هكذا، إذن، تسير أمور المواطنين بمجموعة من الجماعات عن طريق جلسات المشوي والملوي، وما إلى ذلك، بعد أن شرع رؤساء بعض المجالس الجماعية في المدن الكبرى، كما في البلديات والجماعات القروية، في تنظيم موائد الحساب الإداري لأعضاء مجالسهم عشية دورات المجلس استجداء لأصواتهم! ظاهرة كانت ولاتزال سائدة في أغلب المجالس، فالفرق واضح بين الذي يناقش الحساب الإداري ورائحة الدسم تفوح من فمه عندما يهم بالحديث والذي أصيب بالتخمة من كثرة الأكل فيركن إلى الصمت وقت المناقشة والاكتفاء بالمصادقة على الحساب الإداري ، وهو مايفسر أن مناقشة والمصادقة على الحسابات الإدارية بالرغم من الأهمية التي تشكلها ، تتم بسرعة أكثر من البرق أحيانا عديدة! الأخبار الواردة من مجموعة ممن الجماعات الحضرية والقروية، تفيد بأن جلسات الحسابات الإدارية مرت بردا وسلاما ولم تستغرق سوى دقائق معدودة، ولعل غياب سلطة المراقبة هي التي تشجع على مثل هذه السلوكات وأكثر، فهناك من المستشارين من لا تغريه الموائد حيث يعتبرها فُتاتا، فهم يطالبون بأكثر من البسطيلة والمشوي، إنهم يطالبون بحصة من الكعكة! أبلغ تعبير عن واقع هذه المجالس المشكلة بطعم البسطيلة والمشوي يتمثل في الوضعية الكارثية التي أصبحت عليها مدننا، كبرى كانت أو صغرى، فبالرغم من الميزانية الهامة المخصصة لها والتي تتجاوز سنويا 15 مليار درهم تحصل عليها من خلال الضرائب المباشرة وغير المباشرة وحصتها من الضريبة على القيمة المضافة ، فإن جلها لايعدو أن يكون مجرد قرى كبيرة! ترى أين تصرف الميزانيات الضخمة التي تصادق على حساباتها هذه المجالس، وأين كانت سلطات الوصاية قبل أن تتحرك المجالس الجهوية للحسابات لكشف المستور؟ الأكيد أن فتح ملفات الفساد بالعديد من المجالس المحلية، الأكيد أن كشف النقاب عن تقارير المجلس الأعلى للحسابات أزاح الستار عن واقع «مترد» للتسيير الجماعي يجد امتدادا له على مستوى سلطات الوصاية محليا ومركزيا، واقع جعل البعض ، بقوة الفساد، من أصحاب الملايير، واقع جعل الأراضي والأملاك الجماعية والأموال... تُحرَّف عن مقاصدها(!) لم لا وقد فعل الدسم فعلته في مجموعة من المستشارين لدرجة التخمة التي أذهبت عنهم الفطنة!