كل يوم تقع حادثة سير مميتة بسبب الخمر... كل يوم نشاهد عشرات المواطنين متجمهرين أمام أقسام المستعجلات ومصلحة الإنعاش لتفقد أحوال المصابين والجرحى من ضحايا حوادث السير بسبب الخمر... وتنتهي المسألة بإقامة الجنائز والمآتم والتأبين والبكاء والنحيب. و تستمر الحياة، و يستمر تجار الموت في بيع الخمور نهارا جهارا ونحن لا يفصلنا على رمضان المبارك إلى أياما معدودات... لنتصور أن مواطنا واحدا مات بسبب مفخخة وضعها أحد "الإرهابيين" أو المتشددين، ماذا سيكون رد فعلنا؟ ستقوم قيامة الأجهزة الأمنية وسنسمع عن الحادث في النشرات الإخبارية وعلى صفحات الجرائد وربما تتدخل الولاياتالمتحدة ومجلس الأمن وقصر الإيليزي...وتتعبأ كل مكونات المجتمع المدني لحماية الحق في الحياة. لكن موت العشرات بسبب حرب الطرقات الناجمة في أغلبها عن تناول الخمر التي تباع في "مرجان" و"ميترو" لا تحرك فينا ساكنا. من ضحايا هذه الحوادث في وجدة الشاب الداعية عبد الرحيم غزيوي رحمه الله، الذي بكاه الأطفال في جمعية النهضة كما يبكون على فقدان والدهم. هو المعيل الوحيد لأسرته الفقيرة. وأخوه الضحية الثانية في نفس الحادثة لا زال يرقد في المستشفى. لما بلغني الخبر، تذكرت ذلك الحادث المؤسف في طريق جرادة والذي قتل فيه مدير مدرسة ومعلم شاب كان قد نجح في مباراة الدخول إلى مركز تكوين المفتشين وكان مقبلا على الزواج رحم الله الجميع. إن متاجر الخمر معروفة في وجدة وهي تقدم خدماتها للكبير والصغير لا تميز بين التلميذ ولا المراهق ولا القاصر و لا الراشد. همها جمع الأموال وتكديس الثروات وانتفاخ بطون تجار الموت. قديما كان باعة الخمر في الدكادين يحترمون رمضان ويتوقفون عن بيع الحرام 40 يوما قبل حلول شهر الصيام وكان المشتري يضع البضاعة في كيس بلاستيكي أسود ويمشي مهرولا حتى لا يراه أحد من المارة. إرهاب الخمر له عواقب وخيمة على المجتمع وأصبح من المؤكد أنه السبب الرئيس في حرب الطرقات. ومن أضرار الخمر الاجتماعية صرف التلاميذ عن الدراسة والتحصيل، والزملاء المدرسون في مجالس التدبير أدرى بالموضوع. فكم من مرة ضبطنا تلاميذ داخل المؤسسة في حالة سكر؟ ولنا أن نتساءل عن دور الخمر في نسب الفشل الدراسي والهذر في الإعدادي والثانوي. إن المخططات الاستعجالية للحد من حوادث السير أو للحد من الهذر المدرسي يجب أن تتناول قضية الحد من ترويج الخمور بنوع من الشجاعة والمسؤولية. إن بائع الخمر والشاب المتهور الذي يحصد أرواح الأبرياء ب"مقاتلته" سيان في المسؤولية، ويجب أن يعلم كل من هاجم فتوى الدكتور أحمد الريسوني التي طالبت بمقاطعة متاجر الخمر أنه شريك في هذه الجرائم و سيتأكد من ذلك حين يفقد عزيزا له في نفس الظروف التي أشرنا إليها.