تميز الدخول السياسي الحالي بأجندة مكثفة بالنظر للملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي من المنتظر أن تنكب الطبقة السياسية والفاعلين الاجتماعيين على مناقشتها. وتأتي على رأس هذه الملفات، الجهوية الموسعة، وتطورات قضية الصحراء وعلاقة المغرب بمحيطه الإقليمي ومواصلة الإصلاحات الكبرى في الميدان الاقتصادي أساسا، دون إغفال تحركات وتموقعات الأحزاب السياسية في أفق الاستعداد لانتخابات 2012. مشروع الجهوية الموسعة على طاولة النقاش العمومي يتوقع أن ينكب الفاعلون السياسيون على مناقشة مشروع الجهوية الموسعة وتقديم اقتراحاتهم حول أنجع السبل لتطبيق هذا الورش الهام باعتباره مشروعا جديدا لبنية سياسية جديدة لتدبير الشأن العام بالمغرب. وقال عبد الله ساعف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس أكدال ورئيس مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، " إنه من المنتظر أن تقوم اللجنة الاستشارية للجهوية في غضون الأشهر القليلة القادمة من إصدار تقريرها التركيبي بهذا الخصوص "، معتبرا أن ذلك سيشكل " محطة مهمة في إطار تطلع الدولة وإرادتها نحو إصلاح جانب أساسي من المؤسسات والذي ستكون له تبعات محورية في المستقبل ". أما نذير المومني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس السويسي، فيرى أن الأحزاب السياسية ستقوم في مرحلة ما قبل إصدار التقرير التركيبي للجنة الاستشارية للجهوية بتدقيق عروضها ومقترحاتها في مختلف الجوانب خاصة منها المتعلقة بالمالية المحلية والجبايات والتقطيع الترابي وتطبيق ما سماه بالعرض العمومي لمشروع الجهوية الموسعة. وبموازاة مع أعمال اللجنة، يضيف الأستاذ المومني، فإن الحكومة ستكون مدعوة للانكباب على وضع عرض عمومي يتمثل في إعداد ميثاق لعدم التمركز يقوم على نقل الصلاحيات والموارد البشرية والمالية اللازمة. الأزمة المالية العالمية وأثرها على الملفين الاقتصادي والاجتماعي من المنتظر أن يثير مشروع القانون المالي للسنة المقبلة جدلا في ظل جهود الحكومة المتواصل من أجل الخروج من تداعيات الأزمة المالية العالمية وهو ما قد ينعكس سلبا على الجانب الاجتماعي. وأكد الأستاذ المومني أن دراسة مشروع الميزانية " ستشكل محطة لمناقشة قضايا محورية تتعلق على الخصوص بآثار الأزمة العالمية والخيارات المتعلقة بنفقات التسيير في ظل الحديث عن عزم الحكومة انتهاج سياسة ترشيد النفقات ". ومن المتوقع أن تشهد هذه السنة مواصلة الإصلاحات الجوهرية والانخراط في توجهات تتمثل في النهوض بالتنمية المستدامة ورفع تحديات الانفتاح والتنافسية وتوطيد الحكامة الجيدة وكذا إعادة هيكلة القطاعات التي أبانت الأزمة على محدودية قدراتها. كما سيهيمن على الدخول السياسي أيضا ملف الحوار الاجتماعي نظرا لبقاء بعض الملفات المطلبية عالقة في حوار الحكومة مع المركزيات النقابية. قضية الوحدة الترابية وعلاقة المغرب بمحيطه الإقليمي أكد الأستاذ ساعف أن الدخول السياسي سيتميز باستحقاقات أخرى تفرض ذاتها بقوة اجتماعية ودولية ورمزية مرتبطة بالهوية وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية للمملكة. فمسألة الدفاع عن الوحدة الترابية وعن مصداقية وجدية المقترح المغربي القاضي بمنح حكم ذاتي للأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية تظل من أولى الأولويات التي تتطلب تعبئة شاملة من الجميع لإحباط مناورات أعداء الوحدة الترابية للمملكة خاصة بعد المكاسب الكبيرة التي حققها المغرب في هذا الملف والمتمثلة بالأساس في الدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي. كما أنه من المنتظر، يضيف الأستاذ ساعف، أن تطغى قضية العلاقات المغربية - الاسبانية على الدخول السياسي الحالي خصوصا بعدما عرفته هذه العلاقات في الآونة الأخيرة من نوع من "الأخذ والرد". * دخول سياسي على إيقاع الاستعدادات لانتخابات 2010 * من المتوقع أن يشكل التحضير للاستحقاقات الانتخابية المقبلة لسنة 2012 من خلال إعادة النظر في القوانين والتنظيمات المؤطرة لها، محور انشغال الطبقة السياسية خلال الدخول السياسي الحالي. وفي هذا الإطار يتوقع الاستاذ ساعف أن تظهر خلاصات ما سبق حول القوانين والتنظيمات المرتبطة بالأحزاب والانتخابات، مضيفا أن تلك القوانين غالبا ما يدخل فيها ما أسماه ب"النفس السياسي" من حيث الاختيارات والتوجهات. أما الأستاذ نذير المومني فيرى أن الأحزاب في هذه المرحلة ستحاول التموقع في فترة ما قبل سن التشريعات (مدونة الانتخابات، المقتضيات المتعلقة بتخليق العملية الانتخابية، نمط الاقتراع، التقطيع الانتخابي.. )، مشيرا إلى أن عروض الأحزاب ستتراوح بين المطالبة بالعودة إلى الاقتراع الأحادي وبين تعميم نظام اللائحة الوطنية.