة غير مبررة في عمولة الشركة الفرنسية بقيمة 1.3 مليون درهم». اختلالات في تسويق المساحات الإعلانية أكد التقرير أن العلاقة بين شركة «صورياد» والوكيل الإشهاري (Régie3) تعرف غموضا، فمن أجل تسويق مساحاتها الإعلانية قامت شركة «2M» بإمضاء عقد مع الوكيل الإشهاري (Régie3) بتاريخ 19/ 07/1991، ويتكلف من خلاله هذا الأخير، وبشكل حصري، بالبحث وبجمع وتشجيع الإشهار في القناة بكل الوسائل كيفما كان شكله، بما في ذلك تبادل السلع وكذا فوترة وتحصيل المَبالغ من الزبائن ومن كل وكيل وسيط. وقد تم تغيير هذا العقد عدة مرات ما بين سنتي 2004 و2007. إن العلاقة بين شركة «صورياد» والوكيل الإشهاري تتميز بغموض يلف التعاقد بينهما، ولاحظ التقرير غياب دفتر تحملات واضح يبين الأهداف المسطرة للوكيل والوسائل الواجب توفيرها من أجل البحث عن زبائن جدد وإنعاش الإشهار لمصلحة القناة. ومن أجل الاستفادة المثلى من تسويق المساحات الإعلانية، يوصي المجلس بإعادة النظر في طريقة تسويق الإشهار وخلق وكيل إشهاري تابع للشركة، الاحتفاظ بالشكل الحالي، كيفية مراقبة رقم المعاملات الواجب استخلاصه وإعادة التفاوض مع الوكيل الإشهاري... فضلا على ذلك، وخلافا لأحكام المادة ال8 من العقد الذي يجمع القناة والوكيل الإشهاري، والذي ينص على وجوب القيام بتدقيق سنوي لحسابات الوكيل من طرف خبير وبطلب من القناة، فانه لم يتم القيام بأي مهمة تدقيق لحسابات الوكيل الإشهاري. ومن جهة أخرى، فان الخصومات الخاصة برقم المعاملات وبالإشهار المجاني الممنوح لمختلف المعلنين الإشهاريين، يتم التحكم فيها من طرف الوكيل لوحده، دون علم أو موافقة من القناة. أما في ما يخص الرعاية الإشهارية فيلاحظ عدم احترام مبدأ المنافسة الحرة في اختيار المعلنين. وعلى هذا الأساس، أوصى المجلس القناة باحترام وتطبيق بنود العقد الذي يجمعها بالوكيل الإشهاري، وخاصة التدقيق السنوي لحسابات الوكيل، مراقبة كل الخصومات والحصص الإشهارية المجانية التي تقدمها الوكالة، والتي يجب أن توافق عليها القناة مسبقا، وتحديد شروط الرعاية الإشهارية، باحترام مبدأ المنافسة الحرة. وقال تقرير المجلس إن مراقبة نشاط الإشهار من طرف القناة تبقى جد ضعيفة، حيث إن قسم البث يتكلف فقط بمراقبة عدد الوصلات الإشهارية ويُخضعها، بعد ذلك، للتعريفة المحددة من طرف الوكيل الإشهاري. كما أن المديرية المالية للقناة لا يتسنى لها العلم بمحتوى الشروط التجارية، التي هي بطبيعتها متعددة وتصعب مراقبتها. أوجه القصور المتعلقة بالحكامة أكد المجلس أن هناك قصورا على مستوى أعمال المراقبة والتتبع الموكولة إلى المجلس الإداري، ويلاحظ أن المجلس الإداري ل«صورياد» لا يقوم بدوره المتعلق بالمراقبة والتتبع لأعمال المدير العام بشكل كافٍ وأن لجنة التدقيق، التي أحدثها المجلس الإداري سنة 2007، ما تزال غير عملية، ثم إن اللجن الأخرى، المفروض إحداثها طبقا للقانون الخاص بشركات المساهمة، لم يتم إحداثها بعد (لجنة الاستثمارات، لجنة الأجور)... وينعكس كل هذا القصور سلبا على الوضعية المالية للشركة ويحد من مردوديتها الاقتصادية. في نفس الإطار، وخلافا للمادة ال56 من القانون المتعلق بشركات المساهمة والمادة ال18 من النظام الأساسي للشركة، لم يتم إخبار المجلس الإداري قبل توقيع عدة اتفاقيات ترهن، بشكل كبير، مالية القناة، والتي تتطلب الترخيص القبلي للمجلس المذكور. ونذكر هنا، على سبيل المثال، الاتفاقيات التي تربط القناة والوكيل الإشهاري (Regie3). أجر نور الدين الصايل بلغ 12 مليون سنتيم وأجر بنعلي وصل إلى 11 مليون سنتيم أشار المجلس أن المدير العام السابق (من شتنبر 2003 إلى يونيو 2008) قام بنفسه، ودون اللجوء إلى المجلس الإداري، كما ينص على ذلك القانون المتعلق بشركات المساهمة، بتحديد راتبه الشهري، حيث إن هذا الراتب جاء «مطابقا لما كان عليه الحال مع سلفه... مع أخذ الأقدمية داخل الشركة بعين الاعتبار». وتجدر الإشارة إلى أن سلفه سلك نفس الطريقة في تحديد راتبه. وقد بلغت الرواتب الشهرية والمزايا التي حصل عليها المدير العام السابق، دون أي ترخيص مسبق للمجلس الإداري، ما يناهز 17 مليون درهم، أي بمتوسط شهري قدره 300.000.00 درهم، وهو ما يعتبر مبالَغا فيه، بالنظر إلى الطابع العمومي للقناة وإلى وضعيتها المالية الهشّة. وتبعا لذلك، يوصي المجلس باحترام مقتضيات القانون المتعلق بشركات المساهمة (المادة 67) ومقتضيات النظام الأساسي للشركة (المادة 15) والمتعلقة بكيفية تحديد رواتب المسيرين للشركة ويراعى في ذلك الوضعية المالية لهذه الأخيرة. وفي ارتباط بذلك، أشارت ورقة أداء (مؤرخة ب28/10/2004) حصلت «المساء» على نسخة، منها أن الأجر الخام لمصطفى بنعلي لشهر أكتوبر بلغت قيمته 108461 درهما، أي ما يقارب 11 مليونا. من جهة أخرى، كشفت وثيقة أن الأجر الخام المدير السابق ل»دوزيم»، نور الدين الصايل، لشهر غشت من سنة 2003 بلغ 1039990 درهما، أي ما يقارب 10 ملايين ونصف مليون سنتيم، وتشير وثيقة أخرى إلى أن نور الدين الصايل توصل بأجر من «صورياد -فرنسا» بقيمة 1780 أورو (ما يقارب مليوني سنتيم) عن الشهر ذاته.