خلصت الدراسة السنوية الرابعة، التي أنجزها بنك المغرب سنة 2008، حول لجوء السكان إلى القروض وشركات السلف، إلى أن لجوء الشباب إلى الاقتراض بدأ يتراجع في المغرب، مقارنة مع بعض الدول، التي يلجأ فيها الشباب إلى مؤسسات الاقتراض بشكل كبير وأبرزت الدراسة، التي أصدر بنك المغرب نتائجها، على هامش انعقاد الجلسة الرابعة للمجلس الوطني للقرض والادخار، أن نسبة لجوء الفئة العمرية الأقل من 30 سنة ظلت مستقرة، خلال سنة 2008، في حدود 8 في المائة، ما يؤكد، حسب بنك المغرب، ضعف لجوء الشباب المغاربة إلى شركات السلف، كما أنه لا يجري إلا مرة واحدة، تكون مباشرة بعد الحصول على السكن، ودخل قار. وأضافت الدراسة أن معدل اللجوء إلى سلف الاستهلاك لدى الفئة العمرية بين 40 و49 سنة، تراجع بثلاث نقاط، ليسجل نسبة 35 في المائة، في حين، سجلت نسبة لجوء الأشخاص فوق 50 سنة ارتفاعا، إذ انتقلت من 35 في المائة، خلال سنة 2008، إلى 33 في المائة، سنة 2007. وأبرزت الدراسة أن 60 في المائة من القروض استفاد منها ذوو الدخل، الذي يقل عن 4 آلاف درهم، خلال 2008، مقابل 62 في المائة سنة 2007، في حين، أن حصة ذوي الدخل أكثر من 9 آلاف درهم، لم تنم إلى بنسبة 3 في المائة. وذكرت الدراسة أن حصة ذوي الدخل أقل من 4 آلاف درهم تراجعت بأربع نقاط، مقارنة مع 2007، إذ سجلت نسبة 44 في المائة سنة 2008، في حين، أن حصة ذوي الدخل أكثرمن 9 آلاف درهم ارتفعت بنسبة 30 في المائة، خلال 2008، مقابل 26، خلال 2007. واستنتجت الدراسة، أيضا، أن نسبة لجوء الموظفين إلى الاقتراض تراجعت، إذ انتقلت من 52 في المائة، خلال سنة 2007، إلى 36 في المائة، خلال سنة 2008، وفي المقابل لم تتغير حصة الأجراء في اللجوء إلى القروض، إذ ظلت مستقرة في 44 في المائة، مقارنة مع سنة 2007. أما حصة المتقاعدين في الاقتراض، فنمت، حسب البحث نفسه، بنسبة نمو ب 7 نقاط، خلال 2008، مقارنة مع 2004، لتسجل نسبة 9 في المائة من مجموع القروض، خلال 2008، وبنسبة 3 في المائة من سنة لأخرى. وأوضحت الدراسة أن الدارالبيضاء، والرباط، استمرتا في احتلال الصدارة في اللجوء إلى مؤسسات الاقتراض، إذ استحوذتا على نسبة 49 في المائة من مجموع القروض، كما نمت حصتهما في السلفات بثلاث نقاط، خلال سنة 2008. ولجأ سكان جهة الدارالبيضاء الكبرى إلى شركات السلف بنسبة 31 في المائة، متبوعة بجهة الرباطسلا زمور زعير بنسبة 18 في المائة، والجهة الشرقية بنسبة 9 في المائة، في حين لم تتجاوز نسبة لجوء سكان تادلة أزيلال 2 في المائة من مجموع القروض. ونجحت شركات التمويل، والبنوك، في تشجيع المواطنين على اللجوء إلى الاقتراض، مدفوعين بالارتفاع الكبير لأسعار المواد الاستهلاكية، مقابل استقرار المداخيل، الأمر الذي يؤدي إلى الإفراط من الاستدانة. وفي السنوات الأخيرة، ابتكرت الشركات المقترضة، وعددها 20 شركة، إضافة إلى