رغم مرور حوالي 4 أعوام على رحيله ، إلا أن لحظة إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين مازالت تتصدر وسائل الإعلام خاصة في ظل التصريحات المتضاربة بين حكام بلاد الرافدين الجدد والمحامي خليل الدليمي حول حقيقة ما حدث بالفعل. ففي حين ألمح بعض حكام العراق الجدد إلى أن صدام كان خائفا لحظة إعدامه ، نفى محاميه خليل الدليمي بشدة صحة هذا الأمر ، مؤكدا أنه كان مبتسما وهو يستقبل الموت . ويبدو أن شهادة الدليمي وجدت أخيرا آذانا صاغية خاصة وأن الاعترافات جاءت هذه المرة من أحد جنود الاحتلال الذين أطاحوا بحكم صدام . ففي 29 شتنبر، نشرت وسائل إعلام أمريكية وعربية مضمون رسالة بعث بها جندي أمريكي لزوجته يصف فيها اللحظات الأخيرة في حياة الرئيس العراقي السابق صدام حسين والتى سبقت تنفيذ حكم الإعدام فيه . ووفقا لما جاء في الرسالة ، فإن الجندي الأمريكي وصف صدام بأنه كان متماسكاً بدرجة أقرب إلى المعجزة وكان مبتسماً من على منصة الموت. وأضاف " صدام ابتسم بعد أن نطق بالشهادة قبيل إعدامه وظل مبتسماً حتى فارق الحياة " ، مشيراً إلى أن صدام وقف وكأنه يشاهد شيئاً ما بعث السرور في قلبه ولذلك ردد لفظ الشهادة أكثر من مرة حتى فارق الحياة. ونقلت صحيفة "السوسنة " الأردنية عن الجندي الأمريكي القول أيضا في هذا الصدد :" صدام كان ينظر إلى المنصة التي يقف عليها غير آبه ، بينما كان جلادوه خائفين والبعض منهم كان يرتعد خوفاً والبعض الآخر كان خائفاً حتى من إظهار وجهه ، فقد تقنعوا بأقنعة شبيهة بأقنعة المافياً وعصابات الألوية الحمراء فقد كانوا خائفين بل ومذعورين ". واستطرد " لقد كدت أن أخرج جرياً من غرفة الإعدام حينما شاهدت صدام يبتسم بعد أن قال شعار المسلمين (لا إله إلا الله محمد رسول الله).. لقد قلتُ لنفسي يبدو أن المكان مليء بالمتفجرات فربما نكون وقعنا في كمين وقد كان هذا استنتاج طبيعي ، فليس من المعقول أن يضحك إنسان قبل إعدامه بثوان قليلة". واختتم الجندي الأمريكي رسالته لزوجته قائلا : "أؤكد لك أنه ابتسم وكأنه كان ينظر إلى شيء قد ظهر فجأة أمام عينيه..ثم كرر شعار المسلمين بقوة وصلابة وكأنه قد أخذ شحنة قوية من رفع المعنويات.. لقد كان ينظر إلى شيء ما!!". شهادة الدليمي ورغم أن البعض قد يستغرب ما سبق حيث أنه أشبه ب "المعجزة" ، إلا أنه بالنظر إلى أنه صادر عن جندي أمريكي يكره صدام ولا يعرف على الأرجح عن عقيدة المسلمين شيئا ، فإن هناك من نظر إليه بعين الاعتبار خاصة وأنه يتفق إلى حد كبير مع ما جاء في كتاب بعنوان "صدام حسين من الزنزانة الأمريكية..هذا ماحدث" لمؤلفه خليل الدليمي . ففي الفصل الخامس والعشرين من الكتاب ، يعرض المحامي خليل الدليمي تفاصيل إعدام صدام ، قائلا :" في الساعات الأولى من ليلة الجمعة، قبل الإعدام، اصطف بعض الضباط الأمريكان، منهم قائد المعتقل، وقاموا بتوديع الرئيس الذي طالب بتوديع أخويه برزان وسبعاوي". وأضاف "تمضي الساعات، وقضى الرئيس تلك الليلة كعادته على سريره بعد صلاة العشاء يقرأ القرآن، بعد أن أبلغه الضابط الأمريكي، قائد