بمناسبة حفل تنصيب رجال السلطة بعمالة إقليموجدة أنجاد ألقى والي الجهة عامل عمالة وجدة أنجاد الكلمة التوجيهية التالية: السيد رئيس المجلس العلمي المحلي، السيد رئيس مجلس العمالة، السيد رئيس المجلس البلدي لوجدة، السيد رئيس جامعة محمد الأول بوجدة، السادة النواب والمستشارين أعضاء مجلسي البرلمان، السادة رؤساء الغرف المهنية، السادة رؤساء المجالس البلدية والقروية، السادة رؤساء المصالح الأمنية، - السادة رجال السلطة، - السادة مديرو المؤسسات العمومية ومندوبو الوزارات، السادة ممثلو فعاليات المجتمع المدني. السادة ممثلو الهيآت السياسية والنقابية والمهنية أيها الحضور الكريم. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته بداية أتوجه بالشكر لجميع السادة الحاضرين على تلبيتهم الدعوة للمشاركة في هذا اللقاء الذي ينعقد بمناسبة تنصيب رجال السلطة الذين التحقوا للعمل بنفوذ عمالة وجدة أنجاد على إثر الحركة الانتقالية التي نظمتها مؤخرا وزارة الداخلية في صفوف سلك السلطة. هاته الحركة، التي تتوخى من بين أهدافها تفادي السلبيات والعادات التي تنتج عن بقاء رجل السلطة في مكانه لمدة طويلة وإعطاء نفس جديد للإدارة الترابية وإغناء معارف وتجربة رجال السلطة عبر الاحتكاك بمختلف المدن والمناطق. وأود بهاته المناسبة أن أذكر بالدور الجديد الذي أصبح يضطلع به رجل السلطة وفق المفهوم الجديد للسلطة الذي أبرز ملامحه صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله خلال خطابه التاريخي ليوم 12 أكتوبر 1999، وأعاد التأكيد عليه خلال خطابه السامي ليوم الجمعة ما قبل الأخير بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان حينما أعلن جلالته أن هذا المفهوم يظل ساري المفعول "فهو ليس إجراء ظرفيا لمرحلة عابرة، أو مقولة للاستهلاك، وإنما هو مذهب في الحكم، مطبوع بالتفعيل المستمر، والالتزام الدائم بروحه ومنطوقه" (انتهى كلام صاحب الجلالة). ومن هذا المنطلق، فإن رجل السلطة مدعو إلى الاحتكام لسياسة القرب والانخراط بكل قوة في الأوراش المفتوحة ببلادنا على مختلف الواجهات، وفي مقدمتها ورش التنمية البشرية والاجتماعية وفق المنظور الذي وضعه ملك البلاد الرامي إلى إعادة الاعتبار للقطاع الاجتماعي والنهوض بأوضاع الشرائح المعوزة والقضاء على كل أشكال الفقر والإقصاء والتهميش. ولا يخفى الدور الموكول لرجل السلطة في التدبير اليومي لهذا الورش الملكي الضخم باعتباره الأقرب لتشخيص الواقع المعاش، والحامل الوفي لحاجيات المواطنين، والأقدر على تقييم حجمها واقتراح الحلول الناجعة لها والمساهمة في تلبيتها. واعتبار كذلك أنه لا يمكن بلوغ تنمية اجتماعية حقيقية دون توفير خدمات القرب من ماء شروب وكهرباء وتطهير وصحة، وتعميم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي والأمية، وكلها مجالات يجب أن تدخل ضمن الانشغالات الأساسية واليومية لرجل السلطة. أما الورش الثاني والذي لا يقل أهمية، فيتمثل في مسلسل الانتقال الديمقراطي وترسيخ دولة المؤسسات، مما يفرض على رجل السلطة