رحل عنا صباح اليوم الزميل والصديق الشيخ مبطيل مدير جريدة "الشرق المغربية" وهو في ريعان الشباب، حيث فارق الحياة بمستشفى الفارابي بوجدة. وقد شيعت جنازته بعد عصر اليوم من مسجد بومدين بالواد الناشف، في موكب رهيب حضره أهل وأصدقاء الفقيد، ومعظم الزملاء الصحافيين بوجدة وبعض المراسلين من مدن أخرى. وقد تم دفنه بمقبرة الشهداء تارك نفوسا مكلومة ووجوها حزينة. وبرحيله المفاجئ هذا، تفقد الساحة الإعلامية بوجدة صحافيا يعتبر -ونوعية كتاباته تشهد له- نموذجا للاجتهاد والطموح والحركية والجرأة بالرغم من صغر سنه وتجربته القليلة في مجال الكتابة وفي الحياة. كان الشيخ مبطيل صحافيا مجتهدا ومبدعا، تناول ملفات ساخنة بكل جرأة وواقعية، كما حمل بدواخله هموم المواطن الوجدي البسيط من خلال تحقيقات ميدانية عن المستوى المتدني لمعيشة سكان بعض الأحياء الشعبية بوجدة، الشيء الذي أكسبه حبهم وتقديرهم باعتباره من الصحافيين القلائل الذين قاموا بمثل هذه التحقيقات العديدة من داخل وسط المعوزين والمهمشين. شاء القدر أن تخطف المنون حياة صديقنا مبطيل بعد مرور سنة عن صدور جريدته وجريدة المحرومين "الشرق المغربية"، واستطاع خلال هذه الفترة الوجيزة بفضل ذكائه وقربه من الأوساط المهمشة أن يفرض إسم جريدته بكل قوة على قرائها والمتتبعين، حيث كانت تعتبر – خلال حياة الراحل- استنادا إلى مصادر موثوقة الأكثر مبيعا في مدينة وجدة، لكونها كانت تنفرد بملامسة الواقع بمعطيات حقيقية مفصلة تقنع القارئ وتشفي غليله. ولولا وفاته المفاجئة للجميع والتي وضع حدا لطموحه، لأصبح الراحل مبطيل مع مرور السنوات علما من أعلام الصحافة تتباهى به وجدة والجهة الشرقية. كان الفقيد إنسانا مثقفا، متواضعا، بسيطا، رقيقا، حساسا، يتأثر بسرعة لأي واقع مؤلم. ومن أجمل ما يمكن أن يروى عن هذا الرجل، ما رواه لي زميلي وصديقي وأبو مبطيل الروحي الأستاذ عبد المجيد طعام عن موقفه تجاه سكان درب برحمون بوجدة، حيث أن الراحل سبق له أن قام بتحقيق ميداني عن الحالة المزرية التي يعيش عليها هؤلاء السكان، وكان قد تأثر كثيرا بما رآه من واقع حالهم، فقال للأستاذ: "سأعتمد في الصفحة الاولى على عنوان وصورة كبيرين يخصان سكان درب برحمون حتى ولو يصل الأمر إلى أن لا تباع جريدتي إلا إلى المسؤولين على أمل أن يقوموا بشيء تجاه السكان". رحمك الله يا فقيد الصحافة الراقية، وألهم ذويك جميل الصبر والسلوان، وأسكنك إن شاء تعالى فسيح الجنان، و"إنا لله وإنا إليه راجعون".