أثار تحديد المسؤولية خلال التدخلات الأمنية لتفريق الوقفات الاحتجاجية جدلا كبيرا بين فقهاء القانون والحقوقيين، من أجل معرفة الجهة التي يمكن متابعتها من طرف ضحايا العنف الذي يمارس في مواجهة الوقفات الاحتجاجية. ورغم إقرار كثير من الحقوقيين بأن مسألة إثبات مسؤولية الأمنيين عن الشطط في استعمال السلطة خلال تفريق الوقفات الاحتجاجية تبقى صعبة، فإن عبد المجيد خشيع، المحامي بهيأة الدارالبيضاء يؤكد أن المسؤولية في الشطط الذي يصدر خلال الوقفات الاحتجاجية تعود إلى المسؤول الأمني الذي هو والي الأمن الذي أصدر الأمر بالتدخل إلى جانب المدير العام للأمن الوطني ووزير الداخلية. وأضاف خشيع أن مسؤولية الدولة ثابتة عن أخطاء موظفيها فيما يتعلق بالجوانب المدنية، أما المسؤولية الشخصية فتتعلق بمرتكب الفعل إذا تعلق الأمر بجنحة من جانب الشرطي أو المسؤول الأمن الذي يحاسب عليها طبقا للقانون. وشدد خشيع على أن التعويض تؤديه الدولة على اعتبار أنها تتحمل المسؤولية المدنية لموظفيها، مضيفا أنه يصعب تحديد المسؤولية الدقيقة في مثل هذه الحالات لأن كل طرف يرمي المسؤولية على الأطراف الأخرى، وهو ما يعقد عملية المتابعة إذا رفع المتضرر دعوى قضائية. واعتبر خشيع أن وزير الداخلية هو من يتحمل في الدول الديمقراطية المسؤولية عن الأخطاء الجسيمة التي يرتكبها مسؤولو وأفراد الأجهزة الأمنية خلال مختلف التدخلات التي يقومون بها. ويعتقد خشيع أن المشكل الكبير الذي يواجهه الضحايا في إثبات مسؤولية الأجهزة الأمنية عن الأضرار التي يصابون بها خلال التدخلات الأمنية هو عدم وجود أوامر مكتوبة صادرة عن قادة الأجهزة الأمنية، لمرؤوسيهم واكتفائهم بإصدار تعليمات شفوية، لا توفر أي دليل يمكن الاستناد إليه خلال الدعوى. ويعتبر كثير من الحقوقيين أن حق التظاهر السلمي يضمنه القانون وبالتالي يجب على الأجهزة الأمنية أن تحترم المساطر القانونية المتعلقة بتفريق التجمعات التي تقوم على ضرورة إنذار المتظاهرين قبل استعمال القوة في حقهم. ورغم الجهود التي قامت بها هيأة الإنصاف والمصالحة في التقريب بين الأجهزة الأمنية والمواطنين المغاربة، فإنه مازالت هناك تمثلات سلبية لدى المجتمع بخصوص دور الأمن. وأكدت توصيات الهيأة على ضرورة العمل على النهوض بحق الولوج إلى المعلومات المتعلقة بالعمليات الأمنية وحفظ النظام العام، وإقرار مراقبة سياسية وقانونية وإدارية على كافة السلطات الأمنية، مع الرفع من مستوى أدائها، وتطوير معايير لقياس التناسبية بين استعمال القوة في مواجهة حالات الإخلال بالأمن والنظام العام، من جهة، والمحافظة على الحقوق والحريات الأساسية من جهة أخرى، وإحداث تطور نوعي في التعاطي مع الشأن الأمني بتفعيل المفهوم الجديد للسلطة، بما يؤسس للتحول من مجرد عمل أمني للأجهزة والقوات العمومية للتدخل إلى مصالح تشارك في التنمية والنهوض بقيم المواطنة.