المعتقل، بأن موعد الإعدام سيكون فجرا، كان حراسه الأمريكان يراقبونه بكل حذر، اعتقادا منهم بأنه ربما يشنق نفسه، وفي الرابعة فجرا، قدم الى غرفة الرئيس قائد المعتقل، وأخبره بأنهم سيسلمونه للعراقيين، وسأله عما يطلب ، توضأ الرئيس وأخذ المصحف وقرأ ما تيسر له في ذلك الوقت القصير ثم طلب أن تسلم حاجياته الشخصية إلى محاميه ومن ثم إلى كريمته رغد وطلب منهم أن يبلغوا كريمته بأنه في طريقه إلى الجنة للقاء ربه بضمير مرتاح ويد نظيفة وسيذهب بصفته جنديا يضحي بنفسه وعائلته من أجل العراق وشعبه". وتابع الدليمي قائلا في الكتاب :"ارتدى صدام بذلته الرمادية مع قميصه الأبيض ومعطفه الأسود ووضع صدارى بغدادية على رأسه ثم ارتدى السترة الواقية التي كان يرتديها حين يذهب إلى المحكمة أو حين لقاء محاميه في معسكر كروبر جنوبي مطار بغداد الدولي". واستطرد " استقل صدام وأفراد حراسته الأمريكان إحدى العربات المخصصة لنقل الرئيس وهى مدرعة تحمل علامات الصليب الأحمر الدولي ثم نقل بعدها إلى إحدى طائرات البلاك هوك الأمريكية وقد طلب منهم عدم تغطية عينيه حيث تأمل بغداد وربما كانت بغداد تلقي على ابنها الراحل نظرة حب أخيرة ، اخترق سماء بغداد كأنه كان يلقي عليها نظرة الوداع الأخيرة ، كأن هذه المدينة التي بناها وأعزها ومنحها عمره ترحل رويدا رويدا تتوارى بعيدا وما هي إلا دقائق معدودة حتى حطت الطائرة في معسكر أمريكي يقع داخل منظومة الاستخبارات العسكرية السابقة الواقعة على الجانب الغربي لنهر دجلة في منطقة الكاظمية حيث قسمت هذه المديرية في زمن الاحتلال إلى ثلاث مناطق، إحداها أصبحت معسكرا أمريكيا، والثانية تتبع لما أسموه بقوات حفظ النظام، والقسم الآخر يتبع دائرة الحماية القصوى التابعة لوزارة العدل في حكومة المالكي ". وأضاف الدليمي " نزل الرئيس من الطائرة في المعسكر الأمريكي فغطوا عينيه بنظارات داكنة يستخدمها الجيش الأمريكي عند نقل الأسرى من مكان إلى آخر ، كان الرئيس محاطا بعدد من الأمريكيين وادخل إلى دائرة الحماية القصوى وهنا انتهى دور الحراس الأمريكان عند أول بوابة ، فعادوا أدراجهم". وتابع "بعد نزع سترة الرئيس الواقية والنظارة ، أدخل إلى أول قسم في الدائرة وهو مكافحة الإرهاب وهذا القسم مختص بتنفيذ الإعدام بحق قادة وأبطال العراق ، كانت الساعة الخامسة والنصف فجرا وحين دخول الرئيس شاهد أقفاصا حديدية فيها رجال من العراقيين والعرب المقاومين الصادرة بحقهم أحكام الإعدام ". وأضاف الدليمي أيضا " الرئيس نظر إليهم مبتسما وباعتزاز فقد عرف مواقفهم البطولية من خلال وقوفهم هناك وأكمل سيره باتجاه إحدى الغرف محاطا بحراسة من الميليشيات الطائفية الذين كانوا يشتمونه بسبب الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي ، في تلك الأثناء، كانت فرق الموت من ميليشيا جيش المهدي تحيط بمديرية الاستخبارات العسكرية وقد عقدت العزم على اقتحام المديرية حيث يتواجد الرئيس لاختطافه وتسليمه إلى إيران مقابل مبالغ خيالية". واسترسل "تأخرت عملية الإعدام بعض الوقت لحين مجيء مقتدى الصدر الذي تنفي بعض المصادر وجوده لأسباب معروفة كيلا تحرج حكومة المالكي ولا حتى الاحتلال نفسه ثم جاء مقتدى ومعه حراسه وحينما شاهد الرئيس جالساً يقرأ القرآن، قال له: ها شلون الطاغية؟ نظر إليه الرئيس باحتقار، مما حدا بأحد حراسه الى ضرب الرئيس بعقب بندقيته على رأسه". وتابع قائلا :" الرئيس عندها بدأ يهتف: يحيا الشعب، عاش الجهاد، تعيش الأمة، عاش العراق، عاشت فلسطين حرة عربية، يسقط العملاء نحن في الجنة وأعداؤنا في النار وهتف بوجه القاضي والمدعي العام: يسقط الفرس والأمريكان والعملاء ، وبعدها أدخل الرئيس إلى الغرفة المشؤومة ليواجه أمامه كل قادة فرق الموت ومنهم : عبد العزيز الحكيم، موفق الربيعي، علي الدباغ، سامي العسكري، بهاء الأعرجي ومريم الريس، وكذلك منتقد الفرعون ولم يتواجد أي إمام سني كما ادعوا". وأضاف الدليمي أيضا "مشى الرئيس صدام حسين بكل كبرياء وشموخ، مستقبلاً قدره بإيمان عميق، واستقبلته هذه الجماعات بالشتم والكلام البذيء والهتافات المعادية، بل حاول بعض هؤلاء المسئولين وقادة فرق الموت الاعتداء على الرئيس وضربه، وهو مكبل اليدين، لكنه كان صامداً شامخاً رابط الجأش ، رد عليهم قائلاً: أنتم خونة.. عملاء.. أعداء الشعب.. تسقط أمريكا وعملاؤها.. مؤشراً برأسه إليهم.. وكان موفق الربيعي يشتمه متشفياً، قال له الرئيس.. انتم ارهابيون.. ارهابيون.. ثم.. تعيش المقاومة.. يعيش الشعب.. يعيش العراق.. تعيش فلسطين.. تعيش الأمة العربية. ثم أضاف أنه خدم العراق، وقام ببنائه". واستطرد " في تلك الأثناء قام مصور المالكي علي المسعدي بتسجيل اللقطات وتصويرها ، ثم فك سفاحو المليشيات الأصفاد من الأمام وأوثقوا يدي الرئيس من الخلف، واستبدلوا السلسلة التي كانت تتدلى بين قدميه بوثاق آخر خاص بحالات الإعدام ، طلب الرئيس من المدعي العام منقذ الفرعون تسليم القرآن الذي كان برفقته إلى أحد الأشخاص (المحامي بدر البندر) كي يقوم بتسليمه إلى عائلته". وتابع قائلا :" وقف الرئيس أمام حبل المشنقة، بكل شموخ وصبر وإيمان، كما شاهده العالم أجمع ، وهذا المشهد العظيم للرئيس، كان عكس ما قاله الربيعي من أن الرئيس صدام حسين بدا خائفاً ، صعد إلى المشنقة وهو يقول: يا الله يا الله ، وقف أمام الحبل بكل شجاعة وبعزيمة قوية لا تلين". وأضاف " استخدمت في الحبل الذي شنق به صدام 39 عقدة ، رفض الرئيس وضع الكيس الأسود على رأسه وسمح لهم أن يضعوه على عنقه تحت الحبل ، هذا الحبل أخذه الأمريكان من جندي صهيوني وصنع بطريقة مخالفة للقانون من حيث الطول ونوعية الحبل وقد وضع على عنق الرئيس كما أراد". واستطرد " قبل ذلك، دخل إلى القاعة أحد الجنود الأمريكان من أصل يهودي، فأخذ يقيس طول الحبل حتى وصل إلى 39 عقدة وهو عدد الصواريخ التي أطلقها العراق على تل أبيب في العام 1991 والتي كانت من أسباب حقد الصهاينة على الرئيس صدام حسين والسعي لإعدامه، فطلب من الحاضرين أن يزودوه بآلة قطع فأعطاه أحد رجال العصابة سكين جزار، والتي كانت معدة ليقطعوا بها عنق الرئيس ويفصلوا الرأس عن الجسد لكي يحتفلوا بعدها بحمل الرأس