البنوك، أساليب محفزة، تدفع الزبناء إلى الاقتراض، مثل طرح منتوجات جديدة، بشروط تصفها بأنها ميسرة، وغالبا ما تستهدف شريحة معينة، مثل الموظفين، والمتقاعدين، و"الزبناء الأوفياء"، ومثل إمكانية دمج القروض بعضها مع بعض، لتكون في "شهرية واحدة"، وقد تكون مرتفعة أو منخفضة، حسب المبلغ المقترض، ومدة التسديد، التي قد تصل إلى 60 شهرا. وتواجه الشركات المختصة منافسة شديدة من جانب البنوك، التي وجدت في هذا الصنف من السلفات عددا متزايدا من الزبناء، رغم ثقل مديونيتهم. وحسب جمعية شركات التمويل، يعزى ارتفاع قروض الاستهلاك إلى نمو القروض الشخصية، التي بلغت حوالي 22 مليار درهم، (ارتفاع بنسبة 15.6 في المائة)، والقروض المخصصة لاقتناء السيارات، بلغت 12.7 مليار درهم، (ارتفاع بنسبة 22 في المائة)، فيما سجلت القروض المخصصة للتجهيز المنزلي، التي بلغت 845 مليون درهم، في الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجارية، انخفاضا بنسبة 20.3 في المائة، ، مقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2008. وكانت الجمعية المغربية لشركات التمويل أفادت، أخيرا، أن القروض مع إمكانية التملك، سجلت ارتفاعا طفيفا بلغ 2.1 في المائة، ليصل مبلغها إلى 3 ملايير درهم. وتعزى هذه النتيجة إلى الأداء الجيد للقروض مع إمكانية التملك العقاري، التي ارتفعت بنسبة 4.3 في المائة، لتصل إلى 2.62 مليار درهم. وحسب الجمعية، سجلت القروض مع إمكانية التملك العقاري انخفاضا بنسبة 9.1 في المائة، منتقلة من 499 مليون درهم إلى 453 مليون درهم. وبلغت قيمة القروض الاستهلاكية، التي وزعتها الشركات المختصة، 30.6 مليار درهم، سنة 2007، مقابل 5 ملايير فقط سنة 1995، في وقت تراجع الإقبال على قروض التجهيز المنزلي، التي كانت في الصدارة، خلال التسعينيات، لتترك مكانتها لمجالات أخرى، خصوصا السكن والسيارات، إضافة إلى القروض المقترنة بالمناسبات. وكانت قروض الاستهلاك، التي منحتها الشركات والبنوك، شهدت نموا سنويا بلغ في المتوسط 30 في المائة، في النصف الثاني من التسعينيات، قبل أن يتراجع في السنوات الأخيرة، تحت تأثير متغيرات تنظيمية وقانونية، دفعت الشركات إلى نهج سياسة أكثر انتقائية، حسب ما أفاد بنك المغرب، على خلفية "موجة الإفراط في الاستدانة"، في تسعينيات القرن الماضي، وكذا خلال العقد الجاري. ولا تخلو ظاهرة الإفراط في الاقتراض من أجل الاستهلاك، من مخاطر، تصل في حالات عدة إلى التعلق بالسلف، من سنة إلى أخرى، ما يؤدي بالزبناء إلى إضعاف مداخيلهم، و"الاعتماد المستمر على الديون لتسديد الديون"، وبالتالي احتمال السقوط في دائرة الفقر، تحت تأثير الافتقار إلى الممتلكات. وكثيرا ما نبهت جمعيات حماية المستهلك إلى هذه الظاهرة، محذرة من أنها أحد الأسباب التي تلح على تنظيم قطاع قروض الاستهلاك، وفق ما يحمي المستهلك، ويجعله في مأمن من أي خطر.