التكيف مع التحولات العميقة التي عرفتها بلادنا في هذا الباب، وأن يكون أداة فاعلة لفرض سيادة القانون، وحماية الحريات الفردية والجماعية، وتوسيع المشاركة السياسية، والدفع بعجلة اللامركزية والديمقراطية المحلية إلى الأمام، والمساهمة في بناء المجتمع الديمقراطي الحداثي الذي يصبو إليه المغرب قيادة وشعبا باعتباره الخيار الأنسب لتحصين بلادنا ضد كل أشكال التعصب والتطرف الدخيلة على قيمنا وثقافتنا. وفي هذا الصدد، تشكل علاقة رجل السلطة بالفرقاء السياسيين والمنتخبين وهيآت المجتمع المدني معبرا أساسيا لنجاحه في مهمته. هاته العلاقة التي يجب أن يطبعها الاحترام والثقة والتفهم المتبادل لدور الآخر وحدود تدخله، مع جعل القانون ومصلحة البلاد فوق كل اعتبار. ويمثل الورش الاقتصادي مجالا آخر لدور جديد ينتظر رجل السلطة، ويتمثل في المساعدة على خلق المناخ المناسب للاستثمار، وزرع الثقة لدى الفاعلين الاقتصاديين، وفض النزاعات الاجتماعية، والتحلي بروح المبادرة والابتكار لتحسين الإنتاجية والتنقيب عن القطاعات الواعدة واستباق المشاكل قبل وقوعها. تلكم إذن كانت مجموعة من الأدوار الجديدة التي أصبح لزاما على رجل السلطة استيعابها، والتي فرضتها الظروف الراهنة التي تعيشها بلادنا وسعيها الأكيد إلى تدارك ما فات والتطلع إلى المستقبل بعزم وجد وثبات. غير أن مايجب التأكيد عليه في هذا السياق، أن هاته المهام الجديدة لا يجب أن تنسي رجل السلطة دوره الأساسي والتقليدي في استتباب الأمن وحفظ الاستقرار والطمأنينة والسكينة والصحة العامة، وحماية الأفراد والممتلكات والذي يتعين عليه جعله من أولوياته المطلقة، خاصة داخل عمالتنا الحدودية التي تتطلب يقظة دائمة وحرصا مستمرا. حضرات السيدات والسادة، مما لا شك فيه أن الدور الجديد الذي أضحى موكولا للسلطة الإدارية المحلية أصبح يتطلب نموذجا جديدا لرجل السلطة، ولعل هذا ما حدا بوزارة الداخلية إلى تدشين إصلاحات عميقة لمسايرة مستجدات المرحلة. ويتمثل الإصلاح الأول في إعادة النظر في تكوين رجال السلطة عبر إعادة هيكلة مدرسة استكمال تكوين أطر وزارة الداخلية، مع مراجعة برامج التكوين عبر إدماج مناهج متطورة ومواد جديدة وتداريب ميدانية من أجل إعطاء الخريجين الجدد الأدوات الضرورية للإضطلاع بمهامهم وفق المنظور الجديد القائم على القرب، والحكامة الجيدة، والتواصل الفاعل، والمواطنة الحقة والمعرفة الواسعة بجميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ومن أهم مظاهر هذا الإصلاح كذلك، فتح المجال أمام العنصر النسوي لولوج سلك السلطة في إطار سلسلة المبادرات الرامية إلى تكريس المساواة في الحقوق والواجبات بين المرأة والرجل. وضمن هذه الحركة الانتقالية حظيت عمالة وجدة أنكَاد بتعيين خريجة جديدة سيتم تقديمها إليكم رفقة زملائها بعد قليل. أما الإصلاح الثاني، فيتجلى في مراجعة النظام الأساسي الخاص برجال السلطة والذي تفضل مولانا المنصور بالله بالموافقة عليه بمناسبة عيد العرش المجيد لسنة 2008، وهو مكسب مهم يفتح صفحة جديدة في الحياة الإدارية لسلك