ويطوفوا به بمسيرات طائفية كبيرة تشفياً به". وأضاف " نطق الرئيس بالشهادة كاملة ولم يدعوه يكمل النطق بالشهادة للمرة الثانية ، هوى الجسد الطاهر من تلك الفتحة اللعينة وقد أطيل الحبل وبشكل متعمد كي يسقط الرئيس حياً على الأرض ويقتلوه ركلاً وفعلاً هوى الرئيس على الأرض ورفع رأسه مبتسماً إلا أنهم قاموا بركله وضربه بشدة". وعن دلالات المكان الذي نفذ فيه حكم الإعدام ، قال الدليمي في الكتاب :" إن تنفيذ عملية إعدام الرئيس ورفاقه في مبنى الاستخبارات كان له أكثر من مغزى، فضلا عن أنه مطلب إيراني جاء بالتنسيق مع أتباعهم في حكومة المالكي ، فقد جرت عملية الإعدام ( القتل ) في مبنى الشعبة الخامسة في مديرية الاستخبارات العسكرية سابقا في خطوة ذات دلالات تتصل بالحقد الصفوي على العراق وقائده وهى الشعبة التي كانت تتولى تزويد القوات المسلحة العراقية بالمعلومات عن العدو الإيراني أثناء الحرب العراقية الإيرانية ، ولذلك فقد اختير هذا المبنى للدلالة على روح الانتقام الإيرانية من العراق الذي تمكن بقيادة الرئيس صدام حسين من صد الحملة الخمينية الرامية لغزوه واستباحة أرضه ومن ثم غزو الدول العربية في الخليج والجزيرة". وأضاف الدليمي " المخاوف أخذت بالازدياد بعد استشهاد الرئيس حيث انتفض الشعب في أغلب محافظات العراق ومدنه للتنديد بجريمة الاحتلال وأعوانه رغم التكتم الإعلامي وحظر التجوال والإجراءات الأمنية الصارمة ، جاءت التعليمات الأمريكية بعدم الموافقة على نقل جثمان الشهيد إلى خارج العراق وتقرر أن يدفن في الساعة الثالثة والنصف فجرا في المكان الذي ولد فيه.. أي في العوجة". واقع مأوساي وبصرف النظر عما قاله الدليمي وقبله الجندي الأمريكي وإلى حين تتضح الحقائق كاملة حول حقيقة ما حدث منذ احتلال العراق في عام 2003 ، فإن الأمر الذي لا جدال فيه بحسب كثيرين هو أن العراق لم يكن أسوأ حالا مما هو عليه اليوم . صحيح أن نظام صدام ارتكب أخطاء لا تغتفر بحق معارضيه وجيرانه ، إلا أن الوقائع على الأرض وتصريحات مسئولى الاحتلال أنفسهم تظهر أيضا أن حال الشعب العراقي تحت حكم صدام كان أفضل بكثير مما هو عليه اليوم ، فهو لم يعد محروما من حقوقه السياسية فقط وإنما أيضا من السيادة الوطنية ومن الأمن ومن أبسط ضروريات الحياة وتحول هذا البلد ذى التاريخ الحضارى الكبير إلى بلد ممزق ومنقسم تنهشه الخلافات السياسية والصراعات الطائفية ، ما يبرهن أن الاحتلال لايمكن أن يجلب "الديمقراطية والحرية" بل يجلب القهر والدمار. ولعل هذا ما أكدته بالفعل صحيفة "الجارديان" أيضا التي انتقدت مؤخرا الحملات الدعائية التي تقوم بها الولاياتالمتحدة وبريطانيا لإقناع الشعوب الغربية بأن الحرب على العراق حققت أهدافها ، مؤكدة أن تلك المحاولات لاتعدو كونها محاولة لحفظ ما بقي من ماء الوجه وتجميل الوجه القبيح لهما أمام أفظع عمل إجرامي للغرب في العصور الحديثة. وأضافت الصحيفة أن الحرب على العراق لا تلاقي ترحيباً ولا دعماً عراقياً لها ، بل إن العراقيين أكدوا في استطلاعات الرأي الأخيرة أنهم غير راضين عن القوات