أحيل على استئنافية وجدة بتهمة الضرب والجرح العمدي المفضي إلى الموت دون نية إحداثه المساء : كانت الصدمة قوية على مجموعة من سكان حي السمارة 2 الهامشي بمدينة وجدة، ولم يستوعبوا المشهد المروع الذي كان تحت أنظارهم، وهالهم الحادث المأساوي المميت الذي راح ضحيته شاب في مقتبل العمر. كان مراد البالغ من العمر 16 سنة ملقى على الأرض بحقل وسط بركة من الدماء، واضعا يده على صدره جهة قلبه كما لو كان يحاول إيقاف النزيف الذي كان يتدفّق منه، وكانت أنَّاتُه تخْفُت شيئا فشيئا وحركاته تتثاقل قبل أن تدِبَّ إلى جسده رجفة ورعشة... كان شريط الدقائق الأخيرة من حياته يمرُّ أمام عينيه بسرعة قبل أن يغشاهما ضباب وانتهى الأمر بموته. «أليس طبيعيا أن أنسج علاقات مع الفتيات كما يفعل جميع أقراني، بل عليَّ أن أبرهن لهم أنني متفوق عليهم في هذا المجال، بعد أن ساعدتهم الظروف وتفوقوا عليّ في متابعة الدراسة...»، هكذا كان يعتقد مراد الطفل الوسيم القادم من بوادي مدينة وجدة مع أسرته والذي لم يحالفه الحظ في متابعة دراسته، واضطر إلى ولوج عالم الشغل كمساعد لوالده الفقير في أشغال البناء، ويقطن بمنزل متواضع بالحي الهامشي السمارة 2 المتواجد غير بعيد عن المركب الشرفي بوجدة. كان الطفل/المراهق يحس بشيء من الحبّ تجاه حسناء، الفتاة ذات الثلاث عشرة سنة ابنة الحي الذي يسكنه، وكان كلما رآها استقام أمامها مزهوا بعضلاته المفتولة، وأسمعها كلمات غزل والتمس منها ربط علاقات غرامية كاشفا لها عن حبّه وعشقه لها وهيامه بها. كانت الطفلة غير آبهة، في بداية الأمر، بما كانت تسمعه ولم تكترث بعبارات كانت أكبر منها ومن أن تستوعبها وكانت تعتبرها سبّا في حقها وقذفا في حقّ أسرتها، في الوقت الذي كان موقفها منه يزيد مراد عنادا وتحديا لرجولته، فكان يضاعف من معاكساته لها إلى حدّ الإحراج والمضايقة، فما كان منها إلا أن اشتكت أمرها لأحد أعمامها. مطاردة وجريمة ثارت ثائرة عمّ الطفلة حسناء عبد الله البالغ من العمر32 سنة الذي يشتغل كهربائيا، لِما سمعه، واعتبر ما قام به ذلك الطفل/المراهق اعتداء على شرف العائلة وحرمتها وكرامتها، وأقسم أن يؤدبه ويعيد تربيته التي عجز والده عن القيام بها حتى لا يعود إلى أفعاله «الدنيئة» المتمثلة في الاعتداء على شرف العائلات. توجه عم الطفلة يومها إلى المكان الذي اعتاد مراد انتظارها فيه، لكن مساء يوم الأربعاء 12 يناير 2011، لم يكن كباقي الأيام، إذ لم تأت الطفلة حسناء إلى المكان كعادتها، وكان عمّها عبد الله هو من جاء بدلها، الأمر الذي فجّر تخوفات الطفل/المراهق وزرع الرعب في أحشائه حيث سرت داخل جسده قشعريرة باردة انتصب لها شعر جلده... شرع عبد الله، دون سابق إنذار، في مطاردة الطفل/المراهق مراد وملاحقته إلى أن وصلا إلى أحد التلال المحاذية للحي الهامشي، ودخل الاثنان في مواجهة قوية وعنيدة، كان الطفل مراد يحاول الهروب من محاصرة خصمه القوي والعنيد والفرار بجلده، لكن المنازلة كانت غير متكافئة وكان الرجل أقوى وأسرع من الطفل ومسلحا بمدية استلها من ملابسه واستعملها في منازلته، حيث وجه للطفل طعنة قاتلة على مستوى الصدر في الجهة اليسرى اخترقت القلب الصغير الهش المفعم بالحبّ والعشق ومزقت شرايينه، وتركه يتمرغ في التراب ويتخبط في دمه كديك مذبوح، ولاذ بالفرار نحو منزله حيث حكى لشقيقه وشقيقته فعلته الشنعاء وسلّمهما أداة الجريمة التي قاما بإخفائها. معاينة وتحريات واعتقال انتقلت عناصر الشرطة القضائية التابعة لولاية أمن وجدة إلى مسرح الجريمة بعد إخبارها بالحادث، في حدود الساعة الرابعة بعد زوال يوم الأربعاء 12 يناير الجاري، من لدن مجموعة من سكان حي السمارة2 بوجدة، لمعاينة مسرح الجريمة وجثة الضحية الذي كان قد فارق الحياة متأثرا بالطعنة القاتلة التي سببت له نزيفا دمويا حاداّ، والتي تم نقلها إلى مستودع الأموات بمستشفى الفارابي بوجدة لإخضاعها لتشريح طبي بهدف تحديد أسباب الوفاة، ثم باشرت العناصر ذاتها تحرياتها وفتحت بحثا في الجريمة، بدءا بوالدي الضحية اللذين أشارا إلى علاقة أسرة الفتاة بالجريمة. مباشرة بعد ذلك، وفي اليوم الموالي، وبعد استجماع جميع المعلومات التي تمّ استقاؤها من السكان وبعض الشهود، اهتدت عناصر الشرطة القضائية إلى الجاني وقامت باعتقاله دون مقاومة، قبل أن يتبين لها أن له شريكين في الجريمة وهما شقيقته العازبة، البالغة من العمر 24 سنة وشقيقه البالغ من العمر 45 سنة مياوم ومتزوج وأب لستة أطفال، واللذان اطلعا على تفاصيل الجريمة وقاما بإخفاء السكين أداة الجريمة بنية طمس معالمها والتي تم حجزها وتقديمها ضمن الأدلة. اعتراف وإحالة على العدالة بعد الاستماع إلى جميع الأطراف التي لها علاقة بالجريمة الشنعاء التي ذهب ضحيتها شاب في مقتبل العمر، أفاد الجاني أن الضحية قام بمعاكسة ابنة شقيقته الطفلة القاصر، والتي تم الاستماع إليها كذلك وأكدت معاكسة الضحية لها من أجل التغرير بها، وأضاف القاتل أنه قام بمطاردة الضحية ووجه له طعنة قاتلة ولاذ بالفرار نحو منزله حيث أخفى أداة الجريمة بمشاركة شقيقيه اللذين اعترفا بالمنسوب إليهما، وتمت إحالتهم جميعا، صباح يوم الأحد 16 يناير 2011، على استئنافية وجدة بتهم الضرب والجرح العمدي بواسطة السلاح الأبيض المفضي إلى الوفاة دون نية إحداثه مع عدم التبليغ عن جناية، وعدم تقديم مساعدة لشخص في خطر وإخفاء أداة الجريمة.