الإنترنت في خدمة الشبكات الإرهابية الصديق بوكزول : الأصل في الجريمة المعلوماتية أنها كانت تهدف إلى الحصول على نوع معين من المعلومات أو تغييرها أو إتلافها تحقيقا لأهداف مالية. وقد تم نعت هذه الأفعال عند ظهورها بأوصاف جرمية مختلفة، من بينها جرائم الحاسوب، جرائم الإنترنت، جرائم المعالجة الآلية للمعطيات، وأخيرا الجرائم السبيرانية أو السبرنيتيكية. وفي مقابل الجريمة المعلوماتية التي يحركها دافع وهاجس الربح، كانت هناك انعكاسات خطيرة أخرى للثورة المعلوماتية، تمثلت في المساهمة المباشرة لوسائل الاتصال الحديثة في تحقيق ما يسمى بالتضامن الإيديولوجي بين مختلف المجموعات الإرهابية، وذلك عن طريق تسهيل عملية تبادل الأفكار والقيم والتوجهات فيما بينها، وهو أمر أسفر عن خلق مؤشرات تقارب بين العديد من المجموعات المحسوبة على التيارات الدينية والعقدية المتشددة. في المغرب، بينت التجارب السابقة في محاربة الإرهاب أن الشبكات والخلايا الإرهابية لجأت مرارا إلى خدمات التكنولوجيا الحديثة، بحيث تم الاعتماد عليها فيما يخص تجنيد العناصر (الانتحاريين المحتملين)، البناء التنظيمي للشبكات أو الخلايا، توجيه التعليمات من القيادة نحو العناصر التنفيذية، وتزويد العناصر التنفيذية (المفخخون، الانتحاريون...) بالخبرة في مجال تنفيذ الركن المادي للجريمة الإرهابية. من جهة أخرى بينت نماذج الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها في المغرب، بداية مع تفكيك خلية جبل طارق سنة 2002 ونهاية بتفكيك شبكة الإرهاب السبيرنيتي في شهر دجنبر المنصرم، أنها كانت تستثمر في الاتصال، المنتظم وعبر الشبكة العنكبوتية، مع مواقع إرهابية موجودة في الدول العربية. إضافة إلى هذا المعطى، أثبتت التحقيقات التي باشرتها المصالح الأمنية المغربية بخصوص نمط اشتغال وتواصل عناصر بعض الخلايا الإرهابية (خلية الرايدي، وتفجيرات حي الفرح...) أن تلك العناصر كانت تفضل في غالبية الحالات التواصل فيما بينها عبر الإنترنت. واعتماد الشبكات الإرهابية على الإنترنت، من أجل توحيد العقيدة الجهادية وتبادل الخبرة والتزود بالمعلومات التنفيذية، ارتفعت وتيرته مع التحولات التي طرأت على نمطية الإرهاب. فالإرهاب الدولي المنسوب إلى الحركات الدينية قد تغير وتحول من إرهاب مركزي أو ممركز إلى إرهاب غير مركزي. بمعنى أن الجماعات الإرهابية أصبحت بعيدة عن المركز (أفغانستان، باكستان، العراق...)، وهذا الابتعاد عن المركز سيضطر الجماعات الإرهابية اللامركزية إلى ثلاثة أمور: ضرورة خلق قيادة عمليات مستقلة من جهة أولى، وضرورة التخطيط المستقل لعملياتها الإرهابية من جهة ثانية، وأخيرا ضرورة البحث عن مواردها الذاتية والمستقلة دونما الاعتماد على المركز التقليدي من جهة ثالثة. وأمام هذا الوضع الجديد، سيضطر الإرهاب اللامركزي إلى اللجوء إلى التواصل المعلوماتي والإلكتروني بشكل كثيف مع المركز الإرهابي من أجل توحيد العقيدة الإرهابية (استصدار الفتوى، البيعة للأمير...) أولا، ومن أجل تصريف التعليمات والتوجيهات الصادرة عن قيادة العمليات المستقلة صوب عناصر التنفيذ الإرهابي أو الانتحاري (مجموعات خطف الأجانب في مالي والنيجر، مجموعة أمغالا...) ثانيا، ومن أجل البحث عن مصادر التمويل وإنجاز عمليات التمويل (تحديد طرق وكيفيات الاستفادة من التحويلات المالية، التواصل مع شبكات الجريمة المنظمة والاقتصاد غير المقنن...) ثالثا.