البريطانية والأمريكية في بلدهم وأنهم يريدون خروجها من بلادهم بأسرع وقت ممكن. وأوضحت أن الوقائع في العراق تظهر أن العراق ليس أفضل حالاً بوجود القوات الأجنبية ، لافتة إلى أن السبب الوحيد الذي يجعل الرأي العام الغربي يشعر بانخفاض عدد القتلى من العراقيين أو من القوات الأجنبية هو التعتيم الإعلامي الذي تنتهجه القوات الأمريكية التي تخفي الأعداد الحقيقية للقتلى وتتستر عن عشرات الآلاف من المساجين الذين تحتجزهم دون محاكمة ، بينما لايزال هناك 4 ملايين لاجئ عراقي لايستطيعون العودة إلى بلدهم. واتهمت في هذا الصدد الولاياتالمتحدة بأنها أول من بدأ باستغلال الدين والطائفة في العراق حيث قسمت الإدارات والمؤسسات الحكومية العراقية بشكل طائفي وبذلت الكثير من الجهود لإثارة النعرات الطائفية بين أطياف المجتمع العراقي. واختتمت الجارديان بقولها:" إن الولاياتالمتحدة استخدمت نظاماً استعمارياً قديماً هو التقسيم الطائفي في العراق وجلبت للعراقيين الكثير من الدمار والحزن وجلبت لنفسها خسارة استراتيجية كبيرة على جميع الصعد العسكرية والاقتصادية والأخلاقية". واشنطن تتحسر ويبدو أن واشنطن هي الأخرى أدركت وإن كان متأخرا جدا فشل سياستها في التخلص من صدام ، فهي كانت تعتقد أن الأمور ستستقر لها فور إسقاط نظامه وستتضاعف ميزانيتها من نهب النفط العراقى إلا أن المقاومة كانت لها بالمرصاد وفاقت خسائرها بمراحل كثيرة ما حصلت عليه ، بل وتراجعت شعبية الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش إلى أدنى مستوى لها عند خروجه من السلطة ، وصار خلفه أوباما يبحث هنا وهناك عن حل يحفظ ماء وجه أمريكا . فقد جاء في تقرير نشره موقع "العرب أون لاين" الإلكتروني مؤخرا نقلا عن سياسيين أمريكيين أن واشنطن لم تكن تتصور حجم الفوضى التى خلفها إسقاط نظام صدام ، حيث كانت تتصور أن الفوضى التى أطلقتها ستقدر على التحكم فيها وتحسن توظيفها، لكنها ارتدت عليها وأصبح العراق ملتقى للتدخل الإيرانى والتركى والإسرائيلي ، فضلا عن تمركز القاعدة التى عولمت المواجهة في العراق وأفقدت المناورات السياسية الأمريكية جدواها. وأضاف التقرير " الأمريكيون نادمون على ضياع زمن صدام حيث يشعرون بجسامة الخطأ الذى ارتكبوه حين أطاحوا بسلطة متماسكة وذات شعبية وزرعوا بدلها عملية سياسية مشوهة لجمعها بين فرقاء لامشترك بينهم سوى محاولة ملء فراغ مابعد صدام ، فأغلبهم بلا تجربة وتسيطر عليهم الانتماءات الطائفية والتجاذبات الخارجية والعراق آخر مايمكن أن يفكروا به ". واختتم التقرير قائلا :" المناورات السياسية الأمريكية ما تزال تراوح مكانها لأنها تحصر نفسها فى الأطراف المساهمة فى العملية السياسية، وهى أطراف لا يمكن أن تضمن لها انسحابا مشرفا ، الحل يبدأ من قناعة إدارة أوباما بأن المهمة فى العراق فشلت عسكريا وسياسيا واقتصاديا وأن الاستمرار مضيعة للوقت ثم البحث عن الطرف الحقيقى الذى يضمن الانسحاب المشرف". والخلاصة أن أوضاع بلاد الرافدين في ظل نظام صدام حسين كانت أفضل بكثير مما هي عليه بعد 7 سنوات من الاحتلال .