تحول المغرب إلى سوق رائجة للقرقوبي؟ الغوص في أعماق الأحياء الشعبية بالعديد من المدن المغربية يكشف النقاب عن سهولة شراء القرقوبي. محاولة التحقيق في الموضوع بمدينة وجدة، أهم مصدر للحبوب المخدرة إلى المدن المغربية، بعد دخولها من الجزائر يكشف عن حقائق مروعة. حدود مترامية الأطراف تمتد ل450 كيلومترا تشكل أرضا خصبة للتهريب، لا سيما أن هناك أزيد من مائة مسلك حسب بعض أفراد الجمارك. ''المقاتلات تغزو الطرقات'' وهي عبارة عن سيارات التهريب. سوق الفلاح بوجدة حيث يعرض العديد من الشباب أقراص الهلوسة. إنه عالم لا تحكمه ضوابط، على الرغم من أن بعض الحملات تطال المهربين، فقد سبق أن قُبض على أحدهم وبحوزته 20 ألف حبة قرقوبي في عملية واحدة، وهو ما يؤكد أن سياسة إغراق السوق المغربية بالقرقوبي باتت واقعا. وبين هذا وذاك توجد مسافة كبيرة تؤشر على تنامي معدلات الجريمة، وسقوط الشباب في براثين الإدمان، وهو ما تؤكده دراسة أنجزت من لدن غرفة التجارة والصناعة بوجدة، والتي كشفت عن استفحال الجريمة والفساد بسبب انتشار ''القرقوبي''، والتي طالت حتى المؤسسات التعليمية. إن الأقراص المهلوسة من بين أهم أسباب ارتفاع جرائم الاعتداء بالسلاح الأبيض والقتل والاغتصاب خلال السنوات الأخيرة، حسب دراسة أنجزت من لدن الإدارة العامة للأمن الوطني حول الجريمة وعلاقتها بالأقراص المهلوسة، ذلك أن إقبال المراهقين على تعاطي الأقراص المخدرة يكون سببا رئيسيا وراء انحرافهم وانضمامهم إلى عصابات إجرامية، وشبكات مختصة في ترويج المخدرات. فهل إلقاء القبض على 3 مروجين للقرقوبي قرب مؤسسات تعليمية في أقل من أسبوع مؤشر على تحرك المصالح الأمنية، أم أن الحادث لا يعدو أن يكون الشجرة التي تخفي غابة من الخفايا والجرائم؟ وسبق وكشف د.عمر حجيرة في إحدى جلسات الأسئلة الشفوية بالبرلمان عن أن المنطقة الشرقية لوحدها عرفت استهلاك 500 ألف حبة من القرقوبي خلال خمس سنوات. و أكد النائب البرلماني الاستقلالي هذا ، بعد عمل لجمعية يرأسها زارت 50 مؤسسة تعليمية و أعدت تقريرا أكدت من خلاله أن استهلاك القرقوبي في صفوف التلاميذ يتفاقم بشكل متصاعد . ومن يتذكر برنامج " تحقيق "الذي قدمته القناة الثانية " دوزيم " الذي عرض لقصة أم مدمنة على أكل القرقوبي نسيت لمن أعطت ابنتها ، فالبرنامج حاول أن يقدم صورة عن واقع المدمنين و المدمنات على القرقوبي من تلاميذ و فتيات وأمهات و شباب ، جعلني هذا الخبر أرجع إلى قناة الفقراء " يوتوب " و أكتب كلمة "karkoubi " و أضغط على "search " ليأتيني البرنامج في رمشة عين ، فحاولت أن أسمع بدقة إلى مايقوله هؤلاء المدمنين كما سمعت للسيد البرلماني الذي أفزعنا بذلك الرقم الذي يخص مدينة وجدة . " أنا هي الزينة كانت فالدار" هكذا تعبر هذه الأم ، بعدما فقدت جمالها و نظارة وجهها ، و السبب "القرقوبي " ، بل لم تفقد أغلى ما تتمناه المرأة الجمال ، بل ندبت يدها بندوب غائرة بآلة حادة ، و تعبر قائلة " المخير كيضرب لحمو" ، و تتابع قائلة إن القرقوبي لا يشكل بالنسبة لهؤلاء المدمنين أدنى حرج في تناوله أمام الناس أو شرائه أمام أعين المارة فالأمر عندهم كما يقولون عادي " بحالي كتشري الفنيد " ، مما جعل الأطفال يتقرقبون كذلك و منهم من سنه اثنا عشر سنة ، و تؤكد هذه السيدة أن المدمن على القرقوبي مصيره " التصطية " و التشر د في الأزقة ، لأن