السلطة مبنية على تحديد واضح للحقوق والواجبات ويفرض بالمقابل على مؤسسة السلطة الالتزام بالمثالية وضمان المردودية والإنتاجية المناسبة. وإلى جانب هاته الإصلاحات، شرعت وزارة الداخلية في تنفيذ مخطط خماسي يمتد إلى غاية سنة 2012 لتقوية وتحديث الإدارة الترابية والمصالح الأمنية عبر توزيع عقلاني ومتوازن للوحدات الإدارية على التراب الوطني، وهو ما سيترجم بإحداث وحدات إدارية جديدة من قيادات ودوائر وباشويات. ويشمل نفس المخطط العناية بالبنايات الإدارية المخصصة للسلطة لضمان ظروف أفظل للعمل ولاستقبال الشركاء والمواطنين، بالإضافة إلى تزويد رجال السلطة بالطاقات البشرية من أطر وموظفين وأعوان السلطة ورجال القوات المساعدة، إلى جانب الوسائل المادية الكافية لتوفير الشروط الكاملة لأداء مرفق السلطة لمهامه على الوجه المطلوب. وبهاته الإصلاحات تكون قد اكتملت جميع الشروط ليكون رجل السلطة في الموعد ويبرهن عن جاهزيته للانخراط بجدية واحترافية في مسلسل التنمية الشاملة لبلادنا. حضرات السيدات والسادة، إن عمالة وجدة أنجاد ليست في معزل عن الدينامية والتحولات التي تعرفها بلادنا، بل إنها في صلب هاته الدينامية بفضل الاهتمام والرعاية السامية لصاحب الجلالة، ولا أدل على ذلك من الزيارات الملكية الميمونة لهاته الربوع كل سنة منذ تولي جلالته عرش أسلافه المنعمين. وبفضل هاته العناية الملكية الغالية، فإن مدينة وجدة بصدد التحول إلى قطب اقتصادي جديد ومتميز وفق تصور محكم وأهداف محددة. وتبعا لذلك، فإن رجال السلطة مدعوون إلى الانخراط بقوة وفاعلية في الأوراش المفتوحة بهاته العمالة التي تنتظر من رجال السلطة الجدد مضاعفة البذل والعطاء، والتحلي بمكارم الأخلاق، والتفاني والتضحية، والإيمان القوي بنبل مهمتهم وبمستقبل مدينتهم، والعمل على كسب احترام وعطف المواطن. وبالمقابل، فإن جميع فعاليات العمالة، من فرقاء سياسيين ومنتخبين ومسؤوليين إداريين واقتصاديين ومهنيين ومجتمع مدني، مدعوة إلى تسهيل مأمورية رجال السلطة وتقديم جميع أشكال الدعم والمساندة لهم في إطار الاحترام المتبادل والغيرة الصادقة على المصلحة العامة ومستقبل هاته المدينة. فكل التوفيق والنجاح نتمناه لرجال السلطة الجدد الذين نأمل ان يستوعبوا بسرعة كنه الدور المنوط بهم وخصوصيات وإيقاع العمل داخل عمالة وجدة أنجاد. حضرات السيدات والسادة، لا يمكن ان أختم كلمتي هاته بدون أن أنوه بالمجهودات التي بذلها رجال السلطة الذين غادرونا في اتجاه عمالات وأقاليم أخرى بعد سنوات من العمل بهاته العمالة كانوا خلالها مثالا للمثابرة والتضحية، متمنيا لهم حظا موفقا في مناصبهم و أماكن تعيينهم الجديدة. ورغم معرفتي بهم لمدة قصيرة نسبيا فقد عرفت فيهم ما يكفي من الجدية والمثابرة التي تجعلهم محط تقدير واحترام، فلهم مني جزيل الشكر والعرفان. وفقنا الله جميعا لما فيه خير هذا البلد الأمين تحت القيادة الرشيدة لمولانا المنصور بالله صاحب الجلالة الملك محمد السادس أدام الله عزه ونصره. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.