الإكثار من " الفنيد " كما تقول كيسطي بنادم " ، سميرة هذه هي ام لبنتين ، تقول عن البنت الاولى ؛ لا أعرف لمن أعطيتها و تتابع قائلة " منين كنتفكرها كتبورش لحم ديالي "، خسرت ابنتها الأولى بسبب القرقوبي الذي أنساها ابنتها و فلذة كبدها ، و تؤكد أنها كانت تأكل " سمطتين " لكن الآن تأكل "واحدة " لأنها كما تقول من الصعب أن تتركه وتضيف " إلمكانش القرقوبي مكاين والو " . تلميذ كان يدرس في الإعدادي مع أصدقائه ، يأتي إلى قسمه صباحا و يغادره مساء ، لكن بعد أن أدمن القرقوبي أعفى نفسه مشقة الذهاب و الإياب إلى المدرسة ، و طلق المدرسة طلاق ثلاثا لا رجعة فيه ، و ارتمى في حضن الإدمان ، و يعبر هذا التلميذ عن سخطه بما يعرفه حيه من كثرة " للبزناز " يجدهم صباح مساء واقفين كأعمدة الإنارة يلبون حاجيات المدمنين و يسهلون الإدمان على من هو في بدايته ، فهؤلاء هم السبب كما يقول التلميذ و بسببهم أصبح كل أبناء الحي يتعاطون إلى القرقوبي ويقول " كلشي كياكل القرقوبي " فما كان منه إلا أن انضم لمجموعة المدمنين " فدار بحالهم " لكي لا يبقى شاردا عن أبناء حيه الصغير منهم و الكبير ، وأوهمه أبناء حيه بسحر القرقوبي في جلب " الصرف " و كان قصدهم هو السرقة و نشل " الصيكان " و البورطابلات " ديال الدريات " ، فيبيعوا ما سرقوا ، و كل ما جمعوه من المال يصرفونه في شراء القرقوبي ، وإن لم يسرقوا يمارسون " التسول " . قد يقول قائل؛ إن الذين يتعاطون للقرقوبي هم من ذوي الفقر و التهميش فقط ، لكن الحال كما يبدوا من خلال الواقع هناك من يعيش في وسط اجتماعي لا بأس به و مع ذلك يدمن على "التقرقيب " فكما يقول هذا المدمن " دارنا مخصها حتى خير " و يضيف "شبعانين لعاقة "والحمد لله ، لكن يقع في حيرة ولا يقدر على الإجابة عن سؤال يعبرعنه بكلمة " معرفتش كفاش تبليت " . و من الفتيان إلى الفتيات ، القرقوبي لا يميز بين الذكر و الأنثى فكلاهما عنده في التقرقيب سواء ، تحكي هذه الفتاة عن التجربة الأولى التي تعاطت فيها لهذا المخدر قالت " كنت فقط أمزح " لكن المسكينة لم تعلم العواقب المدمرة التي ستعرفها حياتها ، و تتابع " مربحت والو هلكت غير صحتي " و ليس هذه واحدة بل هناك الكثير من الفتيات ممن يتعاطين للقرقوبي تركن منازلهن و خرجن للبحث عن ما يسكن إدمانهن ، حتى و لو أذهب عقلهن ، فيبقين خارج البيت عرضة للنوم في الشارع و فريسة للمتسكعين و المشردين . وبعد هذا ، قد تدهشنا الأرقام المفجعة كما صرح د.عمر حجيرة ، لكن الأرقام تبقى جامدة دون أن تقدم لنا صورة واضحة عن واقع هذه الظاهرة المعقدة التي تتداخل فيها الأمور السياسية والاجتماعية و الاقتصادية ، فبمثل هذه التصريحات تضفي على حبة واحدة من القرقوبي الخطورة و التدمير الذي تلحقه بالمجتع بنسائه و شبابه ولمحارة فعالة لهذه الظاهرة الخطيرة وجب انخراط كلي للمجتمع و الدولة للوقوف جنبا إلى جنب لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة ، و ذلك بأن يمارس جهاز الأمن دوره في حماية الأمن العقلي و النفسي لشبابنا و شاباتنا عبر التصدي لشبكات التهريب و الصرامة في مراقبة الحدود بين الجزائر و المغرب ، كما أن جمعيات المجتمع المدني ينبغي أن تتحمل مسؤولياتها في رعاية الشباب و تأطير لوقايتهم من مثل هذه الآفات الخطيرة و أن تدعم لتنمية الشباب و رعايتهم . "التجديد"و"الوعي المغربي" بتصرف